لم يعد بالإمكان الصمت طالما أن كفالة الكتمان كانت في تقسيم الكيكة فما أن فرطت سبحة التحالفات وظهرت ارهاصات الوريث الا خرجت المعلومات علي شكل تسريبات يمكن نفيها اذا ما التئمت دوائر الشبهة فيبدو أن التواطؤ في المسألة كان مفتعل وهنا تبطل كل دوافع إبقاء لجنة التحقيق في اغتيال عرفات لها طابع فلسطيني محض دون أن تتجاوز هذه الحدود ..فعرفات ليس أقل أهمية من رفيق الحريري ومن لجان تحقيق خاصة شكلت لمعالجة اغتيال أكثر من شخصية دولية لذلك هذه القضية وبعد مسيرة تحقيق دامت أكثر من ثمانية عشر سنة لم تنجز اي مهام ملقاة علي عاتقها لتخرج التسريبات تباعا فور انكسار دائرة التحالفات وكان الأمر كان في طور الاتفاق الضمني بين كل وجميع أطراف اللعبة القائمة في المقاطعة من منظمة وسلطة ولجنة مركزية.
لا انظر إلي درجة خطورة التسريبات أو حتي الإيماءات التي تحملها أو توجيه بعض أصابع الاتهام الي شخص بعينه أو الأطراد أكثر بمن اتي بهذا الشخص الي العمل كطبيب لدي ياسر عرفات أو المحور الذي يتشكل منه هذه المجموعة فالثقة ضربت لجنة التحقيق نفسها وهي ليس أقل خطورة وتقع أيضا في دائرة الاتهام والشبهة لأنها الي جانب اشتراكها في التستر علي المعلومة رهنت إفشاء المعلومات بمصالحها الخاصة وهذا دليل علي تورطها أكثر من المنفذ في حادثة اغتيال زعيم الأمة العربية والإسلامية ياسر عرفات ...
مهمة المطالبة بفتح تحقيق دولي في اغتيال ياسر عرفات تقع علي عاتق زوجته وابنته وهذا حق شخصي كفله لها القانون الجنائى الدولي أما عن التأخر في طرح الموضوع بفتح تحقيق دولي فيعزي الأمر الي حالة التهوان والغير جدية بل والتلاعب بالمسألة وارتباطها بمصالح الأشخاص وايضا ارتهانها بدوائر تحالفاتهم والأهم من ذلك ما طرأ من مستجدات جديدة في قضية التسريبات التي تشير إلي اغتيال من تورط في اغتيال ياسر عرفات لإخفاء اي دليل علي القضية الام وهي اغتيال عرفات نفسه .
ان مسألة الكشف عن الفريق الذي قام باغتيال ياسر عرفات بات مسألة سهلة الوضوح لأننا أمام حادثتين اغتيال لكل منهم مسرح جريمة وشركاء مجرمين لذا فإن توسيع دائرة الجريمة وتعداد مسرحها يكون مهمة سهلة أمام أي فريق تحقيق دولي للقيام بهذه المهمة في وقت قصير وبدون اي تكلفة لأن التحقيق الدولي سيبدأ من حيث انتهي فريق التحقيق الوطني وسيكون هم الدائرة الأولي التي يجب توجيه أصابع الاتهام لهم واستخضارهم الي جهة تحقيق دولية تمتاز بالحيادية والموضوعية والجدية وهنا ستتسرب كل المعلومات كشلال منهمر بين ايادي لجنة التحقيق الدولية كمحاولة من اللجنة الوطنية للهروب الي الامام وتبرأت نفسها من التهم الموجهة إليها وهي أن كانت بريئة في تفاصيل الاغتيال فإنها ليست كذلك في تفاصيل اخفاء الحقيقة حتي لو تذرعت بأن الأمر تم بموجب توجيهات من مستويات عليا بالدولة الا اذا اظهرت هذا الأمر كتابيا ومن هنا يبدا التحقيق وتبدأ الشكوك وتتضح خيوط الجريمة ...
ان مسألة إثارة الموضوع دوليا ليس بالأمر الصعب وهو يأخذ أكثر من منحي في هذا الإطار حيث يبدأ من مطالبة جامعة الدول العربية باستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي بفتح تحقيق جدي وعاجل في حادثة اغتيال الرئيس الفلسطيني الأسبق ياسر عرفات طبقا للباب السابع وهذا الأمر أن وجد شيئا من الصعوبة أو المماطلة أو التسويف أو عدم المقدرة فأبواب المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي فاتحة لهكذا تحقيقات دولية وصاحب الحق في هذا الأمر زوجته وبنته شخصيا أو بموجب وكالة الي محامي دولي يتولي فيها هذا الأمر.
ان ترك هذه المسألة لحالة الاستقطابات السياسية أو ضرب التحالفات وتجميعها أو تذرعا بأن الصمت غاية في هذا الأمر وأن فتح الموضوع يعرض الجبهة القيادية للزعزعة وعدم الاستقرار أو ان الأمر سلبياته أكثر من إيجابيات فهذا تضليل مطلق و باطل يراد به إزهاق الحق ...
فلا حصانة لأحد في هذا الموضوع تحديد ان كل ويلات الشعب الفلسطيني ارتبطت بمغادرة عرفات المشهد لذا فالأمر أن لم يتقدم باتجاه تحريك دعوة جنائية او استصدار قرار من مجلس الأمن بفتح تحقيق دولي ستزداد الغابة ظلمة وسيتسيد القاتل وتنفتح شهوته لمزيدا من الجرائم والاغتيالات...