قد يبدو المشهد مؤلما للبعض، أن يجد ساحتين لذات الانطلاقة الفتحاوية الثامنة والخمسين لحركة فتح في غزة، فالمشهد دون أدنى شك مؤلم للوهلة الأولى، إلا أنه وعن قرب سترى ما يسرك فيه وسيختبئ المراهنون على اندثار فتح في أقفاص خيبتهم مذعورين .
فتحاويو غزة انتفضوا عن بَكرة أبيهم يحتفلون بذكرى الانطلاقة، منهم مَن ذهب إلى أأرض الكتيبة، وهناك من ذهب للجندي المجهول وهناك الكثيرين ممن طافوا هنا وهناك .
في أرض الكتيبة كان هناك الكثيرين ممن أضاقت عليهم قيادة حركة فتح الخناق في أرزاقهم وحقوقهم، ومع ذلك ذهبوا للاحتفاء بفتح ولسان حالهم يقول لجلاديهم أن فتح أكبر منكم ، وان غزة التي تمنى رابين أن يستيقظ فجرا وقد ابتعلها البحر ، لا زالت شامخة لم يبتلعها البحر ولا الفقر ، وأن غزة التي قال عنها الشهيد ياسر عرفات أنها منبع الوطنية لا زالت هي ذاتها منبع الوطنية والوفاء لمسيرة فتح وثورتها ولدماء الشهداء ورصاص المقاومة وحجارة المواجهة .
جماهير غفيرة خرجت من أشبال وأطفال ونساء وشيوخ ومرضى الشؤون وغيرهم ممن تقطعت بهم السبل وضاقت بهم الدنيا، أطفال وأشبال لم يعرفوا عن فتح ونظامها الداخلي أو شعاراتها شيئا ، لكن ثمة ما يسري في عروقهم يستصرخهم ويشدهم لفتح ، كل اولئك ذهبوا ليلقنوا زمرة المتنفذين في قمرة القيادة درسا في الوفاء لمسيرة الختيار والشهداء .
في الجندي المجهول بجانب الكتيبة اعتلت نبرة الوفاء لحركة فتح، سدة المشهد وتزينت براية التحدي لسلسلة القرارات الجائرة التي اتخذتها قيادة المقاطعة بحق غزة عموما وفتحاويها بشكل خاص .
المشهد عن قرب أن المتواجدين في ساحة الجندي المجهول كانوا لسان حال الجماهير المتواجدة في كلا الميدانين ، كلاهما كان وفيا لفتح بطريقته الخاصة .
غزة يوم أمس السبت في ذكرى انطلاقة فتح، كانت أكثر جرأة في جدارتها بفتح، غزة هي ذاتها، غزة القوية بأهلها ووفائها ورسائلها سواء تلك التي نطق بها المتحدثون على منصات الحفل ، أو تلك التي نطقت بها عيون الآلاف الذين كانوا يحتشدون في الشوارع وعلى ألسنتهم عبارتهم الشهيرة ..
عاشت فتح .. تحيا فتح .
هناك من يقف الآن مندهشا متسائلا ..
كيف لهؤلاء أن لا يقنطوا بعد سيل العقوبات والفصل والخصومات والفصل والتجاهل والإقصاء ؟؟!!..
سؤال لن تجد إجابته سوى في أنها هي هكذا فتح ...
شاء من شاء وأبى من أبى.