الكوفية:لا الذين كتبوا، ولا الذين تطوعوا، للحديث عن دور أردني في ترتيب العلاقات بين القوى السياسية الفلسطينية ومواقف قادة المجتمع العربي الفلسطيني في مناطق الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، وأغلب ما كُتب يكشف عدم الدراية، وغياب دقة المعلومة السائدة المعيقة للأمل والرغبة في دور فلسطيني مؤثر لهذا الجزء من مكونات الشعب الفلسطيني الثلاثة: 1-فلسطينيي مناطق 48 ،2-فلسطينيي مناطق 67، 3- فلسطينيي الشتات واللجوء.
أولاً الشيخ المناضل رائد صلاح وما يُمثل حزبياً ووطنياً، يتخذ موقفاً رافضاً مبدئياً وبحزم ضد المشاركة في انتخابات الكنيست الإسرائيلي، ويعتبر ذلك إقراراً بشرعية المستعمرة ومشروعها الظالم غير العادل على أرض فلسطين، وهو يتخذ هذا الموقف منذ عام 1996، حينما قرر مجلس شورى الحركة الإسلامية في مناطق 48 برئاسة مؤسس الحركة الراحل الشيخ عبد الله نمر درويش، المشاركة في انتخابات الكنيست، وتحالف مع الحزب الديمقراطي العربي برئاسة عبد الوهاب دراوشة، وقد حقق التحالف بينهما نجاح أربعة نواب، مناصفة بين الطرفين.
مشاركة الحركة الإسلامية في مناطق 48 في انتخابات الكنيست أدت إلى خروج رائد صلاح مع أقلية من الحركة، وقاد حركته، بعيداً عن المشاركة في الانتخابات، باستثناء انتخابات المجالس المحلية، واقتصر عمله السياسي بشكل واضح بارز ليكون في مقدمة وطليعة المدافعين عن قدسية القدس وحرمها ومسجدها، ودفع ثمن ذلك بالاعتقال والابعاد المتعدد.
ثانياً بقي الشق الرئيسي للحركة الإسلامية مشاركاً في انتخابات الكنيست إلى اليوم عبر تحالفات متعددة، وتسجل الحركة الإسلامية لنفسها أنها تتمتع بالحفاظ على تداول السلطة في قيادتها الداخلية عبر انتخابات المؤتمر العام ومجلس الشورى ومكتبها التنفيذي، وقد جرت آخر انتخابات هذا العام حيث فاز صفوت فريج رئيساً للحركة من كفر قاسم، بعد حماد أبو دعابس من النقب الذي انتهت ولايته، وتم الاقرار بالسياسة التي نهجها النائب منصور عباس، باعطاء الأولوية للقضايا المعيشية في برنامجهم السياسي الخلافي الذي أدى إلى انقسام في الحركة السياسية الفلسطينية، بعد أن نجحت الأحزاب الأربعة: 1- الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، 2-التجمع الوطني الديمقراطي، 3-الحركة العربية للتغيير، 4-الحركة الإسلامية وشكلوا القائمة البرلمانية المشتركة في 22/1/2015، وحصلوا على 13 مقعداً لأول مرة، وبعدها فازوا في الانتخابات التالية 15 مقعداً، ولكن بعد خروج الحركة الإسلامية، وتحالفها مع الأحزاب اليمينية واليمينية المتطرفة الإسرائيلية تراجع التمثيل العربي الفلسطيني إلى عشرة مقاعد: ستة مقاعد للقائمة المشتركة المكونة من الأحزاب الثلاثة، وأربعة مقاعد للقائمة الموحدة، قائمة الحركة الإسلامية، وتراجع التصويت الفلسطيني من 64% من الذين وصولوا إلى صناديق الاقتراع إلى أقل من خمسين بالمائة، مما يدلل أن الفلسطينيين يرغبون بالوحدة والائتلاف ويحبذونه، ويرفضون الانقسام والخلاف وينبذونه.
ينصب الجهد الآن باتجاه أولاً إعادة التحالف بين الأحزاب الأربعة ضمن القائمة المشتركة وهي رغبة مستبعدة، والاحتمال الثاني أن يخوضوا الانتخابات يوم الأول من تشرين الثاني المقبل بقائمتين منفصلتين ولكن بدون تصادم، على أساس التفاهم، والابتعاد عن مفردات التخوين والتكفير السائدة بينهما.
جهود حثيثة تبذل بهذا الاتجاه، بين الطرفين لا شأن للشيخ رائد صلاح بهما، وأقصى ما يمكنه التجاوب مع هذه الجهود: عدم تحريضه على الانتخابات، وعدم مطالبته بمقاطعتها، وغير ذلك وهم، وسوء تقدير، وعدم دراية بالوقائع والحقائق الفلسطينية السائدة في مناطق 48.