بعد الفشل الذريع الذي أصاب عدوان الاحتلال على جنين والمسمى (كاسر الأمواج) وتحوّل هذا العدوان من كاسر الأمواج إلى صانع الأمواج. والامتداد الكبير للكتائب في مختلف أنحاء الضفة، يفقد الاحتلال بنك أهدافه، وصار العدوان يقتصر على الإعدامات الميدانية وعلى العقوبات الجماعية ضد السكان التي يديرها منسق الاحتلال ويطلق على هذه العقوبات الجماعية اسم "تسهيلات". فهو يحرم مدينة كاملة من تصاريح الحركة ويمنح مزاجيا عشرات التصاريح ويسمّي ذلك تسهيلات !! وإن يدل ذلك على شيء فهو يدل على غبائه وغباء حكومته.
في الشهر الماضي استمع المواطن الفلسطيني إلى مختلف أنواع التهديدات الإسرائيلية. تارة تهديد بعملية عسكرية كبيرة ضد مدن الضفة الغربية، وتارة باستخدام سلاح الجو، وتارة بمحاربة فتح والاحتلال يعرف يقينا أن فتح أقوى منه وأحق شرعية بالوجود من كل كيانه. وتارة يهدد باستهداف أجهزة أمن السلطة وهو الذي يلهث ويحبو للتعاون الأمني معها. ثم عاد أفيف كوخافي (وهو أكثر رؤساء هيئة أركان الاحتلال فشلاً وهو الوحيد الذي لم ينتصر في أي معركة قط)، عاد يهدد باغتيال قادة الجهاد الإسلامي وكتائب شهداء الأقصى وحماس. وكأن إسرائيل توقفت عن الاغتيالات والاعدامات اليومية!
اغتيال المقاتلين في مخيم جنين، تسبب في غضب ثوري في جميع أنحاء الضفة الغربية. ودفع بمناطق وقطاعات نقابية كاملة لزيادة التأييد للكتائب. وإن كان الإعلام العبري احتفل مبكرًا بإعدام المقاتلين في جنين، فإنه لم يدرك بعد أن اغتيالهم حسم الوعي في الضفة الغربية لصالح الكتائب ولصالح المقاومة. ودفع المترددين إلى حسم قرارهم نحو تأييد الثورة ضد ظلم الاحتلال وضد أي حل سياسي يأتي من طرف الولايات المتحدة.
وفي قراءة سريعة لأخبار المدن الفلسطينية خلال الـ 24 ساعة بعد اغتيال المقاتلين الأبطال في جنين، سوف نلاحظ:
دخول تدريجي صارم من جنوب الضفة في جدول اخبار الانتفاضة. والجنوب بمدنه الكبيرة لا يحتاج إلى شهادة ثورية من أحد، فالخليل أقوى من إسرائيل وأقوى من أي حكومة أخرى.
اشتعال أحداث الانتفاضة أكثر وأكثر في القدس وبلداتها وأطرافها ما يذكرنا بالانتفاضة الأولى.
دخول المزيد من القطاعات النقابية والاتحادية والطلابية والنسوية في معمعان الانتفاضة الجماهيرية كحاضنة دائمة للمقاتلين الفلسطينيين.
تهديدات جيش وقادة الاحتلال لسكان الضفة، والرسائل التي يكتبها عملاء الشاباك في كل منطقة عبر فيسبوك (رسائل تهديد ركيكة وسخيفة يكتبها كابتن الشاباك) تستفز غالبية السكان، وتجعل الأمر يأخذ منحى التحدي الشخصي عند كل قرية وعند كل مواطن.
بارتفاع وتيرة العدوان العسكري تدفع إسرائيل عشرات آلاف موظفي السلطة لحسم أمرهم لصالح الكتائب. وحين يسمع موظفو السلطة تهديدات الاحتلال لهم، والتقليل من مكانتهم ينعكس الأمر ليصبح معركة جديدة بحد ذاتها.
شارك الإعلام العبري ومصطلحاته العنصرية الطائشة "والتي يتم ترجمتها يوميًا للقارئ العربي". شارك في تحفيز روح الانتقام لدى جيل الشباب الفلسطيني الذي يقرأ كيف يفكر اليهود الصهاينة بعنصرية سوداء ضد العرب وضد الفلسطينيين.
إن استخفاف إسرائيل الكبير بشعب الضفة لم يكن لصالح الاحتلال. ومخاطبة ضباط الشاباك وجنرالات الجيش لأهالي الضفة بهذه الطريقة المتعالية والوقحة. قد تسبب في تأجيج مشاعر الثورة والرغبة في محاربة إسرائيل.
مثل جميع الطغاة لا يفكر الاحتلال سوى بالقوة ضد شعب اعزل. وهو الخطأ ذاته الذي تسبب في هزيمة جميع الطغاة. فالحق أقوى من القوة دائما.
تكتب الصحافة الإسرائيلية منذ أيام تهديدات بتحطيم السلطة. وكان جواب جميع المثقفين الذين سألتهم عن رأيهم بهذه النقطة جوابا واحدًا هو: نتحدى إسرائيل ان تجرؤ على إعادة احتلال الضفة وتحطيم السلطة، وكان رد القيادات أن جنرالات الاحتلال ينبحون ولا يجرؤون على فعل هذا.