خاص: يواجه المحتوى الفلسطيني العديد من القيود والإجراءات التي تجعل وجوده مهددًا عبر حذف المنشورات والحسابات وتعطيلها، إضافة لتقليل نسب الوصول لإزالة صفحات العامة.
وللتحايل على هذه القيود يلجأ الكثيرون إلى حيل مختلفة لإفشال «الخوارزميات» الخاصة بالمواقع المعنية والتحايل عليها بهدف نشر المحتوى دون التعرض لحذف المنشور أو تعطيل بعض الحسابات، من بينها تجريد الحروف العربية من النقاط عند التدوين، كنوع من المقاومة الرقمية، في الوقت الذي اتجهت فيه العديد من المنظمات الحقيقية بشكاوى إلى إدارة فيسبوك.
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي جهوده، لمحاربة المحتوى الفلسطيني عبر الفضاء الرقمي، إذ استحدث قبل عدة سنوات وحدة «السايبر الإسرائيلية» والتي تركز عملها على رفع آلاف التقارير والبلاغات لشركات التواصل الاجتماعي من أجل حذف مضامين الفلسطينيين من الشبكات التفاعلية، والتي زادت من 2421 طلبًا خلال عام 2016 لأكثر من 20 ألف طلب في 2020.
ازدواجية المعايير
من جانبه، قال المختص في المناصرة الرقمية والإعلام محمود الزنط، لـ"الكوفية" إن "الإجراءات التي تتخذها منصات التواصل الاجتماعي، بتقييد المحتوى تعد انتهاكًا لحقوق الإنسان وحرية التعبير"، مشيرًا إلى أنها تعد تقييد للضمانات التي وفرتها الشرعة الدولية في إطار الحق في الوصول إلى المعلومة والاستخدام العادل للتكنولوجيا.
وأضاف، أن "تقييد المحتوى يعد انتهاكًا لحقوق صانعي المحتوى الرقمي، و يتنافى مع فلسفة الفضاءات المفتوحة التي ترتكز عليها منصات التواصل الاجتماعي".
وتابع الزنط لـ"الكوفية"، أن "الإجراءات المتخذة ضد المحتوى الفلسطيني تعكس مزاجية التعامل مع المنطقة الجغرافية، خاصة أن التقييد يتم في فلسطين، ويرتفع خلال الأزمات كالانتهاكات التي يقوم بها الاحتلال في حي الشيخ جراج في القدس المحتلة، والعدوان على قطاع غزة".
وشدد على أن مواقع التواصل الاجتماعي، تتعامل بمعايير مع الأراضي الفلسطينية وصانعي المحتوى ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي فيها، مؤكدًا أن هذا التقييد يخالف سياسات الاستخدام التي تعمل بها منصات التواصل الاجتماعي باعتبارها فضاءات مفتوحة تحترم القيم الإنسانية والحريات.
ولفت الزنط إلى أن هذه الإجراءات ولّدت حراكًا عالميًا لمناهضة القيود التعسفية المفروضة على المحتوى الفلسطيني من قبل مواقع التواصل الاجتماعي، وأن "جهود المنظمات المدنية والحقوقية في مواجهة القيود التي تفرضها مواقع التواصل الاجتماعي، ساهم في الضغط على مواقع التواصل لتغيير سياستها".
وأردف، "الإبلاغ عن الانتهاكات التي يتعرض لها الفلسطينيون من صحفيين وصانعي محتوى وكتاب وسياسيين ومؤثرين خلقت حالة ضغط ساهمت في إحراج مواقع التواصل الاجتماعي لتعديل مسارها"، لافتًا إلى دورها المهم في فضح جرائم الاحتلال.
وطالب الزنط بضرورة تكاتف الجهود المدنية والرسمية، ومواصلة الإبلاغ عن الانتهاكات وتسجيلها، لتوصيل الرواية الفلسطينية ودعمها ودحض رواية الاحتلال، مؤكدًا أن الحرب على المحتوى الفلسطيني جزء من المعركة الفلسطينية مع الاحتلال.
شكوى قانونية ضد فيسبوك
بتكليف من قبل المركز الدولي للعدالة للفلسطينيين«ICJP»، قامت شركة Bindmans أحد أكبر مكاتب المحاماة في لندن، بتوجيه شكوى رسمية إلى فيسبوك نيابة عن مركز صدى سوشيال وعدد من الصحفيين والكتاب ووكالات الأنباء الفلسطينية بشأن اجراءات الرقابة التعسفية التي يتم ممارستها من قبل فيسبوك ضد المحتوى الفلسطيني وكذلك تعليق الحسابات على المنصة.
وطالبت الدعوى؛ فيسبوك بمراجعة إجراءاته بتعليق وإغلاق حسابات فلسطينية، والاستفسار حول إذا ما كان قد تم استخدام خوارزمية أو ترك التقدير للموظفين باتخاذ القرارات بإغلاق الحسابات الفلسطينية.
وأكد مركز صدى سوشال أن هذه الدعوى تأتي إثر تعنت إدارة فيسبوك في التعامل مع الشكاوى التي تصله من المركز وجهات فلسطينية أخرى مهتمة بالحقوق الرقمية، وأصحاب الحسابات وجهات إعلامية ومؤسسات صحفية.
يذكر أن إدارة فيسبوك صعدت من إجراءاتها ضد المحتوى الفلسطيني في العام 2021، وبلغت شكاوي الانتهاكات خلال العام الفائت فقط أكثر من 1593 انتهاكًا.
وبلغت حملة فيسبوك ضد المحتوى الفلسطيني ذروتها خلال شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران 2021 تزامنًا مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وحي الشيخ جراح في القدس المحتلة.
قانون «إسرائيلي» جديد
مؤخرًا صادقت اللجنة الوزارية للتشريعات في حكومة الاحتلال، على مشروع قانون يمنح الاحتلال سلطات واسعة النطاق لمراقبة المحتوى الفلسطيني، وذلك بإلزام المواقع الإعلامية وشبكات التواصل الاجتماعي بحذف مضامين يصفها بأنها ذات صلة «بالإرهاب وأمن الدولة والجمهور والأفراد».
وجاء القانون الذي صادق عليه الكنيست بالقراءة الأولى بدعوة من وزير القضاء جدعون ساعر، ويأتي امتدادًا لمقترحات تشريعات بادر إليها وزير الأمن الداخلي جلعاد إردان عام 2016، ووزير القضاء أييليت شاكيد عام 2017، بهدف محاربة المحتوى الفلسطيني وحذف المضامين الداعمة لنضال الشعب الفلسطيني.
ووفق نص القانون في القراءة الأولى، تمنح شركة «فيسبوك» النيابة العامة الإسرائيلية صلاحيات واسعة لحذف مضامين منشورة في شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية، فيما تعطيها مساحة لحذف المضامين الرقمية بحجة أنها «تحريضية».
ويزعم القانون أنه يهدف إلى محاربة ما وصفه بـ«المحتوى العنيف»، حيث سيكون المحتوى على شبكات التواصل الاجتماعي مثل، فيسبوك وتويتر وغوغل ويوتيوب، وغيرها تحت عين الاحتلال، للحذف وملاحقة أصحاب هذه المضامين قضائيًا بحجة ارتكاب مخالفة جنائية.
ويجيز القانون، يجيز حذف مضامين عبر مواقع شبكة الإنترنت، مثل المواقع الإخبارية، ويمنح مزودي خدمة الإنترنت صلاحية حجب المواقع بحجة أنها تدعو للتحريض، وإحالة أصحابها للتحقيق وتقديمهم للمحاكمة.
القائمة السوداء
مؤخرًا كشف النقاب عن القائمة "السوداء السرية" التي تضمنت عددًا كبيرًا من المؤسسات والشخصيات الوطنية الفلسطينية يتم حجبها بشكل آلي وفوري حال دشنت حسابات أو صفحات أو تحظر الصفحات التي تستخدم اسمها.
ونشر موقع theintercept، تقريرًا عن القائمة "السرية السوداء" التي تضم عددًا من التنظيمات والمؤسسات والشخصيات الوطنية الفلسطينية والمؤسسات الإعلامية تعتبرها شركة فيسبوك "خطرة" وتتم مراقبة المنشورات التي تحتوي على صور أو عبارات ذات صلة بالإضافة إلى الأشخاص الذين يقومون بكتابتها ونشرها.