تتواصل عمليات اقتحام المسجد الأقصى بشكل متصاعد، وبطرق استفزازية عن عمد وإصرار، الهدف منها خنق المكان والتضييق على المصلين، في محاولات لخلق صورة بديلة، وسط ارتفاع أعداد المستوطنين الذين يقتحمون باحة الأقصى، وهم يعيثون فيها فسادًا، ويقيمون بعض الطقوس التلمودية تحت حراسة مباشرة من جنود الاحتلال، الذين يسمحون لتلك الجماعات بالدخول والاقتحام، كما يؤمنون طريقهم ويحرسونهم بالعتاد والسلاح، وهذه الصورة التي تصاعدت في العامين الأخيرين على نحو غير مسبوق، تأتي في ظل سياسة حكومية يمينية متطرفة تسعى لتهويد المكان وبسط سيطرتها عليه، بذَرائع واهية وقرارات عنصرية، ولا تكف عن دفع المستوطنين لتكرار عمليات الاقتحام من أجل تدنيس المقدسات، وهذه أفظع ممارسات التطرف والعنصرية التي يقودها بن غفير، الذي يتهدد ويتوعد بالمزيد من عمليات الاقتحام وعمليات التهويد، والتضييق على المقدسيين لإفراغ البلدة القديمة أيضًا من الوجود الفلسطيني المقدسي، كما يعمدون إلى منع المصلين من الوصول إلى المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، التي يتحضر المسيحيون للاحتفال فيها بميلاد السيد المسيح، بينما يُمنع مسيحيو الضفة وغزة من الوصول إلى المدينة المقدسة، وتُوضع العراقيل في وجه المصلين القادمين إلى كنيسة المهد وكنيسة القيامة، وعلى نحو خاص، فإن مسيحيي غزة يعيشون ظروفًا قاهرة، كحال أبناء شعبنا في غزة، بعد أن قُصفت الكنائس ودُمِّرت الأديرة بفعل القصف والإبادة، وهم ممنوعون من الوصول إلى بيت لحم والقدس، ولا يُسمح لهم بالصلاة في أكثر الأماكن قداسةً للدين المسيحي، خاصة في أيام الميلاد التي نعيشها هذه الأيام.
دعواتٌ لمواصلة عمليات اقتحام المسجد الأقصى من جماعات دينية متطرفة، وحصارٌ خانق على المصلين الذين يتعرضون للتفتيش والتنكيل وإجراءات قمعية عند كل باب من أبواب القدس. وأمام هذا كله، يبقى الصمت العربي والإسلامي والدولي على حاله، والقدس في عزلة عن محيطها الفلسطيني بفعل الحصار الخانق، وجدار الفصل العنصري، والإجراءات والقيود العسكرية المفروضة من قبل حكومة الاحتلال.
إن ما يحدث من اقتحامات واعتداءات، وما يُخطَّط له من قبل حكومة الاحتلال، يستدعي تدخلًا عاجلًا لحماية الأماكن المقدسة في القدس من غول التهويد، ومن عربدة المستوطنين. فالواقع ينذر بخطر شديد، وهذا التمادي لا شيء يوقفه إلا موقف دولي وإقليمي رادع، وقرار أممي ملزم، وما دون ذلك فإن الأقصى والقيامة عُرضة لمزيد من الاعتداءات، ومحاولات التهويد، فهل سيتحرك العالم، أم سيبقى على صمته المخزي المعهود.