- إعلام عبري: رصد إطلاق 30 صاروخاً من جنوب لبنان باتجاه الجليل الأعلى والجليل الغربي
- صافرات الإنذار تدوي في "معلوت ترشيحا" وعدة مستوطنات شمال فلسطين المحتلة
- مراسلنا: طائرات "كواد كابتر" تطلق النار بشكل مكثف شمال مخيم النصيرات وسط قطاع غزة
تأسست العقيدة العسكرية الإسرائيلية منذ قيام الدولة على يد رئيس مجلس الوزراء ووزير "الدفاع" الأول ديفيد بن غوريون، ووظيفتها قيادة التفكير الإستراتيجي والعملياتي، بكل ما له من علاقة بتنظيم "الجيش" وهيكلته، وقواعد الدفاع عن الدولة، بحيث تشكّل الأساس الثابت، الذي تُبنى عليه سياسات الأمن لكل الحكومات الفاعلة. وعلى الرغم من تعاقب الحكومات الإسرائيلية المختلفة والمتنوعة بأجنداتها السياسية والأيدلوجية الحزبية، استمرت المؤسسة العسكرية، وفي مقدّمها "الجيش" وهيئة أركانه، في وضع القواعد الرئيسة التي على أساسها تعالج "إسرائيل" تحدياتها الأمنية والعسكرية، لكون الأمن القومي بالنسبة إلى "إسرائيل" مسألة وجود شامل، يمس صميم الوجود المادي لكل فرد، وفق يسرائيل طال، صاحب كتاب الأمن القومي الإسرائيلي.
لذا مفهوم الأمن القومي الإسرائيلي يتخطى التركيز على قوة "الجيش" العسكرية إلى مجالات أخرى متعددة، أهمها:
1.أمن خارجي وأمن داخلي.
2.علاقات "إسرائيل" الخارجية، ومكانتها الدولية.
3.نمو اقتصادي وموارد.
4.حكم فعّال (القدرة على اتخاذ قرارات وعلى إنفاذها).
5.تماسك المجتمع المدني الإسرائيلي ومناعته.
تنعكس شمولية مصطلح الأمن القومي بالتأكيد على الأدوار التي تؤديها المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بقيادة "الجيش" الإسرائيلي، وتداخلها في جوانب مختلفة في صنع السياسات الإسرائيلية، مع أنه بحسب القانون الإسرائيلي يعد "الجيش" الإسرائيلي تحت مسؤولية وزير الدفاع، بمعنى آخر "الجيش" الإسرائيلي تحت قيادة المستوى السياسي للحكومة الإسرائيلية. وفي واقع الأمر، لا تسير الأمور بمعزل عن التفاعلات الناتجة عن تغلغل "الجيش" الإسرائيلي في كثير من مفاصل البيئة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، من خلال التفاف شعبي صهيوني حول "الجيش"، واعتباره بوتقة صهر لجميع شرائح المجتمع الإسرائيلي.
فضلاً عن الخبرة الأمنية خارج "الجيش" (معاهد البحوث، ومراكز الفكر، والأوساط الأكاديمية والإعلامية)، التي يقود معظمها قدامى المحاربين في مجال العسكر والجيش، الذين لم يُدرّبوا بالطريقة والأساليب نفسها وحسب، بل يلتزمونها ثقافياً لحماية البيئة المهنية التي أتوا منها، وهي "الجيش".
أضف إلى ذلك اختلال التوازن بين الهيئات المدنية الحكومية، و"الجيش" والمؤسسة العسكرية لمصلحة "الجيش" في عملية صنع القرار لعوامل عدة، منها: (الخبرة المهنية، التأثير متعدد الأبعاد لـ"جيش الدفاع" الإسرائيلي، التقويم الاستخباري، التخطيط الإستراتيجي، دبلوماسية البزات العسكرية، السيطرة علـى العمليات، وحدة القيادة، اختلال التوازن بين "الجيش" ووزارة "الدفاع").
يعاني "الجيش" الإسرائيلي معضلة بنيوية في علاقته على المستوى السياسي، وخصوصاً في السنوات الأخيرة، حيث تأثيرات الأزمة السياسية الإسرائيلية، وتدخلات الجهات الحزبية، وبخاصة الصهيونية الدينية من خلال فتاوى الحاخامات لجنود "الجيش". كل ذلك خلق حالاً من الخوف لدى "الجيش" الإسرائيلي من انزلاق التوترات السياسية الحزبية والسياسية إلى داخله، ما تؤكده مؤشرات كثيرة، آخرها ما حدث قبل بضعة أيام، حينما اعتدى جندي من لواء جفعاتي في "الجيش" على ناشط يساري إسرائيلي في مدينة الخليل، وقال له أمام الكاميرات إن إيتمار بن غفير قادم ليضع حداً لهذا الأمر.
ذلك الحادث الذي دفع رئيس الأركان إفيف كوخافي إلى التصريح بأن "الجيش" لن يسمح لأي سياسيّ، سواء من اليسار أو اليمين بالتدخل في أوامر "الجيش" القيادية واستثمارها لدعم أجندته السياسية.
ولكن، من الواضح أن مخاوف "الجيش" الإسرائيلي من فقدان دوره وصلاحياته ومهامه، لم تقف عند هذا الحد في ضوء تأليف الحكومة الإسرائيلية الجديدة، والصلاحيات الأمنية التي منحها بنيامين نتنياهو لشركائه الجدد في قضايا تمس صلب الأمن القومي الإسرائيلي، وبالتالي بدأ "الجيش" الإسرائيلي والمؤسسة العسكرية بفقدان مساحات كبيرة من صلاحياتهم في صنع قرارات الأمن القومي الإسرائيلي لحساب كتلة الصهيونية الدينية في الحكومة.
يمنح نتنياهو حليفه بن غفير صلاحية قيادة 2000 جندي من حرس الحدود في الضفة الغربية، بمن فيهم أفراد وحدات القوات الخاصة، فضلاً عن توسيع عدد الحرس القومي في مناطق فلسطين المحتلة عام 48، إضافة إلى وضع مستشار قانوني خاص به، ما ينظر إليه قادة "الجيش" الإسرائيلي على أنه كسر احتكار "الجيش" الإسرائيلي لامتلاك القوة العسكرية واستخدامها.
أضف إلى ذلك نقل السيادة على الضفة الغربية من قائد المنطقة الوسطى في "الجيش" الإسرائيلي إلى وزير مستقل في وزارة "الدفاع" لا يتبع لها، بل لرئيس مجلس الوزراء مباشرة، ولديه الصلاحيات الكاملة والمستقلة بكل ما يخص المستوطنين والفلسطينيين، كما جرى الاتفاق بين نتنياهو وبيتسلال سموتريتش. ولم يحدث منذ احتلال الضفة الغربية عام 1967 أن أصبح رجل مدني (وزير في الحكومة) صاحبَ السيادة المستقلة على الضفة الغربية، وهو ما يحمّل هذا الملف آثاراً متعددة على الأمن القومي الإسرائيلي برمته.
وفي حصيلة الأمر، تجد "إسرائيل" نفسها في وضع يمكن تلخيصه بأنه، عملياً، سيكون في دولة "إسرائيل" وزيرا "دفاع"، وفق ما صرح به وزير الأمن بيني غانتس.