الداخل المحتل: قال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، الأسير المحرر كريم يونس، إن إضراب سجن نفحة الذي قاده شيخ المناضلين أبو علي شاهين عام 1980، وضع قضية الأسرى على الخارطة.
وعرج يونس خلال لفاء تلفزيوني، على الأوضاع داخل سجون الاحتلال بعد اعتقاله مطلع ثمانينيات القرن الماضي، مؤكدا أن زنازين الأسرى لم تكن تحتوي على أسرة لكي يناموا عليها".
وأضاف، "كان يتم إجبار الأسرى على الدخول إلى زنزانات مغلقة من الأسمنت، ولا تحتوى على شبابيك، وكانت تشبه علب السردين".
وأوضح يونس، أن إضراب سجن نفحة بقيادة شيخ المناضلين أبو علي شاهين غير من الأوضاع داخل السجون، مردفا، "من بعده انكشفت قضية الأسرى على المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام المحلية والعالمية، وشعر العالم أن هناك أسرى فلسطينيين".
وأشار إلى أن الأسرى بعد الإضراب اكنشفوا أن بيدهم سلاح لا من أجل الدفاع عن أنفسهم فقط، إنما من أجل تحقيق الإنجاز تلو الإنجاز".
وبين يونس، أن كل "الإنجازات التي حققت فيما بعد جاءت بالدم والدموع والمعاناة والجوع، وأحيانا كان يسقط شهداء".
يذكر أن إضراب نفحة استمر لمدة (32) يوماً، ومن المعلوم أن سجن نفحة الصحراوي تم افتتاحه في 1 مايو 1980، وكان يتسع لحوالي مائة أسير، وقد هدفت سلطات الاحتلال من تشغيله عزل الكادر التنظيمي عن الحركة الأسيرة، التي تمكنت من بناء نفسها والنهوض بواقع الأسرى خصوصاً في سجني عسقلان وبئر السبع المركزي.
وقد تم تجميع الأسرى البارزين في سجن نفحة في ظروف قاسية للغاية، من حيث الطعام الفاسد والمليء بالأتربة. وتم الزج بأعداد كبيرة من الأسرى في كل غرفة، وقد كانت غرف المعتقل تفتقد إلى الهواء، حيث الأبواب محكمة الإغلاق وفتحات التهوية صغيرة. وقامت سلطات السجون كذلك بحرمان الأسرى من أدوات القرطاسية، وسمحت لهم بساعة واحدة فقط في اليوم من أجل الفورة في ساحة السجن إضافة إلى المعاملة السيئة.
لهذه الأسباب عزم الأسرى في معتقل نفحة الصحراوي على الإضراب عن الطعام بعد التنسيق مع معتقلي سجني عسقلان وبئر السبع، حيث بدأ الإضراب في 14 تموز (يوليو) 1980، وقد تمت مهاجمة المضربين بقسوة وعنف من قبل سلطات السجن، لكن الأسرى استمروا في الإضراب فاستعملت إدارة السجن أسلوب الإطعام القسري وخراطيم بلاستيكية تدفع إلى معدة الأسير من خلال فتحة الأنف.
إثر ذلك تم نقل دفعة من الأسرى ممن ساءت حالتهم الصحية إلى سجن نيتسان في الرملة، وتعرضت هذه الدفعة للتنكيل الشديد حيث قضى الأسير راسم حلاوة يوم 21 يوليو، والأسير علي الجعفري وكاد يلحق به الأسير إسحق مراغة لولا وجود المحامية ليئا تسيمل في مستشفى السجن، ولاحقا توفي الأسير إسحق ، بعد سنتين من ذلك متأثرًا بما أصابه. وقد قضى أيضًا خلال هذا الإضراب الأسير أنيس دولة.
بعد وفاة هؤلاء الأسرى التحقت السجون الأخرى بالإضراب الذي تواصل لمدة 33 يوماً، ورافق هذا الإضراب حملة عنيفة من قبل إدارة مصلحة السجون بإشراف وزير الداخلية السلطات الاحتلالي آنذاك يوسف بورغ، وتم نقل قسم من المضربين من سجن نفحة إلى سجن الرملة، ويعتبر هذا الإضراب الأشرس والأكثر عنفاً.
ومع تواصل الإضراب تم تشكيل لجنة "كيت" من قبل سلطات الاحتلال والتي بحثت في ظروف اعتقالهم، خاصة في معتقل نفحة، فأوصت بإدخال الأسرّة وتوسيع مساحات الغرف والساحات ورفع الصاج عن السقف العلوي من الباب، بحيث يستبدل بالشبك، وسارت الأمور في تحسن مستمر حيث تم تقليص العدد في الغرف وإدخال ألبومات الصور ومواد القرطاسية على زيارة الأهل، وتم تركيب الأسرّة في كل السجون بالتدريج.
وقد حظي هذا الإضراب بتغطية إعلامية واسعة خاصة بعد وفاة الأسرى، كما حظي بحركة تضامنية وإسناد شعبي واسع من قبل ذوي الأسرى ومناصريهم، وقد أحدث هذا الإضراب نقلة نوعية في شروط حياة الأسرى في سجون الاحتلال وإن لم تكن كافية.