يشكل اليوم الدولي للتضامن الإنساني والذي يهدف الى إحياء وترسيخ ثقافة التعاون الدولي نموذجا مهما لمواجهة التحديات العالمية والتضامن من اجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة ويأتي الاحتفال بهذه المناسبة بعد أن اعتمد زعماء العالم أهدافا عالمية جديدة تسمى أهداف التنمية المستدامة والتي تعد جدول أعمال جديد وشامل يخلف حملة الأهداف الإنمائية للألفية للقضاء على الفقر وحماية الكوكب وضمان الكرامة للجميع.
اليوم العالمي للتضامن الإنساني هو يوم للاحتفاء بالوحدة في إطار التنوع ويوم لتذكير الحكومات بضرورة احترام التزاماتها في الاتفاقات الدولية وكذلك يوم لرفع مستوى الوعي العام بأهمية التضامن ولتشجيع النقاش بشأن سبل تعزيز التضامن لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، بما في ذلك القضاء على الفقر علاوة على أنه يوم للعمل للتشجيع على دعم مبادرات جديدة للقضاء على الفقر.
الجمعية العامة للأمم المتحدة أعلنت يوم 20 ديسمبر بوصفه اليوم الدولي للتضامن الإنساني إيمانا منها بأن تعزيز ثقافة التضامن وروح المشاركة هو أمر ذو أهمية لمكافحة الفقر وتعزيز مفهوم التضامن من خلال مبادرات من قبيل إنشاء صندوق تضامن عالمي للقضاء على الفقر وإعلان اليوم الدولي للتضامن الإنساني بوصفه عنصرا حاسما في القضاء مكافحة الفقر وإشراك جميع أصحاب المصلحة ذوي الصلة.
مفهوم التضامن حدد طبيعة عمل الامم المتحدة منذ نشأتها وطبيعة العلاقات القائمة بين الشعوب والقائمة على تعزيز السلام وحقوق الإنسان والتنمية الاقتصادية والاجتماعية ولعل هذا ما كان يجب ان تتمتع به منظمة الامم المتحدة منذ ان تأسست على فرضية أساسية للوحدة والانسجام بين أعضائها وتعبيرها ايضا عن مفهوم الأمن الجماعي الذي يستند إلى التضامن بين جميع الاعضاء لصون السلم والأمن الدوليين استنادا الى روح التضامن في تحقيق التعاون الدولي لحل المشاكل الدولية ذات الطابع الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو الإنساني .
وبات واضحا بأنه يجب العمل على تحديد قيم التعاون الدولي في موروثها الحضاري للشعوب وأهمية تعزيز هذا السلوك الذي يربط قلوب المؤمنين على المستوي الانساني في التآزر والتعاون وخلق فرص التضامن الدولي بعيدا عن تحقيق المصالح الذاتية لبعض الدول التي تستغل الأزمات الدولية لتحقيق اهداف ذاتية ضيقة.
وأهمية خلق الفرص من أجل العمل التضامني الإنساني والذي يحظى في مجتمعات العالم المعاصر لما له من أهمية في تنمية المجتمع في شتى المجالات وفي إطار نمو حركة العمل الإنساني الذي يساهم بصورة حيوية في النهوض بالمجتمع وتنمية الطاقات والكفاءات الموجودة فيه بما يخدم مسار التقدم والتطور الاجتماعي.
ولعل تلك القيم تتوارثها الأجيال منذ القدم وتعد ظاهرة اجتماعية موجودة منذ القدم ولكنها تختلف في أشكالها ومجالاتها وطرق أدائها والقائمين عليها وفق توجهات وعادات تنسجم وثقافة كل مجتمع ويعد ذلك مهما على صعيد الجانب الإنساني لأنه يعبر عن مدى التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع الذي يتجسد في مدى الوعي والنضج مما يعزز مستقبل أفضل للعالم أجمع.
في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها المجتمع الدولي والبشرية جراء ما يتعرض له العالم من سلسلة أزمات دولية متعددة بات من الضروري العمل على توحيد كل الجهود الدولية في بوتقة واحدة وانضمام الجميع لمواجهة تلك الأزمات بروح من المسؤولية والتخلي عن الحدود والحواجز وضرورة العمل من خلال الإبداع والتضامن الإنساني الدولي لمواجهة تلك المخاطر التي باتت تهدد البشرية.