يبدو أن "البعض" الفلسطيني سريعا أزال مآثر حكومة "الثلاثي ونصف" بقيادة بينيت ولابيد ضد المشروع الوطني، ومخططهم المتسارع في التهويد والإرهاب، وأنها الحكومة الأكثر اعداما للفلسطينيين خلال عام في الضفة والقدس، وهي من وضع قاعدة إدارة الظهر كليا للعلاقة السياسية مع الرسمية الفلسطينية، وهي وليس غيرها من تعامل مع الرئيس محمود عباس ليس بصفته التمثيلية العامة، بل بمكانته رئيس جهاز التنسيق الأمني، وحددت قناته فقط عبر وزير جيش الكيان غانتس.
وسريعا أرسل يائير لابيد رسالة تنشيط ذاكرة ذلك البعض، بمواقفه العنصرية العدائية، عندما كان أحد رؤوس حربة تمرير مشروع ما يسمى بـ "قانون المواطنة" في الكنيست، بما يجيز لحكومة الكيان، "سحب الجنسية أو الإقامة من أسرى القدس والداخل 45، ممن يثبت تلقيهم أي أموال من السلطة الفلسطينية" أو قيامهم بأعمال مقاومة ضد العدو المحتل.
مشروع القانون، هو الأول الذي توحدت حوله ما تدعي أنها "معارضة" للحكومة الفاشية" برئاسة نتنياهو، لتؤكد بأننا أمام كيان باتت كراهية الفلسطيني واحتلال أرضه، ومصادرة هويته، هو "القاسم المشترك الوحيد" بينهم، وأن كل الفوارق تسقط مع أي رصاصة يطلقها فاشي محتل ضد فلسطيني أينما كان داخل الوطن التاريخي أو خارجه، فقتل الفلسطيني أصبح جزء من "العقيدة السياسية اليهودية" المعاصرة، وكل ما هو غير ذلك من "اليهود" أصبح لهم "شاذا" يستحق المحاكمة.
قراءة التصويت خلال مناقشة "قانون المواطنة" يجب أن يكون درسا سياسيا - فكريا للتطورات التي أصابت عصب دولة الكيان، وأن زمن 1993 -1995 انتهى الى غير رجعة لزمن بعيد، وعودته ترتبط بحرب شاملة تلحق هزيمة حقيقية وجذرية بالبناء القائم في الكيان، كونها "دولة عدو" ليس للفلسطيني في حدود أرض دولة فلسطين واحتلالها لها، بل للفلسطيني حيثما هو، وخاصة ذلك الجزء الذي ارتبط بالبقاء فوق أرض فلسطين التاريخية.
العداء للفلسطينية، لم يعد مقتصرا على حدود أرض 1967، بل باتت درجة الكراهية والعنصرية جزءا مكونا للكيان، بعد إقرار ما اسموه في زمن سابق بـ "يهودية الدولة"، الى أخر نسخ التشريعات العنصرية ما يسمى "قانون المواطنة"، لنقف أمام حدث نادر في التاريخ السياسي.
الحدث التشريعي يكمل مسلسل قوانين "العنصرية والكراهية والتطهير العرقي" التي باتت جزء من "الثقافة اليهودية السائدة" في دولة الكيان، ما يفرض على الرسمية الفلسطينية ألا تقف محايدة أبدا على ما حدث يوم 11 يناير، من تشريع يمهد لما هو قادم، في القدس وخاصة الشيخ جراح وسلوان، الهدف المركزي المباشر للفاشية اليهودية ورأسها بن غفير – نتنياهو.
ربط القدس بمشروع القانون، يضع في مقدمة أهدافه تنفيذ مخطط التهويد والتطهير العرقي في أحياء القدس العربية، والتي اعتبرتها حكومة نتنياهو، كما حكومة لابيد هدفا مركزيا لتعزيز تهويد المدينة ومحاصرة حرم المسجد الأقصى، وسيصبح ما ستنفذه قادما جزء من "تطبيق القانون".
مرور "التشريع التهويدي" باسم مستعار يسمى" قانون المواطنة" هو خطر سياسي كبير على الهوية الفلسطينية للقدس بأهلها وأحيائها العربية، ما يفترض حراكا فلسطينيا سريعا، لمواجهة ذلك والعمل بكل السبل المتاحة كي لا يمر في قراءة نهائية، وأما الصمت وانتظار الولايات المتحدة للنجدة، سيكون موضوعيا عنصر تثبيت مشروع "القانون"، فلم يقر ذلك بعيدا عن موافقة إدارة بايدن.
صمت "الرئاسة الفلسطينية" وحكومتها المنشغلة بكثير من التهديدات التي لا تخرج عن حدود مقرها في رام الله، أو من أعضاء "تنفيذية منظمة التحرير"، كثيري الكلام غائبي الفعل، عن الرد المباشر على عنصرية تشريع "التطهير العرقي" رسالة ضعف، ما يشجع "وحدة الفاشيين" في الكيان، حكما ومعارضة، ولعل تصريح رئيس المجلس الوطني روحي فتوح كان "منفردا" وصائبا بتحديد مخاطر القانون القادم.
لم يعد معروفا ما الذي يمكن أن يحرك "بلادة" الرسمية الفلسطينية، بصفتها التمثيلية للشعب الفلسطيني، تجاه قاطرة التطورات المتسارعة جدا لفرض "يهودية الهوية" على أرض دولة فلسطين، والتي وصفتها حكومة نتنياهو، ومن منصة الأمم المتحدة بأنها "أرض إسرائيل".
العجر السياسي لم يعد مجهولا أبدا، فهو السمة الوحيدة التي أصبحت تطبع "الممثل الشرعي"، والذي يتجه وسريعا جدا، وبقرار من دولة الكيان لئلا يبقى "وحيدا"، حيث البديل يقفز بسرعة لتقديم ذاته بأشكال متعددة ومختلفة، في ظل تخاذل المواجهة الوطنية للمشروع المعادي.
الاستخفاف بخطر تعاون وتكامل مشروع "طرفي التهويد والبديل"، وعدم الذهاب الى كسر "معادلة السكون" والاتكال على "الحائط الأمريكي"، هو القطار السريع لفرض المشروع المعادي بطرفيه التهويدي والاستبدالي.
غياب المواجهة الوطنية الشاملة واستمرار "الجبن السياسي" بعدم الذهاب لتنفيذ قرارات فك الارتباط بدولة الكيان العنصري، وإعلان دولة فلسطين تحت الاحتلال وسحب الاعتراف المتبادل، سيكون زمن الممثل الفلسطيني الشرعي الوحيد بات "كادوكا".