- مراسل الكوفية: غارة إسرائيلية تستهدف مخيم النصيرات وسط قطاع غزة
كان الموت يحوم حول الأسير الشهيد ناصر أبو حميد ولا يكاد يفارقه, تردى وضعه الصحي مرات عدة, وفي كل مرة كان ينقل فيها الأسير الشهيد ناصر أبو حميد للمشفى او العيادة الطبية كان يوصف وضعه بالخطير جدا, وانه قد يستشهد في أي لحظة, حيث كان الشهيد الأسير ناصر الذي يبلغ 50 عاما يعاني من ورم بارز في الرئتين يعرف بـ(السرطان)، إذ تم اكتشافه وهو بداخل سجون الاحتلال «الإسرائيلي»، في أغسطس/ آب من العام الماضي، وبسبب ظروف اعتقاله تدهورت حالته الصحية إلى الحرجة جدًا, وهو محكوم بالسّجن المؤبد 7 مرات و(50) عامًا، وهو واحد من بين أكثر من 600 أسير مريض في سجون الاحتلال، من بينهم (24) أسيرًا يعانون من الإصابة بالسّرطان والأورام بدرجات متفاوتة، ويواجهون جريمة الإهمال الطبي (القتل البطيء)، عدا عن ظروف الاعتقال القاسية, لكن الاحتلال يتعامل معهم على انهم اموات وينتظرون فقط لحظة تشييعهم, الأسير الشهيد ناصر أبو حميد كان عنوانا بارزا لنازية الاحتلال الصهيوني, فرغم المناشدات العديدة التي وجهت للاحتلال من مؤسسات حقوقية ودولية وإنسانية ومن اسرة الأسير ناصر ومن مؤسسات تعنى بالأسرى للإفراج عنه كي يموت بين اهله وذويه, الا ان الاحتلال رفض الافراج عنه, واصر على الا يخرج من السجن الا ميتا, حتى عندما تم استدعاء اهله لإلقاء نظرة الوداع عليه, وابلاغهم ان ناصر يحتضر رفض الاحتلال ان يموت ناصر في بيته حتى يشاهد لحظة احتضاره بأم عينه, ويشفي غليله في انسان فلسطيني مناضل نذر نفسه لوطنه وشعبه ودافع عنه بكل قوة وتحمل وصبر لأجل ان ينال حريته ويستقل وطنه ويتخلص من دنس الاحتلال البغيض, لقد اسلم ناصر أبو حميد روحه الى ربه لينعتق من ظلام السجن وحصار السجان, وزوايا الجدران وفولاذ القضبان.
بارتقاء الشهيد الأسير ناصر أبو حميد يرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة داخل سجون الاحتلال الصهيوني، إلى (233) شهيدًا منذ عام 1967, ومع كل اسير فلسطيني يرتقى في سجون الاحتلال كنا نروي قصة عن بطولة وعزيمة الاسرى داخل السجون الصهيونية, وكنا نتحدث عن لا إنسانية الاحتلال الصهيوني وانتهاكه لكل القوانين والأعراف الدولية ولحقوق الاسرى, ونطالب بمحاسبة الاحتلال على جرائمه, وفي كل مرة كان الاحتلال ينجو بنفسه ولا يحاسب على جرائمه, لان المجتمع الدولي بمؤسساته الحقوقية والإنسانية متخاذل, بل ومتعاطف مع الاحتلال, ولا يسعى لمحاسبته على جرائمه بحق الاسرى الفلسطينيين, لذلك استمرأ الاحتلال سياسة القتل بحق الاسرى وبات اليوم يتحدث بلغة جديدة عن الاسرى الفلسطينيين داخل سجونه النازية, وتصريحات عضو الكنيست المتطرف رئيس حزب «عوتمسا يهوديت»، إيتمار بن غفير تدل على ذلك فهو الذي طالب الحكومة الجديدة بزعامة المجرم بنيامين نتنياهو، تشديد الإجراءات على الأسرى وسلب المنجزات ومنعهم أي «استقلالية» داخل السجون الصهيونية، ومطالبة نتنياهو تشديد ظروف الأسر في سجون الاحتلال، ما يشمل تقييد «استقلالية» الأسرى داخل الأقسام، ومنع «تنظيم» الأسرى في فصائل التي تمثل الفصائل الفلسطينية خارج الأسر, إضافة إلى ذلك، يعتزم بن غفير منع توزيع أسرى الفصائل على أقسام مستقلة تضم أسرى من فصيل معين، وكذلك الامتناع عن التعامل مع الأسرى عبر ناطق أو ممثل باسمهم، وإنما «تحديد ممثل متغير» يكون على اتصال مع سلطات سجون الاحتلال في المواضيع العامة، على ألا تكون له علاقة بأي شكل بالأمور الشخصية للأسرى, وبذلك تتحول حياتهم الى جحيم لا يطاق, وهذه غاية تسعى اليها حكومة الاحتلال للانتقام من الاسرى الفلسطينيين. لماذا يحمل الاحتلال الصهيوني كل هذه الضغائن تجاه الاسرى, ولماذا يتلذذ على عذاباتهم وآلامهم, ويحاول ان ينتقم منهم بما يفوق الوصف, حتى انه يريد ان يحرمهم من طعامهم وشرابهم, حيث تقضي خطة بن غفير التي تقدم إلى نتنياهو في سياق مفاوضات تشكيل الحكومة المقبلة، منع الأسرى من إعداد الطعام في أقسام السجون، وتزويدهم بالطعام بواسطة مصلحة سجون الاحتلال فقط، إضافة إلى تقليص استهلاك الأسرى للمياه, هذا التفكير الشيطاني الخارج عن آدمية البشر الا يدل على اننا امام عدو متغطرس ونازي وحكومة فاشية وامام شياطين تلبس قناع انسان, الشهيد أبو حميد دفع ضريبة الاستقلال والبحث عن الكرامة ومن خلفه أبطال كتيبة جنين ونابلس وعرين الأسود ، في معركة مفتوحة في بعض صفحاتها غطرسة «إسرائيلية» وجبروت كيان مارق رفض أن يعطي أسيراً حقه في العلاج, كما قال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي وعضو مكتبها السياسي خالد البطش الذي طالب ان «يحاكم الاحتلال على الجرائم التي يرتكبها بحق الاسرى, وأن يقف عندها كل أحرار العالم كون أن هذه الجرائم خارج سياق الإنسانية, وأن المشهد الذي رأيناه اليوم مع الأسير البطل ناصر أبو حميد واستشهاده داخل الاسر, يتكرر في القدس وجنين ورام الله وبيت لحم هو ديدن الحكومة القادمة», فهذه الحكومة مثقلة بالدم, وجاءت تحمل اكفان الموت للفلسطينيين, الامر الذي يلزمنا كشعب فلسطيني بالدفاع عن انفسنا.
انه الموت القاهر الذي اختاره الاحتلال الصهيوني للأسير ناصر أبو حميد, الموت داخل الأسير, وبعيدا عن حضن امه, وفي عتمة الزنزانة, ووسط شماتة الأعداء وابتساماتهم وتشدقهم عليه وهو يحتضر, وكأن استشهادك يا ناصر كان بمثابة لعنة على الأعداء, ويكشف امام العالم كله بشاعة هذا المحتل ومدى ظلمه وجبروته ونازيته.