- 5 شهداء ومصابون غالبيتهم من الأطفال جراء استهداف الاحتلال منزلا غرب مدينة غزة
- مراسلنا: مصابون بقصف "إسرائيلي" على منطقة المخابرات شمال غربي مدينة غزة
نشر مركز "أمان" استطلاعا في شهر نوفمبر حول ما يشغل بال الفلسطيني (المواطن)، واولوياته الخاصة بين تلك الاهتمامات العامة، فجاءت النتائج "صدمة سياسية كبرى"، مرت مرورا عابرا دون أن تثير اهتماما رغم مخاطرها، التي تشير الى مسار شعبي لا يتفق مع المنتظر في ظل التطورات العامة.
أن يحتل الانقسام المكانة الأخيرة بين كل ما يهم المواطن، فتلك مأساة تعكس لا مبالاة بما يمثله ذلك من تأثير على مستقبل المشروع الوطني، ولكنها أيضا تشير الى حالة "قرف شعبي" من تلك اللقاءات المتلاحقة منذ 2008 وحتى تاريخه، تبدأ بحفلة "سمر شخصي" وتنتهي بحفلة "ردح حزبي"، سلوك لم يتغير ولم يصاب بأي انحراف عن ذلك المشهد، والذي يبدو أنه جزء من "الاتفاق الحقيقي" بين طرفي الانقسام ومشغليهم.
أن تحتل القضايا الوطنية، مرتبة ثالثة، رغم كل ما حدث خلال العالم 2022، من جرائم حرب وعمليات اعدام ميدانية بعضها تم على الهواء، اعتبرته مختلف مؤسسات العالم بأنه الأكثر دموية بعد عام 2002، في زمن الفاشي شارون.
عام أثار اهتماما دوليا، لكنه لم يترك ذات الأثر على اهتمام المواطن الفلسطيني، بمخاطر قادمة على المشروع الوطني بشكل عام، وخاصة في العاصمة الأبدية لدولة فلسطين والحرم القدسي، وصعود الفاشية اليهودية الدينية الى سدة الحكم المباشر في دولة الكيان، وتسلم قوى الإرهاب الديني مرجعية التشريع التهويدي في الضفة والقدس.
مع حصار قطاع غزة، وما تعرضت له من حروب دموية تركت آثارها المباشرة على المواطن الغزي، فأحالت غالبية سكانه الى "متسولين معاصرين"، ينتظرون نهاية شهر كي يستلموا "هبة مالية" قطرية، مع حالة "غربة مركبة" داخل القطاع وخارجه، أنتجت خيار الموت غرقا عن الموت جوعا، حركة "تهجير – تشريد" داخلية في ظل هدم بيوت لم تجد من يمنحها بالا، ما دام مسؤولي الحكم وعناصر الولاء ليسوا متأثرين بها.
وتستبدل أولوية القضايا الاقتصادية جدول أعمال المواطن الفلسطيني بديلا للقضايا الوطنية، لتمثل علامة استفهام كبيرة، رغم ما يمر به من حالة معيشية لكنها لم تصل الى تلك السنوات التي عاشها الشعب الفلسطيني في الضفة والقدس وقطاع غزة، خلال المواجهة الكبرى من 2000 – 2004، وحالة تدمير الكيانية الوطنية لإنهاء "حلم تأسيس دولة الوطن الغائبة"، لفتح الباب لتطبيق المشروع الشاروني بفصل جناحي الوطن، وهو ما نجح نجاحا غير متوقع أبدا من مهندسيه بعد انتخابات 2006 ثم انقلاب 2007، والذي يتجه راهنا لتعزيز الانفصالية الشاملة وتطوير النتوء الكياني الى ما يشبه "دولة غزة".
اشغال المواطن الفلسطيني بالمسألة الحياتية على حساب القضية الوطنية ترتيبا، هو جزء من المخطط العام لتمرير مشروع التهويد في الضفة والقدس والبديل الكياني في قطاع غزة، وهي سياسة يبدو أن السلطة الفلسطينية باتت شريكة بها، من جراء سياسيات تفتح الباب واسعا لحالة من "تمرد الوعي" والانتقال من العام الى الخاص، في ظل ممارسات لا تمنح المواطن "حصانة كافية".
وتلك هي السياسة التي تحاول تمريرها حكومات العدو وأجهزته الأمنية، اتفاقا مع الخطة الأمريكية، والتي تجاوبت معها الرسمية الفلسطينية، باستبدال السياسي بالاقتصادي، وبدلا من تحصين المشروع الكياني العام، بدأت عملية "تحسين مستوى الحياة في ظل سلطات الاحتلال"، والانتقال معن احتلال دموي الى احتلال دموي محسن ببعض المشاريع التجارية، ما بدأ يترك بصمته على وعي المواطن، والذي لا ذنب له مطلقا فيما بات يراه أولوية مع حالة انحدارية سياسية لا مثيل لها، تتعايش مع حدود الانفصالية السياسية والانتكاسية الوطنية.
وبالتأكيد، ليس مفاجأة أبدا، ان يكون الفساد ثانيا في قضايا الاهتمام العالم للمواطن الفلسطيني، فتلك مسألة تتوافق والواقع القائم في ظل حالة انتشار سرطاني لتلك "الآفة"، التي لا تجد لها علاجا سوى بيانات تصيب من يقرأها بضحك هستيري، في ظل غياب مطلق للأجهزة الرقابية سوى أن يراقب المتهم ذاته من الاتهام.
ولكن، ما يثير "الصداع الوطني"، ان تكون قناعة المواطن بوجود فساد في الجهاز القضائي، والذي يفترض أنه "الجدار الواقي" في ظل غياب المؤسسات التشريعية والرقابية، فأن يكون ذلك الجهاز فاسد فذلك مؤشر أن "الفساد" وصل الى منطقة "نخاع السلطة" ذاتها.
بعيدا عن مدى دقة النسب التي أوردها الاستطلاع حول أولويات المواطن الفلسطيني، لكنه بالتأكيد وضعها على طاولة البحث مما تمثله من رسائل صادمة وطنيا، وخطرا سياسيا حقيقيا على "الوعي العام" في مرحلة مواجهة العدو الفاشي المتسارع لتدمير الكيانية الوطنية في فلسطين.
رسائل استطلاع نوفمبر لا تقل خطورة عن رسائل "الإرهاب اليهودي" حول المشروع الوطني الفلسطيني...الصمت عليها دون محاصرتها سيكون شراكة مع عدو بدأ في الاعتقاد أنه اقترب من تحقيق حلمه!