يوم 23 سبتمبر 2002، بات اليوم الرسمي لإلغاء العلاقة "الاتفاقية" بين منظمة التحرير، ودولة الكيان من خلال اتفاق إعلان المبادئ (اتفاق أوسلو)، الموقع في 13 سبتمبر 1993ـ أي بعد 29 عامًا، وضع الرئيس محمود عباس في خطابه أمام الجمعية العامة نهاية التمسك الرسمي الفلسطيني به.
خطاب الرئيس عباس، بعدما وضع الرواية الفلسطينية في سياقها بتحميل مسؤولية "الجريمة السياسية الكبرى" انطلاقا من "وعد بلفور" لأمريكا، بريطانيا ودولة الكيان، صحح مسارًا غاب كثيرًا عن "العلاقة الثلاثية" بين أطراف الجريمة وما تلاها من حماية كاملة لكل ما حدث لفلسطين، أرضًا وشعبًا وحقوقًا.
القيمة السياسية لخطاب الرئيس محمود عباس، أنه أعاد رسم ملامح الصراع بعيدًا عن "خدعة وجود اتفاق" تم اغتياله من طرف الحكومات الفاشية المتعاقبة في تل أبيب، منذ مايو/ يونيو 1996، مع انتخاب قاتلي رابين موقع الاتفاق مع الخالد ياسر عرفات.
إعلان إنهاء العمل رسميًا باتفاق كان "أطلالًا سياسية" استخدمها العدو القومي نفقا للهروب من المساءلة، بعدما تأخر القرار طويلا، تأكيد بأن العلاقة القائمة ليست بين أطراف تشاركت في عملية كانت تهدف إلى إنتاج حل سياسي، لكنها علاقة تصارعية بين شعب محتل يقاوم دولة تحتل أرضه، وترتكب الجرائم اليومية ضده.
وانطلاقا، من تحديد شكل العلاقة وطابعها، أعلن الرئيس عباس رسميًا، الطلب من الأمين العام للأمم المتحدة وضع خطة لإنهاء الاحتلال وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وإلى حين ذلك يجب توفير "الحماية الدولية للشعب الفلسطيني"، مما ترتكبه دولة غازية ومغتصبة لدولة فلسطين.
وبالتساوق مع طلب الحماية الدولية، تقدم الرئيس رسميًا بالعمل على تغيير صفة "دولة فلسطين" من عضو مراقب وفق قرار 19/ 67 لعام 2012، إلى دولة كاملة العضوية، واستنادًا إلى قراري 181و194، كنقلة سياسية جديدة في تحديد الإطار القانوني والجغرافي، يتجاوز حدود قرار 2012، بالعودة لحدود قرار "تقسيم فلسطين 1947".
التأكيد، على العودة لقرار 181، تأكيد صريح لحق دولة فلسطين، ومرتبط بها حق العودة وفق قرار 194، وهو تعديل جذري في الخطاب الرسمي الفلسطيني، والذي غاب عنه الاستخدام السياسي للقرار الأممي، بصفته الإطار القانوني لقيام دولة فلسطين.
الرئيس عباس، أكد أن فلسطين ستعود لممارسة حقها الطبيعي في تقديم طلبات قبولها عضوًا كامل الحقوق في منظمات دولية، منظمة الصحة العالمية، والتي تأخر الطلب نحوها تحت التهديد الرسمي الأمريكي للرسمية الفلسطينية، بل اعتبرتها مختلف الإدارات الأمريكية بمثابة تجاوز "الخط الأحمر"، نظرًا لأهمية ودور تلك المنظمة، وما سيترتب على عضوية فلسطين من أثر سياسي – قانوني، ومعها الذهاب لعضوية منظمة الطيران العالمية والملكية الفكية.
تفاصيل الخطاب أعاد "تلميع" ذاكرة المنظومة العالمية حول جرائم الحرب الإسرائيلية ضد فلسطين أرضًا وشعبًا، بعد أقل من 24 ساعة على خطاب التضليل السياسي والخداع المنهج لرئيس "الطغمة الحاكمة" في تل أبيب يائير لبيد، في ذات القاعة، بعدما "تفاخر" بما فعل عبريا.
وردًا على مناورة لبيد حول "حل الدولتين"، التي قام بعرضها تنسيقا مع الإدارة الأمريكية، طالب الرئيس عباس بعقد مفاوضات فورًا بين "دولة فلسطين" ودولة الكيان، وهنا انتقال جوهري لشكل التفاوض ومضمونه، فلم يعد الأمر بين منظمة/ سلطة، بل تفاوض بين دولة ودولة لترسيم علاقات بينهما.
خطاب الرئيس محمود عباس مثل مرحلة فصل سياسي جديد، أطلق قاطرة فك ارتباط متدرج ولكنه سريع، عبر خطوات محددة تتاليه ولكنها تكاملية، تطبيقا عمليًا لقرارات الشرعية الفلسطينية منذ 2015.
القيمة السياسية لخطاب الرئيس عباس، سريعًا واجهتها دولة الكيان العنصري الفاشي، باعتباره "رئيس غير صلة ولى زمانه"، مترافقا مع حملة عسكرية وسعة في أرض دولة فلسطين، تأكيدا لحقيقتها الاغتصابية.
خطة الرئيس عباس السياسية لفك الارتباط مع دولة الاحتلال، تتطلب أدوات فعل وتعزيز، دون المساس بقيمتها وأهميتها، تبدأ من تصويب دور المؤسسة الفلسطينية الرسمية، أداء ومهام، ما يتطلب البدء فورًا لاستكمال خطوات فك الارتباط والسير بتعزيز مكانة دولة فلسطين دوليا، وطلب الحماية الدولية، عبر خطوات محددة:
سياسيا - قانونيا
اعتبار المجلس المركزي (مع تعديلات ضرورية في عضويته) برلمان دولة فلسطين، يتمتع بصلاحيات كاملة.
تشكيل حكومة دولة فلسطين، تنال ثقتها من البرلمان.
العمل على صياغة دستور دولة فلسطين.
تكليف البرلمان بوضع خطة عمل لتصويب المشهد الانقسامي.
دراسة التعامل مع "التمرد الخاص" في قطاع غزة.
حول جوانب العلاقة المدنية – الأمنية
إلغاء وزارة الشؤون المدنية، ونقل صلاحياتها إلى دائرة شؤون المفاوضات.
وقف التنسيق الأمني والكف عن أي تبادل معلوماتية خاصة، وحصر أي علاقة ضمن دائرة شؤون المفاوضات، أو مكتب مستشار رئيس دولة فلسطين الأمني.
تغيير كل المسميات على الورق الرسمي من سلطة فلسطينية إلى دولة فلسطين.
قواعد الاشتباك مع محتلي أرض دولة فلسطين
العمل على ترسيخ قيمة مواجهة المحتلين بكل السبل الممكنة، واعتبار قوات الأمن الفلسطينية جيش الدولة وحامي أراضيها بكل ما يمكنهم ذلك.
التفكير بإعادة العلاقة بين "القوات الرسمية الأمنية" والأجنحة الفصائلية المختلفة، نحو علاقة تكامل لمواجهة العدو، بعيدا عن الحسابات الفصائلية الخاصة.
الانطلاق نحو فك الارتباط من علاقة مع عدو غازي إلى فك ارتباط بكل ما كان من "أساليب عمل بليدة"، خاصة في المؤسسات الرسمية كافة، لتصبح أداة تنفيذية لخطة الرئيس عباس.