- جرافة الاحتلال تبدأ بتدمير البنية التحتية بمحيط ديوان السعدي بالحي الشرقيه في مدينة جنين
من يُتابع المشهد الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الفلسطينية، يتأكد أن إسرائيل لن تهدأ طالما أن خيار المقاومة في نفوس الفلسطينيين وصواريخ المقاومة متواجدة في القطاع ستظل إسرائيل تطلق صواريخها حتى إنهاك المقاومة بشكل تدريجي، فإسرائيل لا تريد ضرب القطاع ضربة قاضية على القطاع فهو ينعكس على أمنهم الداخلي حيث يعتبرون أن الضربات التدريجية على القطاع أو سياسات الاغتيالات للقيادات سواء في الضفة أو القطاع هو الأنجع للحفاظ على البُعد الأمني وهو أولى أهدافهم من الحرب المؤخرة وليس فقط من أجل الدعاية الانتخابية على حساب الدم الفلسطيني.
إسرائيل أرادت شن ضربة على فصيل الجهاد الاسلامي لاختبار مدى نجاعة القبة الحديدية الجديدة التي تعمل بنظام الليزر وهي حسب اعتقاد إسرائيل نجحت وهذا ما يفتح شهية الاحتلال لشن ضربات ضد حزب الله بالذات بعد رفض الاحتلال عرض حزب الله حول ترسيم الحدود البحرية، وتم الاستفراد بفصيل الجهاد الاسلامي تحديداً لعدة أسباب:
أولًا: الحضور الجماهيري القوي والفاعل لحركة الجهاد الإسلامي على الساحة الفلسطينية داخلياً، والحضور القوي خارجياً فهي قادرة على توجيه البوصلة السياسية بالاتجاهات الصحيحة ولها تأثير قوي على الجماهير، وكما أن الاحتلال يريد معرفة مدى تصدي القبة الجديدة لصواريخ الجهاد بالتحديد أن الجهاد هو الأقرب لحزب الله.
ثانيًا: أن حركة الجهاد الإسلامي حركة وحدوية وليست لها أطماع في السلطة وقادرة على حل الأزمات السياسية بعلاقاتها الجيدة مع الكل الفلسطيني.
ثالثًا: أن حركة الجهاد الإسلامي اكتسبت خبرات سياسية كبيرة في العمل السياسي وتشارك في كل الحوارات التي تطرح على الساحة الفلسطينية والعربية والإقليمية، ولها دور كبير في دعم جهود مصر الهادفة لحل المشكلات الفلسطينية العميقة كالانقسام الداخلي.
رابعًا: حركة الجهاد الإسلامي بجناحها العسكري سرايا القدس تمثل ثقلاً عسكرياً كبيراً في فلسطين، وقد شاركت كتائب القسام وبقية الفصائل في صد العدوان الصهيوني على قطاع غزة، وخاضت وحدها معركة عسكرية ضد الاحتلال الصهيوني.
خامسًا: هناك نشاط سياسي وإعلامي كبير لحركة الجهاد الإسلامي في المنطقة والعالم، وهي تحشد دائما لنصرة القضية الفلسطينية ودعمها، والانحياز لمطالب الشعب الفلسطيني وفضح ممارسات الاحتلال.
لماذا الآن:
تستخدم إسرائيل سياسة " نظرية الضفدع المغلي" القصف التدريجي لتركيع وإضعاف المقاومة ومن ثم تحييد القطاع للتفرغ إلى الحرب الأشمل، وهذه النظرية تُرينا أن الضفدع إذا وضع بإناء به ماء وإذا سُخن تدريجياً فإن الضفدع لا يشعر بحرارة الماء إلا إذا وصلت سخونة الماء إلى درجة الغليان وهنا يموت الضفدع دون أن يقفز وهذه النظرية تستخدمها إسرائيل لتذويب مناعة المقاومة دون أن تشعر بذلك الخطر، وعند الذوبان لا تستطيع المقاومة الخروج من المأزق إلا بقبول هدنة طويلة الأمد، قد يكون هذا الأمر إحدى الأسباب لعدم دخول حركة حماس الحرب الأخيرة وكما أن حماس تعيش الآن ضمن متناقضين جزء منها مازال متناغم مع المشروع الإخواني" قطر وتركيا" من أجل الاستمرار في التمكين والمُضي في تقديم التسهيلات للقطاع ورفع المعاناة عنه، وجزء من حماس بالتحديد القسام يتبع ايران ويؤمن بالتحرير عبر المقاومة وقيادة حماس الحالية لا يمكن أن تتجاوز رغبة القسام وبعض قيادتها التي تسعى جاهدة إلى الحفاظ على وحدة الحركة وعدم تمزيقها، ومن يمسك زمام الأمور في القطاع "محمد الضيف" ورجال القسام والمقاومة.
ولكن تصرف القسام بعقلانية لعدم دخوله الحرب لأنه يعلم تماماً أن دخوله الحرب هو القضاء على سلاح المقاومة في القطاع وهو ما يريده الاحتلال بعد تطوير ترسانته العسكرية وبعد إضعاف المقاومة يتم تحييده للتفرغ للحرب الأوسع سواء مع حزب الله أو إيران ذاتها اذا رفضت توقيع الاتفاق النووي.
سياسة الاغتيالات:
تقوم إسرائيل باستخدام سياسية الاغتيالات بالتحديد للأفراد والشباب الذي يؤمنون بخيار المقاومة مهما اختلفت الأيديولوجيات ومنذ العام 2017 سعت إيران وحزب الله التركيز على تجنيد الشباب فبدأت بباسل الأعرج والذي لم يمت حيث هناك الآلاف من الشباب البواسل الفلسطينيين الذين يسيروا على هذا الدرب، وإبراهيم النابلسي مزج الكلمة بالدم وقدم دروساً في كيفية تحويل الكلمة إلى فعل في مواجهة العدوان الصهيوني الذي يستهدف الشعب الفلسطيني ووصيته وصلت الشباب لاستكمال طريق انتفاضة الشباب الفلسطيني.
إسرائيل تعمل على ضرب تلك المقاومة في الضفة الغربية لأنها تعلم تماماً أن محوراً داخلياً بدأ يُقاوم فعلياً الوجود الإسرائيلي، وليس هذا فحسب هناك محوراً بدأ بالتشكُل ولم يُستكمل بعدد من الخلايا العسكرية في سوريا ولبنان والعراق واليمن وقطاع غزة وتلك الخلايا هدفها تطويق إسرائيل عسكرياً.
حزب الله بدأ بتشكيل نواة في الضفة الفلسطينية نظامية وشعبية تمثل الافراد والقوى وتهدف بتنشئته واعداه على امتداد فلسطين عقائدياً ومادياً ولوجستياً للقيام بمهام في مناطق الضفة، وتقدم إيران الدعم المالي والعسكري والمعلومات الاستخباراتية لتلك النواة لإنشاء جبهة مقاومة متقدمة لمواجهة المشروع الصهيوني وسيكون للجهاد الاسلامي دوراً بارزاً ناهيك عن فتح ايران قنوات مباشرة على خلايا فتحاوية وستستغل حالة الضعف والتفكك التي تعانيها الحركة، حالة استشهاد إبراهيم النابلسي ستنجب شباب كُثر وحزب الله يدعمهم طالما هناك أفراداً يتبنون خيار المقاومة.
هنا تستطيع إيران تحقيق أهدافها عبر مجموعات في الضفة الفلسطينية لإرغام أمريكا على مفاوضتها على النووي وحسب شروط إيران، كما أن حزب الله لن يوافق على ترسيم الحدود البحرية حسب الشروط الإسرائيلية لذا فجولات التصعيد ستبقى مستمرة.
هل روسيا تتدخل في الواقع الفلسطيني:
تلعب روسيا دوراً مهماً في القضية الفلسطينية وذلك من أجل استمالة أكبر عدد ممكن من القوى لجانبها كون المنطقة تشهد تحولات جذرية في التحالفات والتي من شأنها تؤثر إما سلباً أو إيجاباً على روسيا الأمر الذي سينعكس على روسيا، وروسيا معنية بجذب التيارات المقاومة لصفها حتى تستطيع ترسيخ نفوذ قوي لها في منطقة الشرق الأوسط والسيطرة على منابع الغاز في مواجهة النفوذ الأمريكي واعادة تموضع لنفوذها في المنطقة، لذا تسعى دومًا إلى استضافة وفود من حركة الجهاد الإسلامي وحركة حماس لتقديم الدعم لتيار المقاومة حتى لا تعطي مجالاً لأمريكا السيطرة على الغاز في منطقة الشرق الاوسط عبر تحكم امريكا وإسرائيل بمنابع الغاز في المنطقة القريبة لشواطئ غزة، وحقول الغاز في مصر وشواطئ البحر الأبيض المتوسط وهو ما يضر بروسيا فعلياً اذا وجدت أوروبا البديل عن غازها.
جولات مستقبلية:
الجولات المستقبلية لن تكون فقط بين الجهاد والاحتلال بل ستكون الحرب القادمة حرب ثلاثية الأبعاد بين كل من المقاومة الفلسطينية وحزب الله وإسرائيل، وحرب على ثلاث جبهات "جنوبية" (الغرفة المشتركة) "شمالية" (حزب الله) وسوريا، ولربما لجبهة رابعة وهي في الضفة الغربية بعد تأثر العديد من الشباب بوصية" إبراهيم النابلسي".
والمتغير الجديد هو تكتل جديد ذو اتجاه مقاوم لإسرائيل قد يكون قطاع غزة في حالة يرثى لها ولكن اتضح أن إسرائيل هي في مأزق الان وعلى عدة جبهات، غزة، لبنان، سوريا، اليمن عبر ما يعرفوا بـ "أسود اليمن"، المتغيرات القادمة لمنطقة الشرق الأوسط ضمن المشروع الاقليمي القادم لإعادة الخريطة الجيوسياسية والديمغرافية باتت أقرب وضوحًا حول تشكيل تحالفات واضحة العيان والهدف.
إذا دخلت إسرائيل حرب ضد حزب الله فهذا الامر سيجرها إلى حرب إقليمية وحزب الله يمتلك من الأسلحة الدقيقة ليس كما الجهاد الاسلامي فصواريخ الجهاد تستطيع القبة الحديدية بنظام الليزر أن توقفها، لكن الصواريخ الدقيقة قد يصعب إيقافها.