توافقنا، وتعارضنا، لكن توافقنا أكثر، مما تعارضنا، كيف لا حتى في أحلك الأيام والأوقات كنا نتبادل النكات، إذ كانت حاضرة دائما بخفة ظلها، ونكاتها الطازجة، بلهجتها المقدسية، إذ كانت لخفة ظلها تبادلنا التحية، بابتسامة أو ضحكة، ونادرا ما ترد بالكلام، إبسامتها دائمة والتي قد تحولها فجأة إلى قهقهة مدوية.
لن أنسى لحظة تفجير شارع عفيف الطيبي المجاور لجامعة بيروت العربية، عندما كنت وإياها نتبادل أطراف الحديث، فقذفنا قوة التفجير إلى الحائط الآخر من الغرفة التي كنا نقف فيها، تركتها وخرجت مسرعا من المبنى.
فاطمة كانت مفوضة سياسية لقطاع عسكري، وكانت متصالحة مع نفسها ومع الآخرين، من سائقها، حتى قائد القوات، تعمِّر قلبها بمحبة الآخرين، لذلك أحبها الآخرون.
حضورها البهي بوجهها البشوش، لايلغي ولا يغطي صرامتها في الأوقات الصعبة، تراها مبستمة كأنها لا تقوى بأن تكون عابسة أبدا، وعند الغضب قد ينسى أقرب الناس إليها إبتسامتها الدائمة.
كانت الأجرأ، والمدافعة عن جميع رفاق دربها، وخاصة في الإجتماعات، وبإسلوب صارم وساخر في نفس الوقت، وخاصة عندما يصمت الجميع، فتنبري متطوعة للدفاع عن الجميع، وخاصة أمام الشhيدان، أبو عمَّار، و أبو جهاد.
كانت تقدر الموقف بصفاء ذهن، وعقل متَّقِد، فعندما يتطلب الأمر عنادا وصلابه، تكون له، وعندما يتطلب الأمر سخرية لاذعة تكون له أيضا.
يكفيها فخرا، تلك المقاتلة الثورية، باختيارها الأسير المحرر الراحل إبن عكا المغتصبة رفيق عمر لها.
الطيبات للطيبون يا فاطمة، والعكس صحيح.
أحبك معظمنا يا فاطمة، وداعا فاطة، فلم يتبقَ الشيء الكثير من هواء الروح لسوء حالنا.
داهمها المرض اللعين في السنوات التي سبقت رحيلها إلى العالم الآخر حزنا على رفيق دربها المناضل"فوزي" إذ سبقها إلى هناك منذ سنوات ليست بالقليلة.
وداعا، للرصاصات الأولى في الأرض المحتلة، وللأسيرة الأولى.