نجحت المملكة المتحدة في أن تصنع من رحيل الملكة إليزابيث الثانية، كمشهد من مشاهد تأثيرية خاصة، وتمكنت أن تفرضه حاضرا بتفاصيله على الإعلام العالمي، وبشكل أكثر على العربي، ليصبح "الحدث الأول"، وهزم أخبار أكثر أهمية وتأثيرا على المسار الدولي العام، كالعودة لاتفاق فيينا النووي، وكذا العملية الروسية في أوكرانيا، الصراع الفلسطيني مع الكيان لا يحتل مكانة مؤثرة).
بالتأكيد، وفاة ملكة بريطانيا حدث هام، خاصة بعد عمر هو الأطول في تاريخ حكام العالم، ما يقارب السبعين عاما، وطبعت بصمات خاصة في إدارة مملكتها ودول الكومنولث، ولها ما تستحق احترما لوفاة.
وسارعت الدول العربية من محيطها لخليجها بالتعبير عن مشاعر حزن للرحيل، وهنا نفتح القوس الأهم، بأن ذلك "الحزن" انقسم بشكل كبير بين بلدان وأخرى، ما يثير أسئلة لا علاقة لها بالبعد "الشخصي" في علاقة بلد ببلد، ولا يمس التعبير الإنساني في فقدان شخصية بمكانة الملكة إليزابيث.
اختلف التعبير عن "حزن الرسمية العربية"، بين الواجب الطبيعي في تلك المناسبات، برقية وربما هاتف وبيان، وتغطية أخبار في وسائل إعلام ملكية الدولة، كاهتمام خاص، وبين دول ذهبت للتعبير عن حزنها بطريقة خارج النص العام.
ان تذهب دول عربية لتعلن الحداد الرسمي لعدة أيام، وتأمر بتنكيس أعلام بلادها خلال تلك المدة، فتلك مسألة تستوجب التفكير العميق، حول واقعنا الرسمي العام، وهل حقا يمثل ذلك سلوكا مقبولا، خاصة وأن غالبية دولة العالم لم تذهب الى ذلك، بما فيها الولايات المتحدة وكل دول أوروبا، ضمن الاتحاد أو خارجه، وبلدان أفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا.
ما حدث من بعض الدول الرسمية العربية، يمثل طعنة تاريخية لما فعلته بلد الملكة إليزابيث، ما قبلها وخلال فترة حكمها، فهي من باب التذكير البلد الاستعماري الأبرز الذي كان سببا فيما أصاب الدول العربية وشعوبها، كوارثا شاملة، وهي من باب فتح "الذاكرة" بلد "وعد بفور"، الذي منح فلسطين الحق الى حركة صهيونية معادية لمسار التاريخ، لإقامة دولة هي الوحيدة في كوكبنا التي تحتل بلد وشعب آخر، وتمارس كل أشكال العنصرية والتطهير العرقي، كيانا وحركة.
الذهاب لإعلان حداد وتنكيس أعلام على رحيل ملكة الاستعمار الأطول والأكثر سوادا، ومن قام بإهداء فلسطين الى الصهيونية العالمية لإقامة كيان يمثل أداة استعمارية شمولية ليس ضد فلسطين، كما يعتقد بعض من في هذه الأمة، بل هو ضد كل الأمة شرقها وغربها عربها وكل قومياتها بكل أطيافهم الطائفية والفكرية والسياسية سوى من يكون معها، رغم كل مكاذبها.
بعيدا عن المجاملات الفارغة، ما قامت به تلك الدول من أفعال "تنكيسية"، هو عملية طعن جديدة للشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، وكأنها تبارك ما فعلت تلك البلاد، والتي قبل أيام فقط أعلنت رئيسة حكومة صاحبة الجلالة أنه لو لم تكن "إسرائيل" موجودة لوجب وجودها..وأنها صهيونية أكثر من الصهاينة أنفسهم.
ما حدث يستحق التفكير العميق بمدى حضور فلسطين الحق والقضية والمستقبل، ببعض "الذات الرسمية العربية"، وكي لا يخرج بعض الأتباع والذيليين لتبرير "النكسة التنكيسية" والحداد، ليتهم يرون غيرهم كيف تصرفوا، ليعرفوا أن الفارق كبير بين "واجب رسمي بروتكولي" وبين ما حدث من بعض الرسميات العربية.
من باب التذكير، هل قامت تلك الدول "المنكسة" بأي مظهر حدادي كما فعلت مع الملكة البريطانية، عندما أقدمت دولة الكيان باغتيال الخالد المؤسس ياسر عرفات، أو أي من زعماء الأمة بما فيهم الراحل جمال عبد الناصر...سؤال عله يلخص الحكاية بشكل مكثف.
ملاحظة: جنين – نابلس"..معادلة جديدة لصناعة "ثنائي ثوري" بات يمثل رأس حربة في مواجهة عدو وغاصب.."ثنائية غرادية لفعل مقاوم" ردا على "ثنائيات برم كلام غادر"...فقبضة التحدي لن تنكسر!
تنويه خاص: تقرير مكتب الأمم المتحدة (أوتشا) حول أن 30% من اهل قطاع غزة يحتاجون لدعم نفسي تستحق الاهتمام قبل الكبير..شو صار وليش صار..يا سلطات حاكمة في بقايا بقايا الوطن، والفصائل التي لا تترك قصة ما تفتي فيها.. تشوف كيف تعمل لتخفيف هيك أزمات..صحة الناس مقاومة يا فصايل!