الإنسان بفطرته كائن اجتماعي، لا يستطيع العيش بمفرده، وللبقاء والتطور على المستوى الإجتماعي والعقلي فهو يحتاج للآخرين لتكوين العلاقات معهم، وللتواصل والتفاعل ولمشاركتهم اللحظات السعيدة وحتى الصعبة، فيُساندوه ويُهونوا عليه مصابه، وهذه هي الحالة الطبيعية والصحية، لكن إذا ما قرر الإنسان العيش بمفرده بعيداً عن الآخرين، نكون أمام مشكلة نفسية.
- ما هي العزلة الإجتماعية؟
هي غياب العلاقات الإجتماعية؛ أي عدم الإختلاط بالناس، وهي الحالة التي يفتقد فيها الإنسان للشعور بالانتماء الإجتماعي، ويميل للبقاء وحده، وتجنُّب الآخرين وعدم الرغبة في التواصل معهم وتكوين العلاقات، وتفضيل إنجاز مهام حياته اليومية منفرداً دون الاستعانة بمن حوله.
والعزلة هي قرار يتخذه الفرد بإرادته بغض النظر عن أسبابها، إن العزلة عن الأصدقاء والأقارب والجيران لن تتحقق مع الأغراب الذين لا تربطنا بهم أي علاقة إنسانية.
وللعزلة نوعان :
١. عزلة إيجابية:
وهي العزلة الطبيعية التي نحتاجها نحن البشر بين الفترة والأخرى، والمقصود هنا بالعزلة هي الخلوة مع أنفسنا لبضع الوقت لنعيد بها ترتيب أورقنا، والتأمل في مجريات أيامنا، والتفكير العميق قبل إتخاذ قرارات حاسمة في حياتنا، تماماً مثل خلوة الكاتب الصحفي والروائي والشاعر والرسام والعباقرة والفلاسفة الذين يمارسون العصف الفكري فهذه عزلة طبيعية وصحية تساهم في نمو وإثراء المجتمع.
٢. العزلة السلبية:
والتي تعني الإبتعاد عن الناس، وعدم الإختلاط بهم، والتهرب من التواجد في الجلسات والمناسبات الإجتماعية، وهذه تتطلب العلاج لما لها من عواقب سلبية على صحتنا الجسدية والنفسية.
يعتقد البعض أن العزلة تحقق السعادة وراحة البال فإنه اعتقاد خاطئ؛ لأن العزلة السلبية لن تحقق راحة البال والسعادة بخلاف العزلة الإيجابية البنائة.
- رسالتنا
إن مواجهة الأمور وإتباع فلسفة فكفكة الأزمات هي الحل، لأن العزلة مؤلمة بهواجسها وبعصفها الفكري المتعب الذي يدور في داخل وعاء العقل الإنساني وهي ناقوس خطر الإفراط بها قد يؤدي للجنون أو الإختلال في التوازن الفكري والعقلي.
إن الأرواح المتعبة دائماً تميل للعزلة وتعتقد أنها تحقق لها راحة البال، ولكن أشباح العلاقة التى أدت للعزلة تلاحقهم في مخادعهم وأحلامهم وأخطرها أحلام اليقظة المفرطة، كالعاصفة التي تدور مع الشخص وهو غارق في النظر لسقف الغرفة وكأن العلاقة التي أدت للعزلة تسترجع شريط الذكريات.
هل العزلة هي الحل؟!
هل العزلة تمسح الذكريات الجميلة والمؤلمة؟!
نحن البشر نخطئ ونصيب، ولكن يجب أن نهنئ من أصاب ونقوِّم من أخطأ، وغالباً ما تأتي العزلة من أقرب الناس لقلوبنا المنكسرة المجروحة، ويبقى السؤال هل لنا أن نوقف النزيف ويلتألم الجرح بدون عزلة؟
إن بعض الأشخاص نعشقهم بالعزلة والبعض الآخر قد نكرههم وتتأجج العلاقة ويزيد الكره والهواجس والانتقام والجريمة وتنمو الأفكار المجنونة، كلها أشياء تساهم في الشرخ الإجتماعي وزيادة الجفاء وبُعد المسافات وتحد من التناغم والانسجام واللُحمة والإستقرار الإجتماعي من أجل مجتمع سليم ومعافى، يجب الحد وإلغاء حالة العزلة السلبية التي تجعلنا نتقوقع في الأماكن البعيدة عن الناس.
هنا يجب علينا مواجهة الأزمات وحلها في المجتمع بالعقل والحكمة وإدارة الأزمة والخروج منها بسلام.