تتجلى في فلسطين على مستويات مختلفة حالة من الإرباك بفعل الاحتلال وعنف المستوطنين ومشاهد الاجتياحات الإسرائيلية المتكررة وعمليات الإعدام الميداني والهدم وتهديدات المصادرة والضم وتزايد السياسات العنصرية المفروضة على المواطن الفلسطيني التي يقابلها إرباك في القرارات السياسية، ابتداءً بما يتعلق بالقوانين المحلية والقرارات بقانون من قبل السلطة التنفيذية في ظل غياب السلطة التشريعية..
بعد نتائج الانتخابات الاسرائيلية وما يترتب عليها من احتماليات في التحالفات السياسية بغرض تشكيل الحكومة القادمة، حتى يتسنى لنا كفلسطينيين فهم السيناريوهات القادمة ودور العرب في التأثير، نتذكر ان الكنيسيت يتكون من ١٢٠ مقعدا، حتى يتمكن أي حزب من تشكيل حكومة فهو بحاجة لـ ٦١ مقعداً، وكما قدمنا بناء على النتائج، يعود نتنياهو لليمين المتطرف لتشكيل الحكومة، أي ما زالوا بحاجة للتحالف للتمكن من تشكيل حكومة، وهو ما زال يعاني بسبب لوائح الاتهام الموجهة ضده، حيث أعلن أنه سيبدأ مفاوضاته لتشكيل حكومة صهيونية قوية بدون إقصاء أي من الأحزاب الصهيونية ودون التحالف مع العرب، ومن الطبيعي أن يناور ويستخدم مختلف الحيل حتى يتجنب السجن.
الشارع الاسرائيلي اتجه نحو اليمين وبقوة بتقديم الأحزاب الاسرائيلية العنصرية مراراً وتكراراً. فما نشهد من تصريحات بخصوص هذه التحالفات يعكس حقيقة ووجه كل الأحزاب الاسرائيلية.
المراقب للوضع العام، يرى أن أساس الأزمات المختلفة هو الاحتلال ثم الانقسام ثم ترهل النظام السياسي الداخلي. بما يتعلق بموضوع النظام السياسي الفلسطيني، فالمشكلة تكمن في الخلط بين مهام السلطات التنفيذية والتشريعية وضعف السلطة القضائية؛ حيث أصبحت السلطة التنفيذية تقوم مقام السلطة التشريعية، ففي ظل عدم انعقاد المجلس التشريعي، القانون الأساسي الفلسطيني يسمح للسلطة التنفيذية ممثلة بالرئاسة وبالحكومة أن تقدم مشاريع قوانين، وحسب المادة ٤٣ تصدر المراسيم الرئاسية التي تأخذ صفة القانون طالما المجلس التشريعي متعطل في حال عدم انعقاد. وللأسف تمخض عن هذه الحقيقة وجود سلطة مركزية، أبوية وعميقة لا تليق بطموحات الشعب الفلسطيني.
في ظل هذا الإرباك، من البديهي أن نحتكم للمادة ٢ من القانون الأساسي التي تؤكد على الفصل بين السلطات، وان الشعب هو مصدر هذه السلطات. لقد بات واضحاً للجميع أن تعدد صلاحيات السلطة التنفيذية وتحولها من التنفيذ والرقابة وانشغالها بالتشريع هو من أكبر المشاكل والتحديات، ومن هنا نرى أن الانتخابات هي الإجراء الأمثل، حيث ستتيح الفرصة للمواطنين للمشاركة في إدارة الشؤون العامة وانتخابهم لممثليهم وتعزيز أدوات الرقابة والمحاسبة، كما ستتمكن الحكومة من القيام بواجباتها التنفيذية والرقابية وستعمل السلطات بالتوازي لتكمل معاً ما نتمناه من فصل تناغم وانسجام بين التشريع والتنفيذ والقضاء.
عند الحديث عن انتخابات، تتطاير الأسئلة حول الانتخابات الفلسطينية:
- هل ستوافق حماس على التعاون وعقد الانتخابات في غزة؟
- هل ستوافق اسرائيل على عقد الانتخابات في القدس؟
- هل السلطة الفلسطينية جادة بعقد الانتخابات؟
- هل تزيد الانتخابات من حدة الانقسام؟
- هل سيقبل العالم بنتيجة الانتخابات الديمقراطية؟
لقد عبر رئيس لجنة الانتخابات المركزية مراراً عن أهمية إجراء الانتخابات، وهنا كلنا أمل بتعاون أصحاب العقول النيرة من صانعي القرار الذين يدركون أهمية الحقوق المدنية والسياسية للمواطن، لا بد من عقد الانتخابات، عقد الانتخابات لن يزيد من عمق الانقسام، ولا يجب أن ننظر للانقسام كنتيجة للانتخابات، على العكس يجب أن يكون أحد الأسباب لعقدها.
نتذكر جميعاً، تم حل المجلس التشريعي بموجب قرار المحكمة الدستورية. المهم الْيَوْم، عقد هذه الانتخابات وإعادةإحياء السلطة التشريعية، فهي مسؤولية وطنية ومجتمعية، ولا بد من تكاتف الجهود من كل الأطراف رسمية او شعبية او منظمات المجتمع المدني والدولي لدعم وتأكيد إجراء الانتخابات دورية كل ٤ سنوات. يجب أن ننظر للاحتلال والانقسام والترهل الداخلي كدوافع أساسية وليس معيقات لعقد انتخابات. من يفكر استراتيجيا يدرك ان الانتخابات هي فرصة لا تحدٍ.