غزة: أكد محللون سياسيون، أهمية الدعوة التي أطلقها قائد تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح محمد دحلان، حول القبول بحل "الدولة الواحدة" بعد أن حطم الاحتلال أسس حل الدولتين وأدار ظهره لعملية السلام وانتهك الاتفاقيات والمواثيق الدولية.
واستبعد المحللون قبول الاحتلال بهذا الحل السياسي لما يمثله من خطوة على المشروع الصهيوني القائم على الاستيطان والتهويد ومصادرة الأراضي وإقرار القوانين العنصرية التي تتنصل لحقوق الشعب الفلسطيني.
الرفض الإسرائيلي
من جانبه، قال مخيمر أبو سعدة أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر، إن "دعوة دحلان بقبول حل الدولة الواحدة هي دعوة مهمة لكنها تصطدم بجدار الرفض الإسرائيلي الذي يمارس نظام الفصل العنصري "الأبارتهايد" ويعمل ليل نهار على تهويد الأرض والمقدسات ومصادرة الأراضي لصالح مخططات التوسع الاستيطاني".
وأضاف أبو سعدة، أن "دعوة دحلان حول هذه الرؤية السياسية تلويح وتهديد مُبطن للحكومة الإسرائيلية من أجل الضغط عليها ودفعها للقبول بالقرارات الدولية والانصياع للشرعية الدولية وعملية السلام".
وتابع، " يتوجب التوافق على الحلول الممكنة للصراع المستمر منذ أكثر من 70 عامًا، سواء فيما يتعلق بحل الدولتين أو حل الدولة الواحدة التي قدمها دحلان، خلال مؤتمر تيار الإصلاح الديمقراطي المنعقد في غزة، أو أي حلول أخرى تكون محل إجماع وطني".
وأردف أبو سعدة، " رغم حالة الموت السريري الذي يعاني منه حل الدولتين إلا أن هذا الحل هو الأنسب لدى المجتمع الدولي ولكافة الأطراف الدولية من أجل حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".
ولفت إلى أن سلطات إسرائيل استبقت كل الحلول السياسية من خلال سياسة الاستيطان وتوطين اليهود في الضفة الفلسطينية، حيث يعيش أكثر من 700 ألف يهودي في مستوطنات منتشرة في عموم الضفة الفلسطينية المحتلة، كما أنه لا يوجد أي مكون سياسي إسرائيلي يمكن له الحديث عن المفاوضات وإبرام اتفاق سلام حقيقي مع الفلسطينيين.
وأوضح أنه في حال مارس العالم والإدارة الأمريكية ضغوطًا على إسرائيل واضطرت للخضوع للإرادة الدولية فإنها ستقبل بـ"حل الدولتين" على حساب "الدولة الواحدة"، لأنه يمثل انتكاسة سياسية وقومية لدولة الكيان ولن تقبل به بأي شكل من الأشكال.
التيار قوة إصلاح حقيقية
من جهته، أستاذ العلوم السياسية طلال الشريف، اتفق مع مخيمر أبو سعدة على أن حل الدولتين لم يعد قائمًا وهو ميت بالفعل، نتيجة ممارسات سلطات الاحتلال وفرض سياسة الأمر الواقع.
وأكد الشريف، على أن أهم الصعوبات والتحديات التي تواجه "حل الدولة الواحدة" التي طرحها القائد محمد دحلان، هي عدم موافقة إسرائيل.
وعن اتفاق الفلسطينيين مع دعوة دحلان لـ"حل الدولة الواحدة" قال الشريف، "ليس بالطبع جميع الفلسطينيين يؤيدون حل الدولة الواحدة رغم أن الفرصة مواتية للضغط على إسرائيل من الدول العربية التي تقيم علاقات مع إسرائيل إذا ما تبنته الأمم المتحدة ودعمته الدول الخمس الكبرى".
ولفت الشريف إلى أن الفصائل والقوى والأحزاب السياسية الفلسطينية، ستأخذ وقتًا لاستيعاب المتغير الجديد بعقد المؤتمر التنظيمي في غزة.
وشدد على أن تيار الإصلاح بات قوة إصلاح حقيقية، بقوله، "هناك مؤشرات قوية في بيان دحلان، أمام المؤتمر بعدم مغادرة "فتح" من هؤلاء الإصلاحيين وعلى الأحزاب والفصائل تقدير هذه الإصلاحات التي ترتفع بالعملية التنظيمية والطرح السياسي إلى مستوى أكثر مسؤولية من فتح والرئيس محمود عباس.
وتابع، " خاصة وأن كثير من ملامح عدم الرضا والخلاف مع سياسة الرئيس عباس نحو الاحتلال واحترام الحريات وكذلك تراجع وضعف باقي التنظيم الفتحاوي الذي يقوده عباس".
وأشار إلى أن الفصائل والقوى السياسية، يجب أن تساعد في استنهاض حركة فتح بعدما عانت هذه الأحزاب والفصائل من تلك السياسات العقيمة لرئيس فتح الذي أضعف فتح وأضعف الحالة الوطنية بمجموعها وأدت لتراجع الحالة الفلسطينية وتقرير مصير الشعب الفلسطيني.
وحول موقف اللجنة المركزية لفتح والرئيس محمود عباس، قال الشريف، "هم لا يريدون إصلاحًا وقد غرقوا في الديكتاتورية والقمع داخل فتح، وخارجها من التنظيمات والشعب الفلسطيني، ولن تقبل الديكتاتورية من يدعو للإصلاح أو يعمل عليه بل ستحاربها بكل السبل".
برنامج وحدوي
وأكد القيادي في الجبهة الديمقراطية محمد العبادلة، أن كلمة قائد تيار الإصلاح الديمقراطي محمد دحلان خلال المؤتمر التنظيمي لساحة غزة، تؤسس لبرنامج سياسي على أساس الوحدة الوطنية.
وقال العبادلة، إن "كلمة دحلان فيها دعوة للوحدة الفتحاوية ودعوة للوحدة الوطنية، وتأسيس لبرنامج سياسي يرتقي للمرحلة الراهنة".
وشدد العبادلة على أن المؤتمر التنظيمي لتيار الإصلاح يساهم في ترتيب النظام السياسي الفلسطيني وانتخاب قيادة تستطيع خوض غمار المرحلة السياسية لانتزاع الحق الفلسطيني من الاحتلال.
وأشار العبادلة إلى أن مكان انعقاد المؤتمر يحاكى أهمية موقع قطاع غزة للثورة الفلسطينية وقيادة التيار وهذا تميز وانحياز كامل لصالح قضايا الشعب الفلسطيني والوطن.
وأكد على الدور المميز الذي يقوم به تيار الإصلاح في الإقليم لعودة التعاطي مع القضية الفلسطينية على أساس حقوق سياسية وليست اغاثية، داعيا كل القوى السياسية الفلسطينية لممارسة الديمقراطية بكل مفاصل العمل التنظيمي والسياسي لترتيب البيت الفلسطيني.
وشدد القيادي في الجبهة الديمقراطية على ضرورة أن يكون هناك عنوان سياسي يستطيع حمل آمال وحقوق شعبنا السياسية والسير في طريق التنمية الاجتماعية من خلال برامج اقتصادية وصناعية وزراعية وإدارية لمشروع نهضة فلسطينية بعد مرحلة التراجع الوطني بسبب غياب قيادة موحدة تعلى المصلحة العليا لفلسطين دون اصطفاف فئة المصالح الخاصة.
ضربًا من الخيال
وقال الكاتب والمحلل السياسي، شرحبيل الغريب، إن " الحديث عن حل الدولتين صار ضربًا من الخيال في ظل ممارسات الاحتلال العنصرية ضد الشعب الفلسطيني علاوة على سياسة الاستيطان ومصادرة الأراضي".
وأضاف الغريب ، "حل الدولتين مات ولم يعد له أي أفق سياسي أو تفاوضي في ظل الحكومة الإسرائيلية التي تعلن تنصلها منه، وأن مجرد الحديث عنه سيمس بالائتلاف الحكومي المتطرف والمشكل من 8 أحزاب يمينية متطرفة كل حزب له حساباته الخاصة".
ولفت إلى أن دعوة القيادي الفلسطيني، محمد دحلان حول القبول بـ"الدولة الواحدة" يمكن قراءاتها على أنها مناورة سياسية جديدة، لكنها تصطدم بالعقل الإسرائيلي غير المؤمن بهذا الحل نظرًا لخطورته الكبيرة على المشروع الصهيوني.
وتابع، أن "الواقع والجغرافيا يقول إن إسرائيل لن تقبل بهذا الحل كونها تريد السيطرة على الأرض والمقدسات وتريد إنهاء الهوية الوطنية الفلسطينية، وبالتالي من الصعب أن تجد مسؤولاً إسرائيليًا واحدا يقبل بحل الدولة الواحدة.
وأردف الغريب، "المتتبع لسلوك الاحتلال يدرك أن الحكومة الإسرائيلية، تعزف نحو التطرف بعيدًا عن الإيمان بالحلول السياسية وكل الأحداث والمجريات على الأرض تؤكد رفض إسرائيل لحل الدولتين خاصة تلك التي تم اتخاذها في ظل الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب".
وشدد الغريب على ضرورة أن يتوصل الشعب الفلسطيني بكل مكوناته السياسية إلى استراتيجية وطنية موحدة لمواجهة التحديات والمخاطر التي تفرضها إسرائيل على الفلسطينيين وتستهدف من خلالها تغييب الهوية الفلسطينية وإنهاء الوجود الفلسطيني.
وأكد أهمية إنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة في مواجهة تلك التحديات، والعمل على عقد لقاء وطني جامع للبحث في كافة الحلول الممكنة التي تعيد للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة.
يشار إلى أن حل الدولة الواحدة هو حل مقترح للصراع العربي الإسرائيلي، يقوم على إنشاء دولة واحدة في فلسطين تشمل ما يعرف اليوم بإسرائيل والضفة الفلسطينية وقطاع غزة بحيث يكون للسكان العرب واليهود مواطنة وحقوق متساوية في الكيان الموحد، وبينما يتبنى البعض هذا التوجه لأسباب أيدولوجية، فإن البعض الآخر يرى فيه الحل الوحيد الممكن نظرا للأمر الواقع القائم على الأرض.
يذكر أن مؤتمر تيار الإصلاح التنظيمي الذي انطلق الثلاثاء الماضي، ويستمر على مدار ثلاثة أيام، أوراق عمل تنظيمية وإدارية ومالية، قبل أن يختتم أعماله بانتخاب قيادات جديدة.
وكان القائد محمد دحلان، قد أكد أن تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح يعمل على استعادة وحدة حركة فتح.