يعاني اللاجئين منذ سنوات عدة من ظروف صعبة للغاية سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وإنسانياً وصحياً حتى أصبح موت اللاجئ هو سبيله الوحيد للخلاص من المعاناة.
سياسياً تعمل الفصائل الفلسطينية على إخماد صوت اللاجئ وإفشال أي تحرك لا تقوده بنفسها وتحدد مخرجاته ونتائجه الإيجابية لمصالحها حتى وصل الأمر إلى إخماد أي تحرك احتجاجي ومطلبي في وجه وكالة "أونروا" سواء لتحسين خدماتها أو تقديم مساعدات إغاثية أو احتجاجاً على سياسيات معينة داخل أروقة الوكالة ونظام المحسوبيات في التوظيف الذي يجري منذ سنوات.
الوضع الاجتماعي للاجئين ليس بأفضل حال فتعمد العديد من المؤسسات المحلية والدولية من خلال مشاريعها إلى خلق أجيال متعددة بعيدة كًل البعد عن العادات والتقاليد والقيم الإسلامية والإنسانية والفكرية ونشر أفكار تفتك بمجتمع اللاجئين بعناوين التحرر والمساواة وحقوق المرأة، بالإضافة إلى دخول آفة المخدرات داخل المخيمات والتي تفتك بجيل الشباب والمجتمع الفلسطيني وسط صمت وتجاهل الفصائل الفلسطينية وعدم الاكتراث لهذه المخاطر التي تدمر الشباب وغياب الرقابة والمحاسبة.
تعاني المخيمات الفلسطينية في العقد الأخير من ظروف اقتصادية صعبة للغاية وزيادة كبيرة في نسبة البطالة والفقر الذي وصل إلى 70٪ بالإضافة لضعف السوق الشرائية نتيجة حروب المنطقة والأزمات المتعددة التي تمر بها الدول المضيفة والعدوان المتكرر من الاحتلال على قطاع غزة وفي كل عدوان يستهدف المخيمات الفلسطينية في غزة ويعمد الى قتل أبناء شعبنا وضرب البنى التحتية والاقتصاد، واستباحة القدس والضفة الغربية والاعتقالات اليومية والقتل والتخريب وزعزعة الأمن والاستقرار وشْل الحياة اليومية.
أصبح مشهد الموت على أبواب المستشفيات أمراً عادياً بالنسبة للاجئين الفلسطينيين في لبنان مع صمت المرجعيات والأونروا التي تقدم أعذارها "أنها سعت ولكن الموت كان أسرع"
تتوافر العديد من الخدمات داخل عيادات الأونروا وتقدم العديد من الأدوية وتقلص الكثير من الاختصاصات والموظفين وتقدم تحويلات صحية إلى المستشفيات المتعاقدة معها، ولكنها لا تشمل الكثير من التخصصات والأمراض و المعدات الخارجية وغالبية هذه التحاويل تكون بنسب دفع محددة وليست شاملة و 100٪، وهنا تظهر العديد من المشاكل تبدأ من ألية التعاقد مع المستشفيات و الخلل في المراقبة وغياب المتابعة المالية والتدقيق أو فسخ العقود مع من يخالف عقودها وفي المقام الأول بند احترام المريض والمعاملة الإنسانية، فمعظم الحالات المرضية تُجبر اللاجئ على دفع أضعاف كبيرة فوق نسبة تحويل الأونروا و تّعمد الكثير من المستشفيات على فرض مبالغ مالية كبيرة قبل دخول المريض إليها سواء شمله تغطية "أونروا" أم لا، وفي برنامج العسر الشديد الذي تقدمه "أونروا" طامة كبرى فالمعايير وآلية الاختيار مجهولة منذ سنوات ومطالبات اللاجئين المحقة مستمرة حتى اللحظة، فالظلم واقع والمستفيد من المعايير لا يتطابق معها وليس بحاجة لها وآلالاف العائلات تنتظر وتعيش في ظروف اقتصادية مذرية وفقر شديد.
أن هذا الوضع المعقد الى يعيشه اللاجئ الفلسطيني في لبنان قد أدى الى تفاقم مشكله الهجرة للشباب الفلسطيني عبر البحار في مغامرة قد تؤدي بهم الى الموت غرقاً بسبب بدائية المراكب التي يبحرون عليها.
المخيمات الفلسطينية هي مخزون ثوري ووطني فلسطيني يحاول الكثيرون إخمادهم وحرف الأنظار عن حق العودة وإغراقهم في صعوبات الحياة.
رغم المعاناة سيبقى اللاجئ متمسك بقضيته ووطنيته وحقه بالعودة إلى أرضه، ولكن؟
إلى متى؟ ستبقى المرجعية الفلسطينية متقاعسة وصامته على معاناة اللاجئين، ومتى ستضع خطة طوارئ لنشل المخيمات وتعزيز صمود اللاجئين!
إلى متى؟ ستبقى وكالة "أونروا" تعمل على تقليص خدماتها وإغلاق آلاف الوظائف في وجه اللاجئين، ومتى ستجري مراجعة شاملة لأدائها كمؤسسة إغاثية وليست سياسية!