تفاجأنا كما تفاجأ شعبنا الفلسطيني بأكمله بنشر العديد من الصورة الهزلية الكاريكاتيرية لشخص الشهيد الخالد ياسر عرفات معلقة على جدران المؤسسة التي تحمل اسمه في مدينة رام الله، وهو المتحف الوطني ذاته " متحف ياسر عرفات"، الذي يجسد سيرته ومسيرته منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة وحتى لحظات استشهاده ووداعه الأخير.
الرسومات الكاريكاتيرية التي تم عرضها في معرض" فلسطين وياسر عرفات" بافتتاح رسمي من رئيس الوزراء محمد اشتيه، أثارت سخط وغضب واستياء أبناء شعبنا الفلسطيني لأنها صور ورسومات كاريكاتيرية سخيفة لا تتناسب بالمطلق مع شخصية ياسر عرفات، الذي كان ومازال وسيبق للأبد العنوان الوطني الأول والأهم في حياة شعبنا وجميع فصوله، وفي تفاصيل قضيته العادلة المتطلعة للحرية والاستقلال.
الرسومات الكاريكاتيرية التي رسمت بأيدي جنسيات عالمية مختلفة ذات ثقافات متنوعة وحضارات مختلفة تتنافي في الواقع مع ثقافة شعبنا الفلسطيني المناضل والمقاوم جملة وتفصيلًا، لأنها رسومات ذات ثقافات لا تعبر نهائياً عن رؤية شعبنا لا من قريب أو بعيد، ولا تعبر عن ثقافته الوطنية وارثه النضالي العريق الذي جسده الشهيد الخالد ياسر عرفات طوال مسيرة سياسية وإنسانية نضالية، أصبحت تمثل مدرسة فكرية حضارية وأيقونة عالمية يحتذي بها أبناء شعبنا العظيم.
الهبوط إلى سقف السخرية والهزلية في رحاب رسومات تعمدت تشويه صورة الشهيد الرمز "أبو عمار"، تعتبر هبوطاً واستخفافاً بكل مقدرات وتضحيات شعبنا، لأنه ولسبب بسيط قد خانت الذاكرة القائمين على هكذا معرض ورسومات، وتناسوا صورة شعبنا بأكمله في وداع الشهيد الخالد ياسر عرفات، عندما عاد شهيداً ليحتضن جسده الطاهر والمناضل ثرى الأرض المحتلة فلسطين، التي كان ياسر عرفات متمسكاً بترابها حتى الرمق الأخير، التي تفوح منها رائحة المسك والعنبر من دماء شهدائها الأبرار.
ياسر عرفات خارج نطاق الرسومات يا حضرات!، لأنه الخط الوطني الأحمر، ولأنه الموقف الوطني الذي نستمد منه على الدوام الرؤية والثبات يا حضرات! ،ولأن المساس برمزيته يعتبر مساسًا بقدسية العلم والوطن ، ومساسًا بكرامة كل فلسطيني حر مستمر بنضاله من أجل الحرية والاستقلال، ولأن ياسر عرفات حكاية ثورة ومسيرة شعب، ولأنه القدس وغزة ونابلس وجنين ، ولأنه التجسيد الوطني لنضالات الشهداء في الكفاح وطبيب الجرحى الحالمين بأمل الشفاء من الجراح ، وعيون الأسرى والمعتقلين المتطلعين لفجر الحرية بعيون واثقة فلسطينية ، ولأن ياسر عرفات العنوان الثابت لقضايا الأرض المحتلة المركزية ، المتطلعة للعودة وتقرير المصير عبر مسيرة الحلم الوطني الذي يوثق مسيرته كافة اللاجئين الفلسطينيين، فلهذا يا سادة بل وأكثر نتمسك في ياسر عرفات وهو خارج نطاق السياق لرسومات هزلية سخيفة يا حضرات!