إن لم تحدث مفاجآت ،غدا الخميس في الحادية عشر صباحًا وفقا للرسائل التي وصلت إلى اعضاء الكنيست سيتم التصويت على منح الثقة لحكومة نتنياهو التي تعتبر الحكومة الأكثر فاشية وعنصرية في تاريخ اسرائيل، بعد ـن استطاع حلفاء نتنياهو الحصول على كل ما يريدون، و بعد أن خضع نتنياهو لكل أنواع الابتزاز سواء كان من الثنائي الفاشي "بن غفير و سموترتش" او من ممثلي الأحزاب الحريدية مثل "اريه درعي" و غيره من قادة الأحزاب الأخرى.
لأنهم يعرفون نتنياهو جيدا و يعرفون انه لا يفي بوعوده و اهم صفة من صفاته انه ينكث العهود لذلك اصر حلفاءه و قبل منح حكومته الثقة، اصروا على تعديل كل ما يلزم من قوانين من اجل تسهيل حصولهم على ما يريدون منه ، بما في ذلك اجراء تعديلات في القانون الاساسي .
هكذا حصل درعي على تعديل في القانون يسمح له بأن يكون وزيرا رغم انه صادر بحقه حكم بالحبس مع وقف التنفيذ بتهمة الفساد و التهرب الضريبي. لذلك تطلب الامر تعديل القانون بحيث يسمح له بأن يتم تعيينه وزيرا، هذا اذا تجاوز الطعن المقدم ضده اليوم في محكمة العدل العليا.
اما بن غفير فقد اصر على ان يتم اجراء التعديلات المطلوبه لكي تصبح له صلاحيات واسعه كوزيرا للشرطه . اهم هذه التعديلات هو ان يكون مسؤلا مباشرا عن قوة حرس الحدود التي تعمل في الضفه الغربية بعد ما كانت حتى الان تعمل تحت امرة الجيش الاسرائيلي.
أما فيما يتعلق بزعيم الصهيونية الدينية الفاشي سموترتش فقد حصل على ما يريد بعد تعديل كل ما طلب من قوانين . اهم ما حصل عليه هو تعيين وزيرا في وزارة الدفاع يكون مسؤلا عن منسق اعمال الحكومة و الادارة المدنية في الضفة الغربية بهدف الامساك بكل الخيوط التي لها علاقة بمنح تصاريح بناء للمستوطنين وفي المقابل تشديد الخناق على الفلسطينيين خاصه في المناطق المصنفة سي وكذلك كل ما يتعلق بحركة الفلسطينيين على الحواجز و المعابر الداخلية و الخارجية.
الأمر لم يقتصر على اجراء تعديلات على القانون الاساسي التي تمنح ارهابي عنصري مثل بن غفير صلاحيات واسعه على الشرطه كوزيرا للامن الوطني ، او تمنح ارهابي عنصري مثل سموترتش المسؤلية على الادارة المدنية في الضفة الغربية بل هناك عشرات الصفحات من الاتفاقات بين نتنياهو و شركائه في الحكومة الفاشية المقبلة ، بعضها يغير من معالم الدولة و من نظام الحكم و من منظومة العلاقة على اكثر من صعيد و اكثر من مستوى.
احدى بنود الاتفاق على سبيل المثال بين نتنياهو بن غفير بند ينص على التزام نتنياهو بإلغاء البند الذي يعرف بقانون العنصرية، الذي ينص على منع ترشح اي شخص يدعو الى العنصرية . هذا الامر اثار حفيظة حتى بعض اعضاء الليكود مثل دافيد بيتان الذي اعلن بشكل واضح انه سيصوت ضد تغيير هذا البند في حال تم عرضه للتصويت.
أما القانون الذي اثار حفيظة الجيش ، وخاصة رئيس الاركان كوخافي الذي طلب مقابلة نتنياهو على الفور لتوضيح مخاطر ما يتم تعديله من قانونين تتعلق بالجيش هو قانون تعيين الحاخام الاكبر للجيش . حيث حتى الان من يقوم بهذا التعيين هو وزير الجيش بالتنسيق و بتوصية من رئيس الاركان.
سموترتش ومن خلال اتفاقه مع نتنياهو انتزع هذه الصلاحية من الجيش ليصبح تعيين الحاخام الاكبر للجيش عبر لجنة من عدة جهات الجيش له عضو واحد فيها فقط . عمليا الصهيونية الدينية هي التي ستقرر من يكون الحاخام الاكبر للجيش اذا ما تم تمرير هذا القانون كما هو مقترح.
رئيس الأركان و معه وزير الحرب بيني غانتس و كل هيئة الأركان عبرت عن رفضها وحذرت من تداعيات هذه التغييرات على تماسك الجيس و صلاحياته و تسلسل القيادة سواء بانتزاع منصب منسق اعمال الحكومة او الحاخام الاكبر للجيش او منح بن غفير مسؤلية عن قوات حرس الحدود في الضفة .
نتنياهو الذي قدم كل هذه التنازلات لهؤلاء الفاشيين لكي يستطيع تشكيل حكومة تغير من معالم الدولة و تُفسّخ النسيج الاجتماعي و المناعه الوطنية لديهم يدرك مخاطر كل هذا على مستقبل اسرائيل وعلى الوضع في المناطق الفلسطينية و على وضع اسرائيل الدولى، لكنه ككل سياسي وضيع فضل مصلحته الشخصية على مصلحة الدولة.
ولانه يدرك ان كل ما فعله لا يرضي حتى اعضاء حزبه، حزب الليكود، لذلك حتي الان لم يعلن عن قائمة الوزراء من اعضاء الليكود اللذين سيحالفهم الحظ ويصبحون اعضاء في هذه الحكومة ، ترك هذا الامر حتى اخر لحظة حتى يضمن تمرير و تعديل كل القوانين التي يجب ان تعدل قبل التصويت على منح الثقة.
على اية حال، المعارضون لنتنياهو وسلوكه الاستسلامي للفاشيين و اليمين المتطرف لا ينتظرون تشكيل الحكومه و ترجمة كل ما تم تشريعه و تعديله من قانون الى امر واقع. هناك تحرك واسع عابر للاحزاب المعارضه لنتنياهو و حكومته من المتوقع ان تعبر عن معارضتها لما يجري من تغيير ، خاصه فيما يتعلق بالامن و القضاء.
لامر يشمل شخصيات اعتباريه اعلنت انها لن تقف مكتوفة الايدي مثل تسيفي ليفني و بوجى يعلون رئيس الاركان السابق بل سيشمل ايضا رؤساء اركان سابقين و جنرالات متقاعدين في الجيش وشخصيات عامه لها ثقلها في المجتمع الاسرائيلي.
اما على الصعيد الفلسطيني احد البنود التي وقع عليها نتنياهو لبن غفير هو التعهد بتغيير السياسة تجاه الاسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية لجهة مصادرة المزيد من حقوقهم وتضييق الخناق عليهم . هذا الامر لوحده بعيدا عن الممارسات الاخرى خاصة في القدس سيكون كفيلا بتفجير الاوضاع في وجه بن غفير و سموترتش و نتنياهو و حكومته .
ليس هناك ادنى شك ان هذه الحكومة الفاشية القادمة ستغير من قواعد اللعبة في كل ما يتعلق بالعلاقة مع الفلسطينيين لذلك لا يمكن للقيادة الفلسطينية و الفصائل الفلسطينية الاستمرار في نفس النهج و نفس السلوك. المجتمع الدولي مهم و دعم الاشقاء لا يقل اهمية ولكن ما فائدة ذلك اذا كنا نحن لا نساعد انفسنا و نستنزف كل طاقاتنا و امكانياتنا في صراعاتنا الداخليه .