في العام 2018 صوت الإسرائيليون لاختيار رؤساء البلديات وأعضاء مجالس المدن وسط مقاطعة شبه تامة من قبل أكثر من 320 ألفًا من المقدسيين لانتخابات بلدية الاحتلال في القدس، وحينها تم اعتقال أمين سر حركة "فتح" في جبل المكبر وأحد كوادر الحركة ورئيس لجنة أولياء أمور الطلبة لرفضهم وضع صناديق اقتراع في منطقه جبل المكبر استجابة للموقف الوطني والشعبي في القدس بمقاطعة انتخابات بلدية الاحتلال.
وها هي الأيام تمر نحو انعقاد انتخابات قادمة للبلدية في القدس ولكن بوجود أفراد عرب يرغبون بدخول الانتخابات، بالرغم من استمرار الموقف الوطني الرافض للترشح لهذه الانتخابات وهو موقف ثابت منذ العام 1967، باعتبار أن بلدية الاحتلال ذراع لسلطات الاحتلال تُمارس القمع والتنكيل والاعتقالات اليومية وأسرلة التعليم وسياسة هدم المنازل وتغيير معالم المدينة وتفريغها من مواطنيها سواء بالتهجير الطوعي أو القسري، والاستمرار بعملية تهويد القدس بشطريها الشرقي والغربي، ومن هذا المنطلق جاءت المقاطعة كواجب وطني وأخلاقي وديني "بالمقاطعة ترشحًا وانتخابًا".
وما زالت القوى والهيئات والمرجعيات الدينية والوطنية ملتزمة بذات الموقف مؤكدة رفضها المطلق للمشاركة في هذه الانتخابات، كونها تُعطي الاحتلال شرعية لوجوده في المدينة المقدسة، ولما يُمارسه من سياسات عرقية ضد أبناء الشعب الفلسطيني.
موقف المقدسيين من المقاطعة :
على الرغم من أن الفلسطينيين في القدس يشكلون حوالي 30٪ من سكان المدينة، إلا أنهم يقاطعون الانتخابات المحلية الماضية بقولهم الدائم إن التصويت سيشكل اعترافًا بالسيطرة الإسرائيلية على القدس، رغم أن بلدية الاحتلال حاولت استقطاب أكبر عدد ممكن من المقدسيين في الأحياء العربية في البلدة القديمة وفي سلوان وفي بيت حنينا ومخيم شعفاط.
ولهم موقف آخر من المشاركة في الانتخابات لبلدية القدس بقولهم لن تقلب البلدية أوضاعهم في القضايا المطلبية الاقتصادية – الاجتماعية، والمحتل يسطو على كل حقوق الشعب في مدينة القدس ويسن المزيد من القوانين والتشريعات التي تصادر هذه الحقوق في المدينة، منها قانون أساس القومية الصهيوني وغيرها.
وبعض المواقف تُشير إلى أنه ما زال سلوك بلدية الاحتلال يُساهم في هدم المنازل وتسريب العقارات وعدم إصدار رخص لأبناء المدينة المقدسة، لذا هذا الأمر يجعله إضافة إلى مقاطعة المشاركة من قبل المقدسيين.
هدف الاحتلال من التشجيع :
الاحتلال يريد تجميل صورته وإظهار المدينة بأنها موحدة ولكل مواطنيها، ولكن بلدية القدس لا تستطيع إقرار أي قرار له علاقة بالبعد الأمني والاجتماعي والاقتصادي المتعلق بالعرب إلا من خلال الحكومة الاسرائيلية المركزية. وما نشهده هذه الفترة أن الحكومات تتجه من اليمين إلى اليمين المُتطرف بحق المقدسيين.
كما أن الاحتلال يهتم بشكل قوي في انتخابات بلدية القدس لان أي رئيس "للبلدية " يولي اهتماماً لانتخاباتها لأنها بوابة الوصول إلى رئاسة الوزراء في إسرائيل أو عضواً فاعلاً في الكنيست.
موقف بعض المقدسيين :
يتذرع البعض من الذين يريدون الخوض في الانتخابات أن دخولهم يأتي من أجل وقف هدم المنازل ومنح تراخيص بناء، ووقف التمييز في التعليم، واستثمار المزيد من الأموال للمدينة، وتحسين البنية التحتية، ولكن الذي يُعطي القرار الحقيقي لدعم تلك القرارات هو الحكومة الاسرائيلية وليس رئيس البلدية.
الموقف الوطني :
في نهاية المطاف القدس عربية فلسطينية خالصة والانتخابات التي تحدث في القدس الشرقية باطلة تُخالف قرارات الشرعية الدولية وتحد لقرارات الأمم المتحدة في جمعيتها العامة ومجلس الأمن الدولي، خاصة القرار 19/67 الذي منح العضوية المراقبة لدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 4 حزيران لعام 1967، بالتالي الانتخابات في القدس الشرقية باطلة، والتمسك بالمقاطعة يعني التزاماً بالموقف الوطني.
خلاصة:
إن عدم المشاركة في الانتخابات البلدية للقدس هو الالتزام بالهوية الفلسطينية والتأكيد على عروبة مدينة القدس، وعملية المشاركة يعني التأكيد على سيادة الاحتلال على جميع القدس.