بعدما فشل مجلس الأمن في إصدار بيان حول الجريمة الاقتحامية التي نفذها الإرهابي بن غفير للمسجد الأقصى يوم 3 يناير 2023، ومع غياب أي خطوة رادعه لها، فلسطينيا وعربيا، سارعت حكومة الفاشية اليهودية باتخاذ خمسة قرارات وصفتها بـ "الثمن الردعي" الأولي، سيليها ما هو أكثر كلفة وثمنا.
من بينها، قرصنة ما يقرب الـ(40) مليون دولار من المال الفلسطيني، ومنحه للفرق الاستيطانية الإرهابية في الضفة والقدس، وتجميد البناء في المنطقة (ج)، أي عمق التوسع في الضفة والتي تقارب 60% من مساحتها، ومطاردة المنظمات غير الحكومية – الأهلية، وهي خطوة تعتبر مستحدثة، بعد قرارت ضد عدد منها في زمن حكومة "الثلاثي ونصف" بقيادة بينيت – لابيد، ووقف البطاقات الهامة، التي تمنح وفق الاتفاق المغتال لشخصيات لتسهيل الحركة، عن الفريق الخاص بمتابعة ملف تنفيذ قرار الأمم المتحدة حول "ماهية الاحتلال" لدى محكمة العدل الدولية.
ملخص القرارات أنها بداية لما سيكون من ضم وتهويد، ومسارعة الخطى لترسيخ الوجود الاستيطاني، واستخدام المال الفلسطيني لدعم نشاطاتهم الإرهابية، دون أي اهتمام لكل ما صدر عن الرسمية الفلسطينية، بل تركتها تصدر صراخا في واد عميق لن يسمع حتى صداه، ومضت في سبيل تطبيق خطوط مشروعها الذي أعلنته، قبل أيام، فلا وقت للجدل والكلام.
وكان لافتا جدا، ان تقوم حكومة الفاشية اليهودية، بخطوة "ذكية" عندما قررت التمييز في سحب البطاقات الهامة من "فريق متابعة قرار الشرعية الدولية"، دون سواهم، ولم تقترب أبدا من فريق "التنسيق العام" او مركزية حركة فتح، كي لا تحدث "ضجة" تنعكس رد فعل من قيادة الحركة التي تتحكم في مفاصل قرارات التنفيذية والسلطة الرسمية.
مفارقة التمييز بين مركزية فتح وغيرها، بعدم المساس بما لها "امتيازا"، وكذا "فريق التنسيق العام" مع دولة الكيان العنصري، مدني وأمني، تمثل صفعة خاصة، وترهيب مركز على جزء من مسؤولي العمل، في خطوة استباق "حربها العامة" باختيار شخصيات خارج الحماية الشعبية، وتقيس رد فعل "الرسمية الفلسطينية" عليها.
الصمت، والاستمرار في سياسة البكاء والشكوى، والقبول العملي بالقرارات سيكون أول خطوة تشجيعية لما سيكون، خاصة بعدما كشفت وسائل إعلام عبرية، ان حكومة نتنياهو أبلغت "السلطة" بقرارتها قبل الإعلان وذلك لحصر "رد الفعل" منها وعليها، وتلك "إهانة مضافة".
وكي لا نذهب بعيدا في "التمني السياسي" من الرسمية الفلسطينية، ونكرر الطلب بتنفيذ ما قاله الرئيس محمود عباس في خطابه سبتمبر 2022، او بعض من قرارات تعيد نشرها في كل لقاء او اجتماع، ولا تكف يوميا عن التهديد بالذهاب لتنفيذها، ولرفع الحرج عن عدم قدرتها تنفيذ أي منها، لغياب "القدرة الذاتية" لتحمل ما سيكون ردا من العدو، وخاصة أنهم "تكيفوا" مع البقاء ضمن دائرة "الشكاوى" وليس أكثر.
الطلب الجديد، لن يكلف ثمنا ولا رد فعل من قبل الحكومة الفاشية، يكون بدعوة أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير والوزراء وأعضاء مركزية فتح وقيادات فصائلية، ووكلاء الوزارات ورؤساء الأجهزة الأمنية، ومستشاري الرئيس عباس، وكل من يحمل بطاقة خاصة للتجمع في ساحة المقر الرئاسي العام، أو جوار ضريح الخالد ياسر عرفات، وحرق البطاقات جميعها، كرد عملي على سياسة التمييز "الفئوية"، منعا للاستفراد بفريق متابعة ملف "محكمة العدل الدولية".
خطوة رمزية تعبيرية قد يفوق صداها وأثرها كل ما صدر من بيانات الرسمية خلال 5 سنوات، وستترك أثرها عند أبناء فلسطين وستمنحهم أملا وتفاؤلا، بأن "أولي الأمر منهم" لن يتركوا العدو الاستفراد بهذا وذاك وفقا لتصنيف الفاشيين الجدد، أو بالأدق وفقا لاتهامهم.
وكي لا نحرج الرسمية الفلسطينية مع الإدارة الأمريكية، التي لا تحسب حسابا بعد الكيان لغيرها، لا ضرورة لوقف التنسيق الأمني، بل يشترطوا أن تتم في مقرات السلطة ذاتها، ومع كل وفد قادم يتم تحضير مظاهرة شعبية لـ "استقبالهم" و"توديعهم"، كمظهر تلاحمي بين الناس والسلطة.
خطوة لا يوجد بها ما يثير غضب أحدا، بل على العكس سيخرج أهل فلسطين تأييدا ربما يفوق كل ما كان لهم منذ 2005، تأييد عام وليس خاص، على خطوة احترام الذات الوطنية، بأن "البطاقات" لا أهمية لها في حسابات ميزان الكرامة الوطنية...خطوة تصفع المحتلين الغزاة وتربك جهازهم التنسيقي الذي لن يتجرأ الحضور الى أرض السلطة وسط الوجود الشعبي.
حرق البطاقات غير الهامة وطنيا أمام ضريح الخالد، خطوة تكسر "صندوق البلادة السياسية" المستمر مع كل فعل من العدو القومي، دون "تدفيع الثمن" لما يفعلون "تهويدا وتورنة" وخطفا لبقايا وطن.