فيما يشبه المفاجأة السياسية، أعلن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي "النشط"، عن وجود تفاهم فصائلي فلسطيني بما فيها حركة حماس على مسألة سلاح غزة، مؤكدا بأنه استلهام نموذج إيرلندا الشمالية، الذي أنهى صراعا طائفيا دام 3 عقود في اتفاق الجمعة العظيمة 1998.
حديث الوزير المصري، تعيد أهمية ما أشار له رئيس وزراء بريطانيا في شهر أكتوبر 2025، عندما أكد استعداد بريطانيا على القيام بدور قيادي في المساعدة بنزع سلاح حركة حماس من قطاع غزة، وذلك بالاستناد إلى تجربتها في تشجيع الجماعات المسلحة (الجيش الجمهوري) في إيرلندا الشمالية على إلقاء السلاح.
الفكرة المستحدثة، تتطلب إعادة بلورة المقترح بشكل مشترك ليصبح ذات صيغة دولية تحاصر الموقف الأمريكي – الإسرائيلي، وتفسيرا محددا للبند الخاص في قرار مجلس الأمن 2803، ليكون بوابة خروج من "أزمة" مفهوم يمثل "عقبة رئيسية" أمام تشكيل قوة الاستقرار الدولية، خاصة وأن بريطانيا أعلنت بأنها جاهزة للقيام بذلك الدور، ضمن توافق خاص.
مقترح حصر السلاح بديلا لنزعه، يمثل حلا خاصا ومبتكرا لخنق موقف دولة الاحتلال ورئيس حكومتها نتنياهو، الذي يستخدم مسألة "سلاح حماس" الذريعة الأهم لمنع تنفيذ مراحل قرار مجلس الأمن، خاصة ما له علاقة بأهل قطاع غزة، من إعادة إعمار وفتح معابر دون قيود خادعة، وتأكيد الوزير المصري بتوافق الفصائل الفلسطينية ومنها حماس لا يترك مساحة للخداع، الذي تواصل من 10 أكتوبر وما بعده.
وقد يكون قوة مضافة لما أعلنه الوزير عبد العاطي، أن تعلن حماس وتحالفها الفصائلي بصفتها من شارك في مفاوضات شرم الشيخ، بشكل رسمي عن موافقتها على النموذج الإيرلندي دون أي مسارات جانبية، أو تحايل لغوي لا قيمة له.
إعلان حماس وتحالفها الفصائلي يمثل قوة دفع كبيرة نحو تشكيل القوة الأمنية الفلسطينية الخاصة، لتكون جزءا من المساعدة في تطبيق حصر السلاح، وهي من يتولى التصرف به وفقا للمصلحة العامة، بين إعادة استخدام الممكن أو التخلص بما ليس له ضرورة، كي تنتهي كل مناورات دولة العدو حول سلاح غزة.
ولعل إعلان حماس وتحالفها الفصائلي موقفها من النموذج الإيرلندي يمثل أهمية خاصة، لو تم قبل لقاء الرئيس الأمريكي ترامب مع رئيس حكومة دولة الفاشية اليهودية نتنياهو، والذي يضع ملف سلاح غزة كأحد الملفات التي يريد كسر جوهر القرار الأممي حول المرحلة الثانية من خلال تلك الذريعة، ما يتطلب من التحالف الفصائلي توجيه صفعة استباقية للمناورة النتنياهوية، في ظل ما تم الكشف عنه من توسيع مجال "النفوذ الأصفر" ومساحته إلى غالبة مساحة قطاع غزة.
وسيكون ذا قيمة سياسية أن تعلن الرسمية الفلسطينية موقفا متبنيا للنموذج الإيرلندي، وبان القوة الأمنية التي ستكون ضمن صلاحيات لجنة غزة الإدارية هي جزء من قوة التنفيذ، إلى جانب القوة الدولية، وخاصة بريطانيا صاحبة الخبرة بذلك، ما سيزيد القيود على حكومة دولة الاحتلال.
الوقت الوطني من ذهب، واهل قطاع غزة وكذا بقايا الوطن ينتظرون فعلا بعدما تاهوا كثيرا في كلام ليس بذي قيمة وطنية.