أصبحت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي من ضرورات الحياة وهي بمثابة حلقة الوصل بين كل مؤسسات ومقومات، ومكونات البناء المجتمعي، وعلى عاتقها تقوم عمليات شرح وتقديم ما لدى مؤسسة اجتماعية للأخرى. إذ تؤدي وسائل الإعلام دوراً بالغ الأهمية في تكوين الرأي العام وتشكيله، وفي تعبئة الجماعات، وحشدها حول أفكار وآراء واتجاهات معينة، مهما كانت هذه الجماهير متباعدة جغرافياً، أو غير متجانسة ديموغرافياً.
وزادت التطورات التكنولوجية الهائلة لوسائل الاعلام، من قدرة هذه الوسائل في تحقيق المزيد من التأثير على الجماهير، وتوجيهها نحو آراء وأفكار معينة، وتمنح وسائل الإعلام النخب السياسية إمكانات هائلة، لإثارة المصلحة، والتأثير في اتجاهات المواطنين.
وساهم الانتشار الحر للمعلومات من خلال وسائل الإعلام الجديدة، في خلق إمكانية كبيرة للتحرك الشعبي على أساس معرفة واسعة ودقيقة بكل الأحداث، وتتخذ وسائل الاتصال موقفاً فريداً في كافة المجالات الثقافية والتراثية وكيفية الحفاظ على معالم التراث، كون وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي يمثلان حلقة وصل بين الرأي العام وصانعي القرار لحماية التراث بكل مكوناته.
ويختلف تأثير وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في حماية التراث والحفاظ على المعالم الأثرية باختلاف وسائل الاتصال المقروءة والمسموعة والمرئية، فلكل وسيلة إعلامية عدد من المزايا التي تجعلها تختلف من حيث التأثير عن الوسيلة الأخرى.
كما أن الميول الاجتماعية والثقافية والوعي المجتمعي والتثقيفي وخطاب المجتمعات له دوراً في تشكيل الرأي العام في حماية التراث والآثار إضافة إلى طبيعة البيئة المعلوماتية التي تقدم من خلال الوسائل الإعلامية، وتأثير كل من التلفزة والإذاعة والصحائف المطبوعة كلها تساهم في دعم ثقافة حماية التراث والآثار، ناهيك عن لعب وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي دوراً مهماً في تكييف الأفراد والجماعات وتهيئتهم للقيام بأفعال، والاستجابة لأفكار معينة تحدد أنماط سلوكهم الجماعي نحو الحفاظ على معالم الآثار كجزء من الهوية والحضارة والمدنية ومظهر روحي يشمل ميراث اجتماعي يتميز بالدوام والاستمرار عبر الزمن، تتوافق فيه ثقافة حماية التراث مع البيئة الجغرافية للمجتمع مشمولاً على المعرفة والعقائد والفنون والقيم والعادات والتقاليد بجوانبها المادية وغير المادية.
أهمية دور الإعلام في الحفاظ على التراث الفلسطيني:
دور الإعلام بارز في مواجهة التزوير والسرقة من خلال تسليط الضوء على التراث بكل المجالات من خلال برامج إعلامية تسعى إلى تأكيد وترسيخ وحماية التراث والآثار، حيث أغلب الخبراء والمتخصصين في مجال التراث طالبوا بتعزيز المحتوى التراثي في وسائل الإعلام المختلفة وإعطائه المزيد من الأهمية لما للتراث من دور كبير في تعزيز النشاط السياحي والثقافي وتوثيق العلاقة بين ماضي الأجيال وحاضرها، وفي ترسيخ الثقافة والهوية، كما أكدت المؤتمرات والندوات التراثية على عمق وأهمية العلاقة الفاعلة بين الإعلام والتراث والتي تُتيح لكل منهما الاستفادة وتحقيق الأهداف المنشودة سواء عن طريق توعية المجتمع بالقضايا التراثية وأهمية الحفاظ على التراث والعادات والتقاليد أم عن طريق تقديم منتج إعلامي متميز ذي خصوصية، ويجمع الخبراء والأكاديميون والمهتمون بالتراث على أن وسائل الإعلام تُمثل أداة مهمة جداً في نشر التراث وحفظه، لكنها حتى الآن لم تقم بالدور المطلوب أمام التكنولوجيا التي سعت إلى تغريبنا عن ثقافتنا وتراثنا.
ويُعد الإعلام بكافة أشكاله قوة اجتماعية تلعب دوراً فعالاً في الحفاظ على التراث وأماكن الآثار من خلال إيجاد قنوات لنشر التراث وترويجه وتقريبه في آذان الجيل الجديد إضافة إلى أن وسائل الاتصال الجماهيرية ليست فقط قنوات نقل صماء وإنما أدوات فاعلة ساعدت كثيراً على "عصرنة" الإبداع الشعبي وعرضه في حلة جديدة تتلاءم مع العصر الجديد، ناهيك عن دور الوسائط الجماهيرية في تزويد قاعدة عريضة من الجمهور بالأخبار والروايات التي يتداولها الناس ليتم التعديل عليها لتصبح مادة شعبية يتداولها الأجيال القادمة، كما أن الوسائط الجماهيرية تعمل على إيجاد تواصل غير مباشر بين النص المذاع والجمهور المتلقي يتم من خلال وسائل بث الكترونية وأدوات تقنية حديثة تنقل المادة للجمهور، حيث أثرت وسائل الإعلام في حياتنا المعاصرة في صياغة نمط حياة الإنسان في المجتمع المعاصر وظهر هذا التأثير واضحاً في طبيعة صياغة مأثوراته الشعبية.
للصحافة دوراً هاماً في نشر الوعي والتثقيف عن التراث ولهذا الدور تاريخ عريق وقد تطور هذا الدور اليوم ليبقى مصدراً رئيساً وهاماً، ولعبت دوراً في توثيق التراث تاريخياً وإلى يومنا هذا، إلا أن عملية التوثيق في عصرنا الحاضر تتميز بالراوبط الفقيرة والمتشعبة وهذه التشعبات غيرت علاقتنا مع المواد التراثية فاليوم الإعلام يُقدم لنا المعلومة من خلال النص والصورة والفيديو والجدول الزمني وهناك تفاعل حيوي بين المعلومة ومتلقيها تربط الشخص بشكل مباشر مع التراث.
والإعلام لعب بمستوياته المختلفة في ما تعرضت له المعالم والكنوز في عدة مدن من تدمير والإعلام لعب على توثيق الخراب وحشد الدعم الدولي للاهتمام بالتراث والمواقع الأثرية وتسليط الضوء على أهميتها تاريخياً واجتماعياً للإنسانية، كما لعب وسائل الإعلام دوراً في الأساليب القديمة للتوثيق والتي كانت أساساً في معرفة شكل المعالم الأثرية الموجودة في هذه المدن إلى جانب دور وسائل الإعلام العلمية في تعزيز العلاقة بين المعالم والهوية والقيم الإنسانية المشتركة بين شعوب العالم.
ودور الإعلام في التعريف بمكونات التراث بمختلف تجلياته وإبرازه لأهميته، بالإضافة إلى الاستخدام الفعال لشبكات التواصل الاجتماعي في الوصول إلى الجمهور وتقديم رسائل معرفية وإرشادية وسلوكية حول التراث الثقافي وضرورة صونه والحفاظ عليه، باستخدام قادة الرأي والمؤثرين في وسائل الإعلام تقوم على إعداد الخطط والبرامج الخاصة بنشر التراث الثقافي والتشارك فيه وصونه، والتواصل مع الجهات العلمية والبحثية المعنية بالتراث.
تُتيح وسائل الإعلام لأفراد الجمهور التعرف على أماكن أثرية والوصول إلى مجموعات من التراث الثقافي لم يكن بإمكانهم الوصول لها قبل ظهور هذه الوسائل إما بسبب البعد الجغرافي أو بسبب مشكلات الصيانة التي تمنع عرضها على الجمهور ومن خلال الأدوات الرقمية التي أتاحتها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي فإن معظم التراث الثقافي معرض للتلف لا يمكن عرضه على الجمهور للحفاظ عليه ويمكن إعادة بنائه رقمياً من خلال المعارض الافتراضية التي تبرز هذا التراث وتؤكد أهمية الحفاظ عليه.
خلاصة: أن تأثير الإعلام ملموس في إحياء ما أوشك على الموت أو الانقراض من هذا التراث، والهدف من الإعلام نقل المعلومات والمعارف وتأثير في آراء وأفكار الأفراد وتوسيع ادراك الجمهور لخصائصه التي تتميز بالدقة والوضوح وتزيد أهميته في التقدم العلمي والانفجار السكاني.