لا الوقت السياسي، ولا الموقف السياسي القادم مع تولي "الفاشية اليهودية المكثفة" الحكم رسميا في دولة الاحتلال بات متاحا لكثير من "التردد" أو "الاتكالية"، على أمل ظهور "فرج أمريكي" يعرقل الخطر الحقيقي على المشروع الوطني الفلسطيني بكليته.
ما أعلنته وسائل "إعلام عبرية" عن اتفاق طرفين من مكونات "التحالف الفاشي الجديد"، الليكود بزعامة رئيس الحكومة القادمة بنيامين نتنياهو والمستوطن إيتمار بن غفير وكتلته "القوة اليهودية"، يضع حدا فاصلا لكل ما سبق ارتباكا عند "الرسمية الفلسطينية"، فلم يبق لها نفقا للهروب من المفروض أن يكون.
اتفاق "الثنائي الإرهابي" والذي نشرت عناصره يوم الأربعاء 16 نوفمبر 2022، أعلن بوضوح مطلق انهاء "بقايا البقايا" في اتفاق "إعلان المبادئ – أوسلو"، التراجع عن "فك الارتباط" بالضفة (ما عرف بإعادة انتشار قوات الاحتلال وفقا للاتفاق الانتقالي 1995)، والسماح مجددا للمستوطنين بإنشاء المستوطنات فوق أرض فلسطينية باعتبارها "أرض يهودية"، إلى جانب تفاصيل أخرى، تسمح بشرعنة عشرات المستوطنات العشوائية، والبدء العملي بضمها الرسمي إلى دولة الكيان، وتطوير "القوة الإرهابية" للمستوطنين تسليحا وتنظيما، مع إعادة تقسيم الضفة الغربية وفقا لمصالح المستوطنين، عبر طرق التفافية جديدة.
النص المعلن، والذي تم تسجيله رسميا ليكون ملزما للحكومة القادمة، ليس جرس إنذار فحسب، بل هو حرق كلي لأي ورقة حكمت العلاقة بين الطرفين، ولم يعد الأمر مقتصرا على الإلغاء العملي، وتدمير قواعد ومضمون الاتفاق بين منظمة التحرير وحكومة رابين 1993، بل أصبح إنهاء رسميا له من قبل الحكومة قادمة.
ولأن تعبير "ألم نقل لكم" لا يغير من حال الواقع السياسي شيئا، ولن يعيد ما كان يجب أن يكون في زمن سابق، فالمطلوب الفوري، دون أي تأخير أو تباطئ، قيام الرسمية الفلسطينية بإعلام الأمم المتحدة، واللجنة الرباعية الدولية، والجامعة العربية، مع التكتلات الإقليمية، أن دولة الكيان الاحتلالي، ألغت بشكل رسمي ما كان اتفاقا، وعليه فإن فلسطين الدولة تعلن:
- سحب اعترافها فورا بدولة إسرائيل، والعلاقة القائمة هي صراع بين دولة تحتل أرض دولة أخرى.
- إعلان رسمي بتغيير مسمى "السلطة الفلسطينية" إلى دولة فلسطين، في مختلف الجوانب، بما فيها تلك التي تتواصل مع مؤسسات دولة الاحتلال ضمن الواقع القائم.
- مباشرة، عقد المجلس المركزي الفلسطيني لاتخاذ الخطوات العملية لتطبيق قرارات "فك الارتباط" ضمن جدول زمني مناسب.
- تشكيل حكومة فلسطينية جديدة ضمن التطور الجديد، تضع من بين أهدافها، اعتبار أن الوضع القائم هو صراع مع الكيان، ومقاومته حق واجب، وستكون أجهزة دولة فلسطين بكل مكوناتها جزء من مواجهة الاحتلال لأرض دولة فلسطين.
- إجراء عملية تغيير شاملة في الأجهزة الأمنية، قيادة ورسالة سياسية، لتنتقل من مرحلة "التنسيق" إلى مرحلة المواجهة.
- تشكيل "مكتب سياسي أمني" لدولة فلسطين يضم ممثلين عن القوى والفصائل الملتزمة بالشرعية الوطنية، بعد فك أي ارتباط لها بأطر خارجية، كي لا تدفع فلسطين ثمنا لذلك الارتباط التي تناقضت في جوهرها مع الوطنية الفلسطينية.
- الكف عن اللهاث الخادع وراء ما يسمى بـ لقاءات المصالحة"، لأنها باتت خدعة مملة، والذهاب المباشر لتشكيل "المكتب المصغر" لدولة فلسطين، يكون خلية العمل الخاصة بالقضايا الأمنية – السياسية.
- الانتهاء الفوري من صياغة دستور دولة فلسطين، لتعريفها وتحديد هويتها.
- إعادة صياغة النظام الأساسي لمنظمة التحرير لتحديد دورها ومهامها في مرحلة ما بعد إعلان دولة فلسطين، وتنظيم العلاقة معها وفقا للتطورات الجديدة.
خطوات غالبها ليس مجهولا، ولكنها لم تبدأ عمليا بعد، ولذا الإعلان عنها وممارستها، يجب أن يستبق تشكيل حكومة "الفاشية المكثفة"، لحصارها المبكر ويتنقل الفلسطيني من رد فعل إلى فعل مسبق، حماية للمشروع الوطني في مواجهة المشروع التوراتي التهويدي.
عدم الذهاب إلى فك الارتباط بدولة الكيان الاحتلالي الإحلالي، والخروج من حالة الارتعاش السياسي الذي طال كثيرا، ليس سوى قوة اسناد للعدوانية الفاشية الجديدة على "الوجودية الفلسطينية" هوية وكيانا وقضية.