أدركت حكومة الكيان العنصري سريعا، ان "الرسمية الفلسطينية" استوعبت بهدوء عملي وصراخ كلامي ضربتها الخاطفة، التي وجهتها من خلال قراراتها الخمسة، بوقف 40 مليون دولار وبداية الإعلان بضم المنطقة (ج) ومستوطنات الضفة ومعاقبة الفريق المتابع لملف "العدل الدولية".
لا رد فعل الرسمية الفلسطينية، وعدم وجود أي ملمح بذلك، شجع الحكومة الفاشية الى اتخاذ قرار عقابي جديد ضد 3 شخصيات مركزية في حركة فتح، بينها رئيس الشرعية الفلسطينية العامة، رئيس المجلس الوطني روحي فتوح، بعد زيارة القيادي كريم يونس تهنئة وترحيبا واحتضانا برؤيته شمس الحرية، بعد 40 عاما من ظلام السجن، قاهرا الإرهابيين بروح قتالية نادرة، بعد خروجه وحديثه الانتمائي الذي أصاب جلاديه بقهر مضاعف، حديث متتالي تأكيد لصوابية الخيار الأول الذي اختاره.
سرعة القرار ومضمونه، يكشف أن القادم لن يكون مريحا أبدا، وأن تعامل الرسمية الفلسطينية "المؤدب" مع تلك القرارات، سيكون قوة دفع لمضاعفة عمليات تنفيذ "تهويد القدس والضفة"، تحت بند أنها "أرض إسرائيل"، والبحث جار كيفية منح "سكانها" حقوق غير انتخابية وغير سياسية، وفق ما أعلنه مندوب الكيان الإرهابي الإسرائيلي في تصريحات علنية، وكذا أحد قادة الليكود دانون في لقاء مع فضائية ناطقة بالعربية يوم 5 يناير 2023، منحته وقتا ليشرح للمنطقة من محيطها الى خليجها كيفية تهويد أرض فلسطين لتصبح "أرض إسرائيل".
بيان وزير جيش الكيان العدو غالانت، والإجراء المتخذ فقط بسبب زيارة، هي رسالة مباشرة وواضحة، ان كل فعل "غير مرغوب به" إسرائيليا سيتم الرد عليه فورا دون تأخير أو مناقشة، وكأن خطة العقاب العامة تم وضعها كتفاصيل وليس خطوط عريضة، ما قبل الفوز من قبل تكتل نتنياهو.
خطوة التعامل مع رئيس الشرعية الفلسطينية "المجلس الوطني"، تعكس أن حكومة نتنياهو لم تعد تقيم وزنا لأي مؤسسة رسمية شرعية فلسطينية، وبالتالي لن يكون مستبعدا أبدا تقييد حركة كل من ترى به "شخصية مزعجة" لمخططها، بما فيهم الرئيس محمود عباس لو قام بفعل إزعاجي، ولعل الاستثناء سيكون لمسؤولي التنسيق الأمني فقط، للفائدة الكبرى التي تجنيها من جراء ذلك.
استمرار سلوك "الرسمية الفلسطينية" الناعم والبحث عن الإدارة الأمريكية لحمايتها من "بطش نتنياهو" وحكومته، سيؤدي قريبا الى تغيير جوهري في شكل التنسيق المدني وطبيعته، ليصبح جزءا من "الإدارة المدنية" تحت صلاحية الإرهابي سموتريتش، كما كان سابقا لتوقيع اتفاق إعلان المبادئ (أوسلو) عام 1993 وما تلاه، وقيام السلطة الوطنية التي ألغت المؤسسات الاحتلالية.
وفقا لاتفاقات التحالف، بات سموتريتش بصفته وزيرا في وزارة الجيش المسؤول المباشر عن الضفة، فيما يتعلق بالشؤون المدنية، وحسب خطته المعلنة ما قبل التعيين وما أكده بعدها، فهو سيعرض على الفلسطينيين العيش تحت "السيادة الصهيونية بصفتهم سكان وليسوا مواطنين، وأن يديروا حياتهم اليومية، من خلال إدارات محلية بدون أي مظاهر قومية، وأن يمكنّوا من إجراء انتخابات ديموقراطية في هذه المناطق، وهي (الخليل وبيت لحم ورام الله وأريحا ونابلس وجنين)، وحسب ادعائه فإن هذا التقسيم يناسب الثقافة المحلية العشائرية والمناطقية للعرب، وهذا يضمن الهدوء الداخلي والانتعاش الاقتصادي لديهم".
فالسلام والاستقرار وفقا لخطة "سموتريتش"، يمكن أن يتحققا فقط من خلال "تفكيك السلطة الفلسطينية، وفرض السيادة الصهيونية على الضفة الغربية، وزيادة عدد المستوطنات في الضفة الغربية وتشجيع مئات آلاف اليهود للهجرة والسكن هناك".
ما قبل الانتخابات استخف الكثير من أهل فلسطين بتلك الخطة المنشورة منذ عام 2017، ولكنهم سيرونها واقعا عمليا يتم تنفيذه بالتدريج المتسارع، لو لم يجد فعلا يزيد أضعافا كي يتم عرقلة المخطط التهويدي العام، وتحويل الفلسطينيين الى سكان "محميات" في الضفة الغربية والقدس.
خطوط "التحالف الفاشي الرباعي" الحاكم في تل أبيب، انتقلت سريعا لتصبح واقعا، بعدما تم قياس الفعل الفلسطيني بعد اقتحام الإرهابي بن غفير للمسجد الأقصى، بنتيجة صفر فعل، محليا ودوليا، وفشل مجلس الأمن بإصدار بيان معنوي يرفض الاقتحام، كما رد فعل صفري بعد "القرارات الخمس العقابية".
دخول "خطة سموتريتش" للتنفيذ ستشهد تسارعا واتساعا، ما لم تدرك "الرسمية الفلسطينية" أن "إدارة الخد بعد كل لطمة" "وصبرا آل ياسر" لن تكون حاميا لها أبدا مما هو قادم...!