يوم الأربعاء 31 أغسطس 2022، نشرت وسائل إعلام أردنية خبرًا عن ندوة خاصة، حول "العلاقة بين الأردن وحركة حماس الأسس والتحولات واتجاهات المستقبل".
التقرير الإعلامي حول الندوة المذكورة، تحدث عن "ركائز" في علاقة كانت سابقة، وعلاقة يتم دراستها لما سيكون، وعلها المرة الأولى التي يفتح بها الإعلام الأردني "شبه الرسمي" مسألة العلاقة مع حركة حماس، بعدما انتهت الحالة الاستخدامية لها منذ عام 1987 حتى عام 1997.
الندوة أشارت الى قيمة علاقة الحركة "الإخوانجية" مع الأردن والخدمات الاستراتيجية التي قدمتها في حينه، مع ملاحظة أن الحديث يدور ما قبل دخول حماس العملية الانتخابية وفوزها "المقرر مسبقا" بانتخابات يناير 2006، في زمن تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية بقيادة المؤسس ياسر عرفات.
حماس، ما قبل 1999، كانت فصيلا جوهر أعماله كيفية تعطيل مسار السلطة واتفاق السلام الموقع بين منظمة التحرير وحكومة رابين، وليس سرا أبدا أن 99% من عملياتها العسكرية التي هدفت جوهريا لبعد سياسي وليس كفاحي، وقيادة الحركة الأولى كانت تقيم في عمان، أي أن هناك موافقة رسمية وأمنية أردنية على كل أفعالها، وهي أول حركة يسمح لها بذلك منذ 1970.
ما أثارته الندوة، عن الخدمات الاستراتيجية التي قدمتها الحركة الإخوانجية للأردن في حينه ما قبل 99، تطرح سؤالا يستحق المتابعة من الرسمية الفلسطينية، هل كانت سياسة الأردن آنذاك تقوم على قاعدة "تقويض السلطة الوطنية الفلسطينية"، ولذا وجدت ضالتها في هذه الحركة، فكانت حماس أداتها المباشرة لتنفيذ تلك السياسة.
وإن لم تكن تلك هي الحقيقة السياسية في حينه، هل لنا معرفة ما هي "الخدمات الاستراتيجية" التي قدمتها حماس للشقيقة الأردن في تلك الحقبة، ولما انتهت بعد اغتيال رابين ثم نجاح أعداء اتفاق أوسلو بقيادة نتنياهو شارون.
هل الشقيقة الأردن، استخدمت الحركة الإخوانجية "حماس" كوسيلة تخريب على الاتفاق بشكل غير مباشر، وعندما تحقق لها أهدافها أوقفت العلاقة وطلبت من قيادة تلك الحركة مغادرة الأردن بعد امتيازات لم تمنح لأي فصيل أو حركة فلسطينية منذ ما بعد أحداث سبتمبر 1970، ويونيو 1971.
التدقيق في جوهر علاقة الطرفين في تلك الفترة، ليس فتح باب توتر بينهما، رغم كل ما ألحقته من ضرر سياسي مباشر ضد المشروع الوطني الفلسطيني، وكان عاملا مساعدا في التخريب العام الذي حدث، خاصة وأن حماس أوقفت بنسبة تفوق الـ 95% كل عملياتها داخل إسرائيل بعد انتهاء علاقتها الاستخدامية مع الأردن، ما يفتح باب التقدير انها لم تكن عمليات "كفاحية"، كما تدعي الحركة، بل عمليات استخدامية ضد السلطة ومشروعها، الذي بدأت حماس تسير به بشكل أو بآخر نظريا وعمليا.
مراجعة تلك الفترة والعلاقة التي كانت، خاصة أن الحركة الإخوانجية الوحيدة التي تمتعت بها، مقدمة لنقاش التفكير الرسمي الأردني في ماهية الاستخدام الحديث لحماس، وهل هي محاولة استباقية لترتيبات مع بعد عباس، ضمن رؤية ما، بدأت بعض ملامحها تطل من هناك وهناك.
هل الأمر يتعلق بعلاقة مع فصيل قاعدته الرئيسية قيادة حالة انقسامية وتمرد علني على الرسمية – الشرعية الفلسطينية، ولو كان الأمر مرتبط برؤية استراتيجية ضد المشروع الاحتلالي، كما يدعي البعض، فلما تم اختيار تلك الحركة وليس كل فصائل العمل الوطني في فلسطين.
هل بدأت الشقيقة الأردن فقدان ثقتها بمستقبل الرسمية الفلسطينية ضمن ما لديها من قنوات اتصال دولية وإقليمية، ولذا بدأت مرحلة تمهيدية لاستخدام جديد لحركة تعلم يقينا حقيقتها، ارتباطا ودورا ومهمة.
ما نشر إعلاميا، حول علاقة الأردن مع حركة حماس دون غيرها، يمثل نيلا مباشرا بالشرعية الفلسطينية، سياقا وأهدافا، فلا يمكن الحديث يوما عن علاقة استراتيجية بين دولة وفصيل، فتلك من سخريات التفكير "الاستراتيجي"، لكنها مؤشر سياسي لمرحلة ما ضمن حسابات ما.
عودة الأردن لتحديث علاقتها بالحركة الإخوانجية "حماس"، رغم أن الدولة تواجه إشكالية كبيرة في العلاقة مع جماعة الإخوان الأم في الأردن في الزمن الحاضر، يثير أكثر من علامة استفهام سياسي تتطلب من الشرعية الفلسطينية مراجعتها، وان لا تصاب بارتعاش كما عادتها التي أنتجب مصائب.
الأصل أن تقوم الأردن ببحث العلاقة الاستراتيجية مع فلسطين الدولة، وخاصة هناك اتفاق بين الدولتين تم تأكيده في بيان بين الرئيس محمود عباس والملك عبد الله عام 2012، حول تشكيل لجنة عليا لبحث العلاقة المستقبلية بين الدولتين، لو كان الأمر حقا هدفا لذلك.
كان يمكن أن تدعو الشقيقة الأردن مختلف فصائل العمل لعقد جلسة حوار في عمان، وبحث كيفية انهاء الانقسام بمساعدة الشقيقة مصر، وبتنسيق مع الرئيس محمود عباس، وليس اختيار فصيل دون غيره ليصبح هو "الشريك الاستراتيجي" للأردن، فتلك مسألة تعيد كل قنوات الشك الوطني الذي كان مخزونا حول فكرة البديل والاستبدال.
والسؤال، هل يحق لدولة فلسطين أن تختار فصيلا أردنيا لبحث العلاقات الاستراتيجية المستقبلية بينهما، دون أي اعتبار للنظام الحاكم، او الشرعية القائمة...سؤال للتفكير.
على الشرعية الفلسطينية ان لا تقف متفرجة على تطورات تسير من تحت قدميها، رغم كل الادعاء بغير ذلك.. ولو صمتت على ما يحدث فهي لا تستحق تمثيل شعب فلسطين.. ومسبقا مبارك لـ "البديل القادم".