"إقليم صومالي لاند نافذة استراتيجية لإسرائيل
نشر بتاريخ: 2025/12/28 (آخر تحديث: 2025/12/28 الساعة: 18:35)

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو أمس الاعتراف المتبادل في إقليم أرض الصومال أو ما يعرف بصومالي لاند الذي يشكل موقع استراتيجي للتجارة الدولية وأمن للملاحة العالمية وموقع يطل على ساحل البحر الأحمر وقريب من باب المندب. والذي ادركت إسرائيل أهميته بعد السابع من أكتوبر بعد التهديد التي واجهته من قبل الحوثيين كجبهة اسناد لقطاع غزة خلال حرب الإبادة الجماعية التي شنتها إسرائيل على الشعب الفلسطيني، وكذلك بعد ما تردد في اكثر من مناسبة وواقعة بان هذا الإقليم قد يقبل باستقبال الفلسطينيين على أرضية مقابل الاعتراف بشرعيته الذي لم يحصل على اعتراف فيه ككيان سياسي الا من قبل دولة إسرائيل، وتزايد بالآونة الاخيرة الاهتمام الدولي بالسيطرة على الموانئ البحرية في ظل تطور الاحداث والصراعات الإقليمية والدولية ، وكذلك المنافسة الدولية في منطقة القرن الافريقي وفي الوسط منها جمهورية الصومال الفدرالية، وهذه النافذة الاستراتيجية إلى إسرائيل ومن خلفها سيساعدهما في إعادة تشكيل الديناميكيات الإقليمية وزيادة الصراع والمنافسة الجيوستراتيجي في هذه المنطقة.

دلالات توقيت الاعتراف بإقليم ارض الصومال:

عشية سفر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة الأمريكية ولقاءه في منتجع مار ايه لاغو في فلوريدا بدونالد ترمب، وكافة الانتظار تتجه نحو هذه اللقاء الهام والمحورين فيما يتعلق بترتيبات اليوم التالي بقطاع غزة والولوج إلى المرحلة الثانية من وقف اطلاق النار ضمن اتفاق شرم الشيخ الذي وقع بالعاشر من أكتوبر وفق العشرين نقطة من خطة ورؤية ترمب، وتضارب التصريحات وتباين الاولويات ما بين الإدارتين في تل ابيب وواشنطن، والمحاولة المحمومة من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي اقناع ترمب بما يخدم مشروع اليمين الإسرائيلي الحاكم في دول إسرائيل ، ولكن في ظني بان كل هذه التصريحات وتضارب الأولوية قد تختلف عند اللقاء بعد هذا الاختراق السياسي والأمني والاستراتيجي إلى إسرائيل في اعتراف بارض الصومال من اجل العمل بشكل كبير من اللوبيات الإسرائيلية في أمريكا لإقناع ترمب بالاعتراف في هذه الإقليم رغم بان ترمب تحدث في تصريح امس بان من يعرف هذا الإقليم، لكن لن يمنع نتنياهو باستخدام نفوذه من مكونات الإدارة الامريكية وجماعة الضغط الإسرائيلية "المسيحية الصهيونية" بالاعتراف بهذه الإقليم من باب محاصرة التواجد الصيني في القرن الافريقي وخاصة القاعدة العسكرية الضخمة في جيبوتي لبيكين، وان هذا الإقليم سيكون قاعدة متقدمة إلى إسرائيل وأمريكيا في مواجهة خطر النفوذ الإيراني وإذراعه في المنطقة وخاصة جماعة الحوثي، ولما لهذه الإقليم من أهمية استراتيجية حيث يسيطر على مساحة 460 ميلاً من الساحل على طول خليج عدن، مما يجعله البوابة الجنوبية لمضيق باب المندب الذي يمر عبره ما يقارب ثلث التجارة البحرية العالمية سنوياً، وموقع استراتيجي عند نقطة التقاء المحيط الهندي مع البحر الأحمر في منطقة القرن الافريقي، وهذا بمثابة ورق جذب للولايات المتحدة الامريكية حول سلامة الملاحة والتجارة البحرية في هذه المنطقة التي ستكون في المستقبل القريب محطة ساخنة من التنافس دول الإقليم والعالم ، ولكن على أهمية ما ذكر في ظني سيحاول نتنياهو ان يحقق هدفه الاستراتيجي لمشروعه هو أقناع ترمب بالاعتراف بهذا الإقليم ومن ثمة إعادة طرح ما هو اخطر من الاعتراف والذي يتمثل بتهجير الفلسطينيين هذا الملف الذي بقي حاضراً على اجندة نتنياهو ويحاول دون كلل بتنفيذه بعد هذا الدمار الكبيرة بالقطاع وتعثر الانتقال إلى المرحلة الثانية وعرقلة كل الجهود للبدء في مشروع إعادة الإعمار وبرنامج التعافي للقطاع وغيرها من القضايا العالقة التي ينجح نتنياهو في وضع العصي بدواليب خطة ترمب وتنفيذ اتفاق شرم الشيخ وهذا ما نخشاه لاسيما ان إسرائيل مقبلة على عام الانتخابات ويريد نتنياهو الا يغيب عن المشهد السياسي أمام قضايا قضائية تلاحقه وكذلك الضغط السياسي والجماهيرية المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق في الفشل بالسابع من أكتوبر.

ردود فعل إقليمية وعربية على الاعتراف بأرض الصومال:

واجه الاعتراف الإسرائيلي في إقليم صومالي لاند ادانات واسعة من قبل الدول العربية والإقليمية ودول الاتحاد الافريقي وعبر عن ذلك رئيس الجامعة العربية احمد الغيط الذي "أكد على الرفض الكامل لهذه الخطوة واعتبرها انتهاك لقواعد القانون الدولي وتعدي على مبدأ وحدة الأراضي وسيادة الدول وهو الركن الأساسي في ميثاق الأمم المتحدة والعلاقات الدولية". من جانبها قالت وزارة الخارجية المصرية بان وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أجري اتصالاً مع وزراء الخارجية التركي والجيبوتي والصومالي وأكدوا " على الرفض التام وإدانة هذه الخطوة وان اعتراف بأجزاء من ارض دولة الصومال يشكل سابقة خطيرة وتهديد للسلم والامن الدوليين"

ودعا وزير الإعلام الصومالي لعقد اجتماع طارئ لمجلس جامعة الدول العربية لبحث تداعيات الاعتراف الإسرائيلي في إقليم صومالي لاند.، وكذلك عبر "الاتحاد الأفريقي عن رفضه المطلق بأي اعتراف بأرض الصومال مؤكد الالتزام الصارم بحدة وسيادة الصومال".

حيث أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بان هذا الاعتراف بجمهورية أرض الصومال "كدولة مستقلة وذات سيادة" وان إسرائيل ستكثف هذا التعاون في مجال الزراعة والتكنولوجيا والاقتصاد والصحة، ووزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قال على منصة "اكس" "بان هذا الاتفاق سيشمل إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بما يتضمن فتح سفارات وتعيين سفراء"

في المقابل حصول إقليم أرض الصومال على التكنولوجيا الإسرائيلي الذكية في مجال الزراعة وإدارة المياه وأمن الموانئ.

وفي نهاية القول بأن هذا الاعتراف يشكل سابقة خطيرة في منطقة القرن الأفريقي ووحدة الكيانات السياسية وكذلك نقطة ارتكاز استراتيجية إلى دولة إسرائيل في هذا الإقليم، واطلالتها على موانئ مهمة وانشاء قواعد عسكرية وأمنية واستخباراتية لمحاصرة النفوذ الإيراني وجماعة الحوثيين وكذلك ستزيد من حدة التنافس الإقليمي وخاصة تركيا ومصر وأثيوبيا وإيران، ونقطة انعطافه في إعادة هندسة ميزان القوى في حوض البحر الأحمر، عدا على تزايد التنافس في القرن الافريقي ما بين الولايات المتحدة الامريكية والصين.

 

نقلا عن صحيفة القدس...