لا يمكن المرور على ما صرحت به رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس والتعامل مع هذه التصريحات بأنها مجرد خبر عادي حيث قالت إنها تدرس بصورة جدية نقل سفارة المملكة المتحدة من تل أبيب إلى القدس في خطوة مثيرة للجدل وتلك الدعوات والمواقف العنصرية من قبل احزاب التطرف البريطانية حول تداعيات نقل السفارة البريطانية الي القدس فنحن نتحدث عن وضع القدس ومكانتها وأهميتها كعاصمة للدولة الفلسطينية والتي تحتلها وتفرض سيطرتها عليها قوات الاحتلال العسكري الاسرائيلي بالقوة العسكرية وأن هذا التصرف لا يساعد على السلام وينتهك الحقوق الفلسطينية في المدينة المحتلة، وما تنوى القيام به بريطانيا يأتي ضمن استمرارها في اصرارها على تنفيذ الخطأ التاريخي لامتدادات وتداعيات وعد بلفور ويأتي بالمخالفة لقرار مجلس الأمن رقم 478 لعام 1980 الذي يحظر إقامة بعثاتٍ دبلوماسية في القدس المحتلة.
وضعية القدس القانونية لا تتأثر بقرار هذه الدولة أو تلك وفتح بعثات تمثيلية لها فالقدس هي أرض محتلة بواقع القانون الدولي وهذه حقيقة ثابتة لا تتأثر بتصرفات بعض الدول التي اختارت المصالح على حساب المبادئ ويعد اجراء بريطانيا مخالفا للقانون الدولي والسياسة الثابتة تجاه هذه القضية وقرارات المجتمع الدولي .
وضعية القدس هي قضية من قضايا الحل النهائي التي تحل عبر التفاوض ولا يمكن تقرير مصيرها بشكل مسبق عبر إجراءات أحادية قامت بفرضها سلطات الاحتلال بالقوة وبتغطية امريكية في مخالفة واضحة لكل القوانين الدولية مما يستدعي ضرورة قيام المجتمع الدولي بالتصدي لهذه الاجراءات واتخاذ ما يلزم من اجل إيقاف هذا الاجراء والدعوة الى حوار ومفاوضات مباشرة بين الجانب الفلسطيني والإسرائيلي للتوصل الى اتفاقيات مباشرة كون ان القدس هي اراض محتلة ويجب التفاوض بشأنها ولا تملك حكومة الاحتلال ان تتصرف بشأنها وتقوم بممارسات منافية للقانون الدولي وارتكاب المزيد من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني في القدس ضمن سياستها الهادفة الي تهويد المدينة المقدسة .
التغطية الامريكية على سياسات الاحتلال باتت تشكل الدافع نحو القيام بهذه الخطوات الاستفزازية وان موقف بريطانيا يؤكد دعمها لجرائم دولة الاحتلال ولعمليات الضم الغير شرعية للقدس المحتلة ضاربين بعرض الحائط كل القوانين والأعراف الدولية، ويعد قرار بريطانيا اذا ما تم تنفيذه اعتداءً سافرا على الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية وانتهاكا صارخا للقانون الدولي والشرعية الدولية وقراراتها، وتمردا على الموقف الدولي الخاص بالوضع السياسي والقانوني لمدينة القدس باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 .
وإنه وبالرغم من القرارات والمطالبات الفلسطينية والعربية والإسلامية والأوروبية والدولية لبريطانيا بتراجعها عن وعد بلفور وتقديم اعتذارها عن هذا الوعد والتراجع عن قرارها الخطير إلا انها تصر على هذه الممارسات المنافية للقانون الدولي وهي تعرف جيدا مخاطر هذا القرار على مستقبل القضية الفلسطينية.
لقد مارست بريطانيا وعبر سياستها سلسة من الاجراءات وبما يتماشى مع موقف الاحتلال وعملت على دعم سياسته ووقفت الي جانب العنصرية ومارست الكراهية وانه وبالرغم من الحراك السياسي والدبلوماسي الذي أدارته الدبلوماسية الفلسطينية وبالتنسيق والتعاون مع الأشقاء والأصدقاء والمحاولات الهادفة لثنيها عن قرارها إلا أنها تصر على الاستمرار في نفس النهج العدواني خدمة للاحتلال العنصري وبما ينتج عن ذلك بإضرار بالغة وآثار كارثية على الجهود السياسية المبذولة لإحياء عملية السلام والمفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي .