د. وحيد عبد المجيد
الكوفية:من الصعب وضعُ حدٍ لتسييس الألعاب الرياضية. ومن الطبيعى أن يزداد هذا التسييس فى كرة القدم، لأنها الأكثر شعبية. ويحفلُ المونديال الحالى بمظاهر تسييس متنوعة. وكما هو الحال فى السياسة، وفى الحياة عمومًا، نجدُ من يُدعِّمون قضايا عادلة، ومن يناصرون قضايا لا تُعد كذلك. ولكن على غير ما يحدث عادةً، تحظى أحد أكثر القضايا عدالةً بالمساحة الأكبر فى هذا المونديال.
(العلم الفلسطينى طاغ فى مونديال قطر، والمُشجًعون الإسرائيليون يتفادون لفت الانتباه). هكذا عنونت وكالةُ الأنباء الفرنسية تقريرها الذى بثته فى 28 نوفمبر الماضى. أوضح هذا التقريرُ مدى الدعم الذى تلقاه قضية فلسطين فى أوساط الشعوب العربية، وقطاعاتٍ يُعتدُ بها من شعوبٍ أخرى فى العالم. فقد رأى مراسلها (أو مراسلتها) العلم الفلسطينى مرفوعًا فى كل مكان، بينما الإسرائيليون الموجودون يتجنبون إظهار هوياتهم، ولا يحملون بالتالى علمهم. نقل التقريرُ عن أحدهم قوله إنه يحضر المونديال للمرة الرابعة، ولكنها الأولى التى يضطرُ فيها لعدم حمل علم إسرائيل.
وحفلت الأيامُ التالية بعد بث ذلك التقرير بما ُيضيفُ إلى ما ورد به. فقد رفض المُشجًعون العرب التحدث لمراسلى وسائل إعلام إسرائيلية تغطى المونديال. وتناقلت وسائلُ التواصل الاجتماعى فيديوهات عدة يظهرُ فيها مُشجًعون عرب رافضون الكلام مع مراسل إسرائيلى أو آخر. ويقول أحدهم له، فى واحدٍ منها، إنها فلسطين وليست إسرائيل. وعبر أحد هؤلاء المراسلين عن مرارته لنفور المشجعين منه فى مداخلةٍ مع إحدى محطات التليفزيون الإسرائيلية، ولقى الفيديو الخاص بها مشاهدةً واسعة.
وبخلاف هذه اللقطات التى شاهدها، عبر وسائل التواصل, مُتابعو المونديال عن بُعد, وأخرى لم يتمكنوا من مشاهدتها، رأى كثيرُ منهم حضور فلسطين فى احتفالات منتخباتٍ عربية ومشجعيها فور انتهاء مبارياتٍ فازت بها. وكان أكبرُها فى الاحتفال بتأهل منتخب المغرب إلى ثمن النهائى عقب فوزه على منتخب كندا فى دور المجموعات.
هذا التأييدُ الواسعُ لقضية فلسطين يُدعًمُ الثقة فى أنها باقيةُ أياً تكن المواقفُ الرسمية هنا أو هناك، وأن الجرائم التى تُرتكب ضد الفلسطينيين على أرضهم لن تمنع انتصار الحق مهما يطل الزمن.