وراء كل مقاتل جريء هناك سياسي متردد يفكر ويرسم لتقليل عذابات الحرب والفوز بأقل ثمن ممكن. وهذا حال المجتمعات منذ غزوات البشر الأولى وحتى يومنا هذا.
والمعركة من أجل تحرير الأرض وتحرير الإنسان طويلة وقاسية على الشعب الفلسطيني، تتواصل منذ مائة وخمسة أعوام دون توقف. ولكنها قد تطول أكثر وأكثر في حال الفشل السياسي.
من البداية كتبت وجهة نظري، وأن الصراع مع الاحتلال لن يختلف بفوز اليمين المتطرف، وإنما سوف تختلف الأدوات.
فوز اليمين الراديكالي العنصري الداعم للإرهاب اليهودي يعتبر فرصة ذهبية أمام الفلسطينيين لفضح الاحتلال ومخططاته أمام العالم وأمام المؤسسات الدولية. وعلى هذا الأساس فان على نتانياهو أن يقلق أكثر على مستقبل الصهيونية. وليس على الفلسطينيين أن يقلقوا لأن الاحتلال يواصل ارتكاب جرائمه مع جميع الحكومات، وأن اختلفت الأسماء، فقد تكرّس في فلسطين نظام أبرتهايد لا يسقط الا بعزله دوليا ومحليا وعربيا.
ربما يتحمس بعد القادة للإعلان عن خطوات دراماتيكية فورية ضد إسرائيل، وربما يتردد البعض في انتقاء التوقيت المناسب، ولكن الجميع متفقون على أن إسرائيل دخلت عصرا جديدا مبني على القتل والظلم والفصل العنصري ولا بد من الرد عليها.
من بين هذه الخطوات التي يمكن إعلانها فورا ويمكن الانتظار حتى الوقت المناسب لتنفيذها:
سحب الاعتراف بإسرائيل ومطالبة العالم بإعلان إسرائيل نظام أبرتهايد كامل.
إعلان الحركة الصهيونية حركة فصل عنصري ومطالبة الأمم المتحدة باعتبارها كذلك.
رفض وجود سفير لإسرائيل في عواصم العرب والعمل والضغط مرارا وتكرارا ودون كلل من أجل طرده ومقاطعته.
تفعيل هيئة المفاوضات الفلسطينية لتعود ترسم للعمل بكل قوة مع عواصم العالم والمجتمعات الدولية تحت شعار (لا يوجد في إسرائيل شريك للمفاوضات).
مواصلة وضع قائمة سوداء بأسماء سياسيين وجنرالات وضباط الاحتلال الذين قتلوا فلسطينيين لحين استخدامها في المحاكم المحلية والعربية والدولية. وهذا يوم قادم وإن تأخر.
إصدار أحكام غيابية مسجلة في المحاكم الفلسطينية من خلال المجلس الوطني في مقره عمان وخارج الأرض المحتلة ضد مجرمين صهاينة مارسوا القتل وهدم المنازل وشنوا حروبا وعدوانا على الفلسطينيين.
إنتاج مبدأ التعامل بالمثل مع الاحتلال في كل المجالات وعدم السماح باستباحة المدن الفلسطينية وحساب الخسائر لمطالبة إنجلترا – وأمريكا – وتل أبيب بكل الخسائر في يوم قادم.
دعم كامل شامل رسمي وشعبي لمنظمة بي دي اس المناضلة التي تحارب الاحتلال بأدوات سلمية ونشر ثقافتها وسط الفلسطينيين. وعدم الاكتفاء بمقاطعة بضائع المستوطنات وإنما الذهاب ابعد لمقاطعة جميع البضائع الإسرائيلية والمشافي الإسرائيلية وكل مؤسسة عربية أو دولية تتعامل مع إسرائيل وتعمل على التطبيع مع الاحتلال.
إسرائيل ليست دولة. ولا هي كيان أيضا. وإنما هي اليوم نظام عنصري للأبارتهايد وعلينا اعتماد هذه الثقافة حتى يزول الاحتلال وينهزم.
ليس العبرة في كمية الدماء التي تسيل في الشوارع، ولا هي مرتبطة بعدد العمليات. وكما قال المرحوم القائد رمضان شلح (إن علاقتنا بالاحتلال ليست علاقة قاتل بالمقتول وإنما علاقة ثقافة إنسانية وطنية ثورية ضد ثقافة عنصرية إرهابية حاقدة).