يوم الأحد 31 يوليو 2022، نشرت وسائل إعلام عبرية مقتطفات من رسالة رئيس حكومة الكيان العنصري يائير لبيد إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، تحدث فيها حول قرار المنظمة الدولية بتشكيل لجنة تحقيق فيما ارتكب من جرائم ضد أهل قطاع غزة.
ليس جديدا حرب الكيان العنصري على الأمم المتحدة، رغم أنها من شكلت له "سند قانوني" لشرعنة اغتصاب فلسطين منذ 1948، ولم ينفذ يوما أي من قراراتها حول القضية الفلسطينية، حتى تاريخه، ومع ذلك لم تذهب المنظمة الأممية إلى طرده من بين الأعضاء أو تعليق عضويته، رغم أنه العضو الوحيد الذي لا يقيم وزنا لأي قرار خاص بفلسطين من قرار التقسيم والقدس حتى تاريخه.
ورغم ذلك "الاحتضان غير الشرعي" لكيان اغتصب الشرعية الدولية، وليس فلسطين الوطن، يخاطب الصحفي يائير لبيد أمين عام الأمم المتحدة، وكأنه أحد جنود جيش الاحتلال، او الكتيبة الإعلامية التي تحيط به، ففي تلك الرسالة طالب رئيس حكومة دولة الأبرتهايد من غوتيريش بـ "إقالة وحل أعضاء لجنة التحقيق ضد إسرائيل على الفور"، فيما يتعلق بـ "حرب مايو على غزة 2021"، مضيفا "هذه اللجنة لا تدعم فقط معاداة السامية بل تؤججها".
والحقيقة الناطقة من مضمون الرسالة، تكشف أن "المارشال لبيد لا يطلب من رأس الأممية الدولية، بل يأمره بالتنفيذ الفوري، وسمح لنفسه اعتبار اللجنة التي أقرتها غالبية دول العالم بأنها "معادية السامية" وتؤججها، لغة ومفردات لا يمكن لغير هذا الكيان العنصري استخدامها ضد من يمثل دول العالم، بصفته القانونية.
بالتأكيد، يحاول الصحفي لبيد، ان يبدو ما قبل الانتخابات التي تؤشر إلى انتهاء حقبته السياسية بأسرع زمن في تاريخ الكيان، وكأنه "صقر" يتفوق على سابقيه في الاستخفاف بالشرعية الدولية ومؤسساتها، دون ان يفكر أو يراجع بأن من طالب بتلك اللجنة كانت وسائل إعلام أمريكية، تميل تاريخيا لتأييد سياسة الكيان أي كانت.
الحقيقة الأبرز، التي يتجاهلها الصحفي الفاشل وغير الأمين على نقاشات من يلتقي من قادة عرب، وحادثة التسريب الصبياني ضد الملك الأردني لا زالت حية، أن هناك قرارات مجلس أمن وجمعية عامة لمتابعة جرائم حرب هذا الكيان، ليس في حرب مايو الأخيرة، بل منذ بداية الوجود الصهيوني في فلسطين، من قتل وحرق وتدمير.. كيان مسجل باسمه حصرا أكثر أعضاء المنظومة الدولية ارتكابا لجرائم حرب بعد الحركة النازية.
خلال حرب مايو 2021، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية المؤيدة تاريخيا للكيان العنصري، على صفحتها الأولى صورة لـ 69 طفلا فلسطينيا قتلتهم طائرات جيش الاحتلال، وهي الصحيفة التي لا يجرؤ لبيد اتهامها بمعاداة السامية، ثم تلتها غالبية مؤسسات حقوق الإنسان، التي استخدمتها المخابرات الأمريكية ضد المنظومة الاشتراكية تحت "غلاف حقوق الإنسان"، وأيضا لا يجرؤ هذا الصحفي اتهامها باللاسامية، بل لا يمكنه ان يوجه لها عبارة من تلك العبارات المستخدمة ضد أمين عام المنظمة الأممية.
منطقيا، يجب أن يصدر مكتب الأمين العام للأمم المتحدة ردا حاسما على مجرم الحرب لبيد، بصفته الحاكمة، وأن يتم بحث تلك الرسالة ببعدها السياسي – القانوني، لاتخاذ قرار مناسب حولها، وهل يتطلب ذلك تعليق عضوية الكيان لتطاوله غير المسبوق في التخاطب، ام هناك وسائل رفض وتنديد "أكثر نعومة" كي لا يغضب الراعي الرسمية لدولة التطهير العرقي، بصفتها الأكثر تمويلا لموازنة المنظمة الدولية.
ووفقا لتجارب سابقة، فالأمين العام غوتيريش لن يذهب إلى رد الصفعة بمثلها أو بضعفها صفعتين، كما هو ضرورة تأديبية لما جاء في رسالة الصحفي، ولذا يصبح الأمر مناطا بالجامعة العربية أن تصدر بيانا واضحا حول ضرورة التسريع بعمل اللجنة المعنية في التحقيق بجرائم حرب دولة العدو القومي.
بالتأكيد، فتلك مهمة مضافة يجب أن تقوم بها "الرسمية الفلسطينية"، وتعلن عبر مؤسساتها المختلفة الضرورة القصوى للبدء الفوري بالتحقيق فيما ارتكب من جرائم حرب، ولا تزال يوميا ترتكب بأشكال مختلفة.
صمت "الرسمية الفلسطينية" بعد رسالة الصحفي لبيد سيؤكد "الإشاعات"، التي نشرتها وسائل إعلام عبرية، حول وجود صفقة أنجزها وزير حرب الدولة العدو مع الرئيس محمود عباس، في زيارته الأخيرة لرام الله، بـ "وقف الملاحقات القانونية دوليا مقابل تقديم تسهيلات اقتصادية وحياتية غير سياسية".
تجرؤ الصحفي لبيد على الشرعية الدولية بوقاحة نادرة، يبدو وكأنه مقدمة موضوعية لجرائم حرب تدق الباب الفلسطيني...فاحذروها قبل ان تبدأ "مندبة لطم" جديدة، لن يقيم لها أحدا وزنا دون صفع من أهل الدار!