أثار فشل الجهات المشرفة على مؤسسة خالد الحسن لأمراض السرطان وزراعة النخاع في بناء المشفى، العنصر المركزي في المشروع، موجة غضبٍ بين المواطنين وعبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي من السراب الذي وجدوه بعد ست سنوات على تأسيس المؤسسة وأربع سنوات على الإعلان عن بدء البناء في هذا الصرح الطبي الهام. الأمر الذي يشي بوَهَنِ السياسات وضعف الإجراءات ونقض الالتزام بالوعود.
وبغض النظر عن الموضوع المالي، على أهميته، أي عدم وضوح ما تم انفاقه من أموال، سواء تلك التي تبرع بها المواطنون أو ما قدمته الحكومة آنذاك أو ما قدمه البنك الإسلامي للتنمية، والإخفاق في عمليات الحفر والتصاميم المتعلقة بإنشاء المستشفى، فإن المسألة الجوهرية تتعلق بسياسة بيع الوهم للمواطنين. هذه المسألة ليست الوحيدة بل أيضا مسائل عديدة؛ وبما أن الشيء بالشيء يذكر والفشل بالفشل يجمع فلم ينسَ الشعب الفلسطيني فشل القصر الرئاسي، القريب من المكان المحتمل لبناء المستشفى، الذي بني على حساب الشعب الفلسطيني وبقي جدرانا تناطح الهواء، وبناءً فارغاً دون حياة يحدق إليه المارون المواطنون القادمون والمغادرون إلى العاصمة الحلم أو السراب.
إن أحلاًما كهذه تحتاج إلى بناء وإلى تخطيط حكيم وشراكة مع الأطراف المجتمعية، ولا تحتاج إلى البهرجة وقطع الوعود والالتزامات عبر شاشات التلفزة دون وجود رؤية وتبني سياسات شاملة للقطاع الصحي، وشراكة مجتمعية حقيقية، وشفافية في آليات اتخاذ القرارات، واطلاع المواطنين على سير العمل وتوضيح التحديات في الأوقات المناسبة.
إن الفشل في بناء صرح طبي وعلمي ضروري ذي قيمة وطنية وفخر شعبي كمركز خالد الحسن لعلاج أمراض السرطان وزراعة النخاع يؤكد أن سلطة الحكم المنغلقة على ذاتها لا تقدر على القيام بمهمات ضخمة من هذا القبيل.
في ظني أن المسألة اليوم تحتاج إلى نقاش معمق وحوار مفتوح يَطَلع الشعب الفلسطيني على حيثيات المسائل المتعلقة بهذه المؤسسة، وتساءل الأطراف والجهات التي فشلت في تحقيق الالتزام والوعد وتحمل المسؤولية عن ذلك؛ بهدف وقف استنزاف رأس المال الاجتماعي للشعب الفلسطيني، واسترجاع الثقة بما تبقى من مؤسسات وطنية، واستعادة المصداقية أمام الشعب والفلسطيني وأشقائه وأصدقائه وإزالة ما لحق به من عار من النكث بالوعود والفشل المتكرر، وعدم التخلي عن انجاز هذا الصرح الطبي والعلمي اللازم والواجب واستعادة المشفى من السراب والوهم .