تحذيرات الشابك الصهيوني والتقارير الأمنية التي رفعها للمستوى السياسي لم تكن كافية لمنع العمليات الفدائية ضد الاحتلال الصهيوني، بالأمس كانت عملية الاغوار التي نفذها فلسطينيان او اكثر حسب المصادر الصهيونية وذلك عندما لاحقت سيارة مدنية حافلة إسرائيلية كانت تقل جنود صهاينة في طريق الاغوار، وإطلاق الرصاص على الحافلة الصهيونية ما أدى الى إصابة ستة جنود وانحراف الحافلة عن مسارها وانسحاب المنفذين من المكان، عملية الاغوار لها دلالات كبيرة وانعكاس سلبي على الجبهة الداخلية الصهيونية, وهناك تحول نوعي في العمليات الفدائية, فهي تدل على تطور الفعل العسكري للفلسطينيين سواء على المستوى الفردي او على المستوى المنظم, وتدل على عدم قدرة الاحتلال على حماية المستوطنين والجنود الصهاينة حتى مع ورود إنذارات ساخنة عن عمليات يخطط لها الفلسطينيين, كما ان المكان الذي نفذت فيه العملية من المفترض انه مؤمن ومراقب من الجيش الصهيوني, ومزود بتكنولوجيا المراقبة في كافة المحاور, ورغم ذلك تم اختراقه ونفذت العملية وانسحب المنفذين من المكان, رغم ان الحافلة الإسرائيلية يستقلها جنود مسلحين رغم ذلك لم يسمع الا صراخهم وهم داخل الحافلة واستنجادهم بالجيش الصهيوني, وتقديرات الاحتلال ان منفذي العملية الفدائية البطولية ركزوا بإطلاق النار تجاه سائق الحافلة والزجاج الامامي لأمرين محتملين, الأول ان يصاب سائق الحافلة وبالتالي تنحرف وتنقلب وتؤدي لوقوع اكبر عدد من الإصابات بين الجنود الاسرائيليين, الامر الاخر إيقاف الحافلة والسيطرة عليها واختطاف من بداخلها والمساومة عليهم بإطلاق سراح معتقلين فلسطينيين, وما يرجح ذلك مشاركة أربعة فلسطينيين في العملية حسب محللين صهاينة’ لذلك لا زال الجيش يبحث عن منفذين.
عملية الاغوار لها دلالة أيضا في التوقيت والمكان، فالعملية وقعت قبل انتخابات الكنيست الصهيوني بشهرين، وهي تضعف من حظوظ يائير لابيد رئيس الحكومة الصهيوني في الفوز بالانتخابات، الامر الذي دفع لابيد للتغريد عبر تويتر ليحيي الأجهزة الأمنية الصهيونية وقدرتها على القاء القبض على منفذين شاركا في العملية حسب زعمه, والاستمرار بملاحقة من يحاول المس بالمواطنين والجنود الإسرائيليين, ويبدو ان هذه التغريدة تأتي لحفظ ماء وجهه بعد فشله الذريع في وقف العمليات الفدائية المتصاعدة في الضفة الغربية المحتلة, رغم عملية كاسر الأمواج التي اعلن عنها الجيش الصهيوني, والتي لم تؤد الى أي نتائج حقيقية حتى الان لوقف العمليات الفدائية في الضفة المحتلة, وفشلت فشلا ذريعا في كسر إرادة الفلسطينيين, رغم العنف الشديد وسياسة القتل التي استخدمها الجيش الصهيوني في سبيل الوصول الى "المطلوبين" وقيامه بتصفيتهم وهدم البيوت فوق رؤوسهم, واستخدام سياسة العقاب الجماعي ضد الفلسطينيين في المناطق التي يتواجد فيها هؤلاء المجاهدين, اما المكان الذي نفذت فيه عملية الاغوار فهو يدل على قدرة الفلسطينيين توسيع رقعة المواجهة مع الاحتلال, والوصول الى مناطق كان الاحتلال يظن انها امنة, وهذا ما دفع وسائل اعلام عبرية للهجوم على حكومة لابيد وعلى المنظومة العسكرية والأمنية والسياسية الاسرائيلية التي فشلت فشلا ذريعا في منع العمليات ضد الجنود والمستوطنين, فايهود أولمرت رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق قال في اعقاب عملية الاغوار, ان سياسة الحكومة الضاغطة في الضفة لم تنجح في وقف العمليات, انما زادت من ردود الفعل الغاضبة من الفلسطينيين تجاه الحكومة, وهذا يعني ان "إسرائيل" باتت تدرك ان سياسة القبضة الحديدية فاشلة ولن تحقق لها الامن.
الخلاصة التي خرجت بها "إسرائيل" من وراء هذه العملية تلخصت في عدة نقاط من ابرزها ان عملية الاغوار ذاتية التخطيط, ذاتية التنفيذ ونفذت بسلاح اوتوماتيكي وهذا يعني ان السلاح بات متاحا للفلسطينيين ويستطيعون الوصول اليه واستخدامه في مقاومة الاحتلال, ثانيا ان "إسرائيل" ربما تكون امام شكل اخر من اشكال المقاومة, يمزج بين الطابع الشعبي والمسلح, وهو ما يمثل خطورة على وجودها في الضفة الغربية, فهذه الانتفاضة الشعبية المسلحة حدثت في قطاع غزة, وانتهت بزوال الاحتلال واندحاره من القطاع, ثالثا قدرة الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة على تصدير الفعل المقاوم الى الضفة الغربية, واستخدام لغة "التحريض" ضد الاحتلال, وإيجاد الأرضية الخصبة للفعل المقاوم, وهو ما يمثل اتساع لرقعة المواجهة في الضفة, وانخراط اعداد كبيرة من الفلسطينيين في العمل المقاوم للتصدي لسياسة الاحتلال التوسعية والاستيطانية في الضفة المحتلة, لذلك باركت فصائل المقاومة الفلسطينية هذه العملية, وقالت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، ان عملية إطلاق النار في منطقة البقيعة بالأغوار، تؤكد أن المقاومة مستمرة ومتواصلة، ولن يوقفها أي شكل من أشكال العدوان الإسرائيلي، أو أشكال القمع التي تمارسها قوات الاحتلال بحق شعبنا، في الضفة الغربية. وأن محاولات قمع المقاومة لن تثمر ولن تنجح، والمقاومة ستستمر وتتواصل، ولذلك سيبقى الفشل دائما حليف "إسرائيل".