الكوفية:في طريقه إلى البيت الأبيض للقاء الرئيس بايدن، كشف رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت لصحيفة "نيويورك تايمز" عن الخطوط السياسية لحكومته، والتي تعبر عن اتفاق أطراف الائتلاف الذي أنشئت عليه الحكومة.
لمنصور عباس وفريقه في الائتلاف الحكومي أن يقولوا ما يشاؤون لكن عليهم الالتزام بما وقعوا عليه خلال الائتلاف، وهو كان وشركاؤه، من أنجحوا تشكيل الحكومة الهشة.
من خلال حديثه لصحيفة "نيويورك تايمز"، وضع بينيت على رأس جدول أعمال الحوار مع الرئيس بايدن، الملف النووي الإيراني، الذي قال إيهود باراك على "تويتر" وهو يدعو لنجاح بينيت، إن إيران اقرب من أي وقت مضى على ان تصبح دولة نووية، وأضاف، إن السبب هو فشل نتنياهو وترامب".
من السهل إطلاق الاتهامات من موقع معارضة باراك لنتنياهو ولترامب، من اجل التزلف للرئيس بايدن، لكن الحقيقة هي أن نتنياهو خاض حواراً صعباً، مع إدارة الرئيس الديمقراطي الأسبق باراك أوباما، من موقع الرفض المطلق للاتفاق الدولي بشأن البرنامج النووي الإيراني.
نجح نتنياهو في إقناع إدارة ترامب، للخروج من الاتفاق رغم التزام الأطراف الأخرى من حلفاء أميركا التي وقعت على الاتفاق، وكأنه سجل انتصاراً على الإدارة الديمقراطية السابقة، وحرض ترامب على اتخاذ المزيد من الإجراءات العقابية وممارسة ضغوط شديدة على إيران.
ونجح نتنياهو في أن يحقق إنجازاً تاريخياً، بتوقيعه على "اتفاقيات أبراهام" وتطبيع العلاقات مع عدد من الدول العربية، وكان ذلك خطوة كبيرة في اتجاه تأسيس تحالف إقليمي بقيادة الولايات المتحدة، هذا التحالف الذي شكل هدفاً لإدارة ترامب.
كان بإمكان نتنياهو، ان يواصل بالوسائل العسكرية والاستخبارية، الاعتداء على المنشآت النووية الإيرانية والعاملين في إطار هذا البرنامج، وهو لم يدخر جهداً في ذلك، ولقد كان سيحصل على دعم مجنون البيت الأبيض آنذاك.
لقد تصرف نتنياهو بطريقة مستقلة الى حد كبير في التعامل مع الملف النووي الإيراني، بخلاف هذا العاجز الذي يقف على رأس الحكومة الضعيفة التي تدير الأوضاع في إسرائيل، والذي لا يستطيع التصرف بملف من هذا المستوى دون موافقة ودعم وغطاء من إدارة بايدن.
كأنه يخترع المعجزات حين يقول بينيت، انه سيبحث مع بايدن الملف النووي الإيراني، وانه يحمل اقتراحاً بضرورة تأسيس ائتلاف إقليمي ضد إيران وبمشاركة الولايات المتحدة ودول عربية. مشكلة بينيت انه يتجاهل مسألتين، الأولى ان إدارة بايدن أعلنت بوضوح عودتها للاتفاق الدولي وانها بدأت مفاوضات مع إيران وحققت تقدما مهما وانها بصدد متابعة الجهد من اجل معالجة ما تبقى من قضايا خلافية.
والمسألة الثانية ان الولايات المتحدة، لا تزال غارقة في الملف الأفغاني ولترميم آثار الهزيمة النكراء التي تعرضت لها، ومحاولة ضمان ألا تعود أفغانستان بؤرة لتصدير ما يسمونه الإرهاب، فضلاً عن دورها اللاحق، الذي يفرضه موقعها الاستراتيجي بالقرب من الخليج وبجوار إيران، وبالقرب من الصين وروسيا.
واضح ان إدارة بايدن ليست بصدد فتح أزمات كبرى جديدة من شأنها ان تصرف أنظارها عن التركيز على أولوياتها التي تقف على رأسها الصين وروسيا.
وبالإضافة الى كل هذا، فإن ما تحقق لإسرائيل على صعيد التطبيع لا يشكل أرضية سياسية كافية وقوية لتشكيل ذلك التحالف الإقليمي الذي يطمح إليه بينيت، وهو من بقايا مرحلة ترامب - نتنياهو.
عن الملف الأساسي بالنسبة للفلسطينيين، وهو ثانوي جداً بالنسبة لإسرائيل، أي ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لا يرى بينيت ان ثمة إمكانية لحله في المستقبل القريب. في الواقع، فإن إمكانية حل هذا الملف، ستكون صعبة الى حد الاستحالة سواء في المستقبل القريب أو البعيد. إذا كان من غير الممكن معالجة هذا الملف في المستقبل القريب وهو ما كان أكد عليه شريك بينيت، لابيد، فإن السياسة الإسرائيلية الجارية خلال هذه المرحلة ستجعل من غير الممكن حله على المدى البعيد.
بينيت الذي يتعرف على نفسه، يقول، إن حكومته لن تقوم بضم أجزاء واسعة من الضفة، ما يعني انها ستقوم بضم أراض، بالقدر الذي تتيحه الظروف وتبرره المتطلبات الاستيطانية والعسكرية.
أخيراً، يجزم بينيت بأنه لن يجري مفاوضات سلام مع السلطة الوطنية والسبب من وجهة نظره، ان القيادة الفلسطينية الحالية غير مستقرة ولا تملك اتجاهاً محدداً. أما فيما يتعلق بغزة فإنه يعد بأن تستمر حكومته في الحصار، وانها جاهزة للذهاب الى حرب حتى لو كان ثمن ذلك، وهو كاذب طبعاً، فقدان دعم القائمة العربية الموحدة.
صاحب الحكومة الهشة والمتطرفة، الحكومة غير المستقرة، يعود لمعزوفة غياب الشريك الفلسطيني، فهل سيؤدي ذلك إلى سياسات فلسطينية تناسب هذه السياسة الإسرائيلية، المقدمة دون ماكياجات ومساحيق؟