يمكن القول، إن مبادرة الإنقاذ التي طرحها عدد من السياسيين الفلسطينيين من مشارب سياسية مختلفة، تعد الأنضج والأوضح بين كل المبادرات التي تحاول استعادة الأمل بالمشروع التحرري وترميم الحالة السياسية التي يصفها القدوة بأنها الأكثر انحطاطا منذ النكبة الفلسطينية الاولى.
فالآليات التي طرحتها "مبادرة الإنقاذ" حالة متقدمة في الفكر السياسي، بما فيها المبادئ الحاكمة، بدمقرطة النظام السياسي عبر الانتخابات، واستعادة الوحدة وإنهاء الانقسام عبر مفهوم متقدم للشراكة الوطنية بمقابل عودة غزة للنظام السياسي والإداري الفلسطيني وأخيرًا إعادة بناء مؤسسات م. ت. ف. وتشكيل حكومة جديدة بمعزل عن شروط الرباعية الدولية.
لكن هذه المبادرة ستظل في إطارها النخبوي حتى لو وقع عليها مئات الآف الفلسطينيين اليائسين من الحالة المنحطة التي وصلتها القضية، لأن أصل المشكلة هو فئات من المستقطبين مصلحيًا على طرفي الانقسام المتنفذين المتحكمين بالنظامين في غزة ورام الله. واستمرارهما مرتبط بالمصلحة الإسرائيلية وترتيباتها لإدامة الانقسام وقطع الطريق على الاستقلال وتقرير المصير ووحدة الشعب والأرض.
هذه المبادرة، كان يجب أن تبدأ من القاعدة الشعبية العريضة لحركة فتح، لأن المطلوب هو إنقاذ فكرتها الوطنية الجامعة وليس "استعادتها من خاطفيها" عبر عمل من خارجها وروافع من نخب يسارية وليبرالية فشلت أساسا في دمقرطة وتفعيل أحزابها وفصائلها أو تقديم بدائل متقدمة.
البداية والأولوية في مشروع الإنقاذ يجب أن يبدأ من فتح لأن بوصلتها الوطنية التي تأسست عليها، جامعة وموحدة وليست أيديولوجية مغلقة، مرتهنة إلى الروافد السياسية الكارثية، القومية واليسارية والإسلامية. فتح هي خلطة من كل هؤلاء، واستعادتها هدف سيكتب له النجاح، اذا تم الاشتغال على قانون المحبة واستشعار الخطر، لان وحدة الحركة بجهد من داخلها بات مطلب كل قواعد الحركة واقاليمها التي تتوق إلى ديمقراطية حقيقية، من القاعدة إلى القمة، استنادًا إلى النظم واللوائح الداخلية، وهي الأليات التي أنقذت الحركة في أصعب ظروفها ومسيرتها على الدوام. وحتى الذين تعسفت القيادة المتنفذة بحقوق عضويتهم وفصلتهم دون نظام وقانون ضامن لحقوق الأعضاء بمن فيهم المفصولين من الهيئات الاولى للحركة.
الأولى، أن تبدأ المبادرة التي قادها القدوة من فتح، بتضمين الفكرة الرئيسية التي طرحها لاستعادة الوحدة وانهاء الانقسام باعتبارها أساس فكرة حركة فتح، وكان يمكن أن يضاف لوثيقة إنقاذ فتح ما ذكره القدوة في المؤتمر الصحفي ولقاءاته التلفزيونية اللاحقة، أن على الحركة أن تستوعب المتغيرات التي طرأت على المجتمع الفلسطيني في العقدين الماضيين، وفتح الأبواب لمشاركة الشباب والمرأة ورفد الحركة بتيار كبير من الوطنيين الذي يجدون في فكرة فتح الوطنية الجامعة بيتا لهم وتمثلهم.
الامل معقود من الوطنيين الفلسطينيين على ناصر القدوة أن يستعجل بمبادرة لإنقاذ فتح واستعادة وحدتها أولا، بما يتمتع به من ثقة واحترام ومصداقية داخل الحركة وفي الصف الوطني.