في ذكري غياب القائد ياسر عرفات ، لا مفر من أن نستوقف أنفسنا وقاماتنا أمام رجل أحيا الله به وبهمته أمة وشعباً ، كاد أن يطمس في سجلات الأمم وإحصائيات الشعوب المتآكلة.
إنه الرجل المهندس القائد ياسر عرفات الذي تجاوز بقامته كل الأطوال والقامات ، وهو صاحب الكلمات والكلمات المتكررة على تأكيد الذات ، الذات الفلسطينية الناظرة للمقدسات التي ديست بأحذية المجندين والمجندات ، من القوات الإسرائيلية ، صاحبة الصولات في القتل والتشريد والتهجير لأبناء شعبنا الفلسطيني في دول الشتات ، إن ياسر عرفات المكنى بأبي عمار قد شكل ظاهرة فريدة في قيادة شعب توزع بين مختلف الألوان السياسية على امتداد المعمور ، وهو الذي عرفت فلسطين باسمه ، فضلاً عن كوفيته التي كان كل أحرار العالم يتنسمون عبق الحرية والاستقلال من مربعاتها التي كانت تشكل سجوناً لكل مغتصبي حريات الشعوب .
إن ياسر عرفات لم يكن رجلاً ثائراً ككل الثوار ، ولا قائداً ككل القادة ولا زعيماًً ككل الزعماء ، بل هو ياسر عرفات الذي شكل بنمط قيادته نمطاً فريداً في القيادة وصناعة الرجل والحدث ، وهو المغامر من أجل شعبه وحبيب كل المستضعفين في أزمنه الاستقواء وتدافع أحلاف ومحاور التسلط على الشعوب المقهورة من إفريقيا إلى اسبانيا فأمريكا اللاتينية ، وهو حليف الحق الذي رفض من أجله أن يساوم أو أن يتاجر أو أن يتنازل لتثبيت حقوق شعبه الفلسطيني غير القابلة للتصرف في تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف .
وهو الذي كان يؤمن إيماناً راسخاً بتدافع الأجيال ، ولا أدل على ذلك ، إلا قولته المشهورة (من تعب منكم فليعطيني أولاده لأكمل بهم المشوار)