في رحاب الذكرى الخمسين لاستشهاد المثقف الأديب والمناضل غسان كنفاني، "غسان" الفكرة والإنسان لظاهرة وطنية أدبية منفردة النظير، أحدثت التأثير والتغيير في التغريبة الفلسطينية مرورًا بكافة مراحل الثورة والقضية، لتصنع حضارةً سياسية إنسانية ضمن واحة أدبية جسدها "غسان" المناضل والإنسان" في قصصه ورواياته، التي اخترقت الحواجز ووصلت لكافة أرجاء المعمورة.
غسان كنفاني اسم ارتبط على الدوام بالثورة والقضية والإنسان الفلسطيني، واستطاع أن يظل محفورًا في ذاكرة الفلسطينيين وأحرار ومثقفي العالم بأسره، من منطلق أن "غسان" قام بتجسيد وتوحيد عناصر القضية الفلسطينية وعناوين صراعها مع المحتل، ليس من أجل استمرار الصراع دون جدوى بل لإيصال الرسالة الفلسطينية والوصول إلى حل، يعيد للأرض المحتلة والإنسان الحرية والعودة وتقرير المصير والاستقلال.
في الذكرى الخمسين لاغتيال الشهيد "غسان" على أيدي الاحتلال، لا بد أن نقوم بعملية تقييم أدبي للثائر الانسان "غسان" في واحة أدبه وقصصه ورواياته التي جميعها تنبض شوقاً للأرض المحتلة فلسطين، وتغرد فرحاً للقاء الأرض العاشقة في الشهداء والمناضلين والزنود السمر الغر الميامين، الذين يزرعون الأرض أملاً على طريق الحرية واقامة الدولة فلسطين.
من خلال استعرضنا لبعض ما سطر وكتب قلم غسان الثائر الإنسان، من خلال المجموعة القصصية "عن الرجال والبنادق" التي تعتبر مجموعة قصصية يستلهم فيها كل طاقات إبداعاته الأدبية لمأساة شعبه اللاجئ والمناضل في ذات الوقت، واستلهم قصصه من صفحات تاريخ نضاله، وفي المجموعة القصصية "أرض البرتقال الحزين"، والذي حاول فيها تصوير الشخصية الفلسطينية ضمن قدرها ومكانتها ، مثل ورقة من غزة ، وورقة من الرملة، والتي تصنف قصة أرض البرتقال الحزين بالعمود الفقري لهذه المجموعة حيث كانت ملتحمة بسيرة غسان ، لكنها في نفس الوقت تؤرخ معاناة اللاجئ الفلسطيني بشكل عام ، وقد استخدمت فيها أساليب قصصية مستحدثة، إذ تم استعمال ضمير المخاطب بدلاً من المتكلم في الحديث ، من خلال ما شاهده في طفولته، والتي كانت شخصيته مجرد انعكاساً للأحداث، وقد عبر في رمزيتها "للبرتقال" عن كل ملامح الشخصية الفلسطينية.
ترك الشهيد والمناضل الكبير "غسان كنفاني" إرثاً فلسطينياً وطنياَ ممزوج بعبق التاريخ الإنساني لحكاية شعب وعدالة قضية من خلال ما سطر إبداعه الفكري والثقافي عبر ما كتب في فنون التميز والإبداع في عالم الفكرة والإنسان المتمسك بخيوط الحلم والأمل معاً، إلى روح غسان الفكرة والإنسان وردة وسلام.