لم تنجح كل محاولات الولايات المتحدة الأميركية لتعطيل قرارات الأمم المتحدة الأخيرة بشان الصراع الفلسطيني الإسرائيلي واهمها القرار الفلسطيني بطلب المشورة والفتوي القانونية من محكمة العدل الدولية باعتبارها الجهاز القضائي للأمم المتحدة للبت في شرعية الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية والقدس أي أراضي العام 1967, ولم تنجح كل محاولات دولة الاحتلال بإقناع مزيد من الدول عدم التصويت لصالح المشروع الفلسطيني التاريخي الذي اصبح عنوانا لكل الصحف العالمية وبات مصدر قلق لقادة مؤسسات دولة الاحتلال الأمنية والعسكرية .لعل تصويت 98 دولة لصالح القرار وعارضته 17 وامتنعت 52 عن التصويت، بعد عدة جلسات عقدت الأسبوع الماضي يعني ان القرار اصبح يشكل نصرا حقيقيا للدبلوماسية الفلسطينية ويعني ان عدالة القضية الفلسطينية فرضت نفسها على إدارة المجتمع الدولي وان انهاء هذا الاحتلال الغاشم صبحت القاعدة الشرعية لوقف كل إجراءاته التقويضية التي تخطط لها سلطات الاحتلال لتنال من أي حلول سلمية في المستقبل وتنهي أي اسس خاصة واهمها مبدا حل الدولتين كأساس عادل لحل الصراع .
تزامن هذا القرار مع مشاورات نتنياهو الواسعة مع اقطاب التطرف الصهيوني والكتل الدينية لتشكيل حكومة إرهاب احتلالي فاشية المنهج دموية الأدوات لا تعترف بالسلام وتسعي لضم الضفة الغربية والاغوار للإجهاز على أي امل لقيام دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة وهذا يعني ان العالم يريد ان يوصل رسالة غير عادية لنتنياهو الذي سيعود بحكومة دينية ستحول دولة الاحتلال الى دولة دينية متطرفة ,وتعني ان العالم قد لا يقبل هذا التطرف الخطير والذي سيصعد حالة الصدام الدامي بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وباعتقادي ان قرار رفع ملف الاحتلال الإسرائيلي لمحكمة العدل الدولية لإصدار فتوى شرعية دولية في ماهية ذلك يعني رفض العالم لهذا الاحتلال وتعريفة بانه احتلال عسكري قائم على القوة العسكرية ,باطل وكل ما تبع من إجراءات لهذا الاحتلال باطلة وغير شرعية بما فيها الاستيطان المتوقع ان تزداد وتيرته في ظل حكومة نتنياهو السادسة الدينية المتطرفة.
رئيس وزراء دولة الاحتلال المنتهية ولايته رفض هذا القرار وادعى بان الصرع الفلسطيني الإسرائيلي لا يحل في أروقة الأمم المتحدة والهيئات الدولية وقال "ان القرار يقوض المبادئ الأساسية لحل النزاع وربما يضر بأي احتمال لعملية سلام مستقبلية، وأن هذه الخطوة لن تغير الواقع على الأرض ولن تسهم بشيء للشعب الفلسطيني وقد تسبب تصعيدًا"، أما رئيس دولة الاحتلال فقد سارع بالاتصال بالرئيس "أبو مازن" الذي اتخذ هذا القرار قبل سنتين من على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة لإقناعه تأجيل هذه الخطوة ما رفضه الرئيس "أبو مازن" رفضا قاطعا .
"يائير لابيد" خاطب الدول التي صوتت لصالح القرار الفلسطيني وقال "إن دعم التحرك الفلسطيني هو مكافأة للمنظمات الإرهابية وللحملة ضد إسرائيل ودعا تلك الدول التي أيدت الاقتراح إلى إعادة النظر في موقفها ورفض رفع الجمعية العاملة للأمم المتحدة المقترح الفلسطيني لمحكمة العدل الدولية وقرر اتخاذ بعض الإجراءات السياسية والأمنية للرد على هذا القرار. محاولة فاشلة لأسقاط القرار وتفريغه من مضمونه ليبقى مجرد قرار كباقي قرارات الأمم المتحدة ومجلس الامن غير القابلة للتنفيذ، لكن المختلف هذه المرة ان الامر أصبح بعد هذا التصويت بيد الفلسطينيين ان يوقفوا هذا التوجه ام يستمروا في الطريق حتى يحصلوا على كل الفتاوى الدولية لعدم شرعية الاحتلال و تطبيق قرارات الأمم المتحدة ومجلس الامن السابقة واخرها 2334 وصولاً لمقاضاة دولة الاحتلال وقادتها الذين ذهبوا في اجرامهم لأبعد حد لذلك نتوقع ان تستمر المساومات وستتسع دوائر المقايضات في الشهور المقبلة.
إن صياغة القرار المقدم من الفلسطينيين يطلب من المحكمة بان تقر بان الاحتلال الإسرائيلي القائم وكل اجراءاته من هدم وتهويد واستيطان وضم أراضي غير شرعي وليس مؤقتا كما هو منصوص عليه في القرار 242 الداعي الى إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وسحب دولة الاحتلال الإسرائيلي كل قواتها من الأرض الفلسطينية المحتلة وانهاء جميع ادعاءات الحرب والاعتراف بسيادة ووحدة أراضي كل دولة في المنطقة واستقلالها السياسي وحقها في العيش بسلام ضمن حدود امنة ومعترف بها وحرة من التهديد واعمال القوة ,وما تخشاه دولة الاحتلال ان يؤدي هذا المشروع الى تنفيذ قرار 242 وبالتالي يطلب المجتمع الدولي دولة الاحتلال التفاوض على أساس قرار 181 القاضي بإقامة دولتين مستقلتين بحدود سياسية معترف بها ما يعني ان الفلسطينيين الان وقفوا على بوابة الاستحقاق الدولي لتنفيذ هذا القرار ما يتطلب ان يسارع المجتمع الدولي في بحث تحقيق الشق المتعلق بالمسالة الفلسطينية من هذا القرار والداعي لإقامة الدولة الفلسطينية على حدود التقسيم وهذا ما يخيف قادة دولة الاحتلال اكثر ,بالإضافة الى ان تنفيذ قرار 242 و 181 يعني تنفيذ قرار 194 القاضي بعودة اللاجئين الفلسطينيين الى بلداتهم وقراهم التي هجروا منها قسرا بل وتعويضهم عن الفترة الماضية والخسائر التي تكبدوها جراء الحرب .
بات واضحا أن أركان دولة الاحتلال اهتزت مع هذا القرار الذي سيٌعرف السيطرة الإسرائيلية الأمنية على الضفة الغربية بانه احتلال باطل وسوف يسمى كل السلوك الدموي لجيش الاحتلال بجرائم حرب ترتكب بحق المدنيين الفلسطينيين الواقعين تحت هذا الاحتلال ما يعني ان قادة الاحتلال السياسيين والعسكرين هم مجرمو حرب يجب ان يوضعوا في قفص الاتهام ويقدموا للقضاء الدولي امام الجنائية الدولية وهذا ما تخشاه دولة الاحتلال وما يقلق قادتها من المؤسستين العسكرية والسياسية لذلك بعد فشل الاحتلال في ثني الفلسطينيين عن مواصلة العمل امام محكمة العدل الدولية وفشل الولايات المتحدة في افشال القرار بالتصويت اعتقد ان دولة الاحتلال ستقوم باقناع إدارة بايدن التدخل سياسيا لدى محكمة العدل الدولية لتسويف الفتوى وتأجيل صدورها الى وقت يصبح فيه قرار الجمعية العالم للأمم المتحدة طيا منسيا ولا يفتح هذا الملف وان فتح بالطبع تأتي الفتوى منمقة بعبارات لا تجرم الاحتلال الصهيوني بالدرجة الاولى ويتم الالتفاف على هذه الفتوي القانونية, وعلينا ان نتوقع أكثر من هيمنة أمريكية على القرار السياسي لهيئات الأمم المتحدة وحاكمها .