الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب له عبارة شهيرة (اين دكتاتوري المفضل) وكان ساعة إذ يسأل عن أحد الزعماء العرب أثناء انتظاره في أحد فنادق مدينة بيارتيز الفرنسية، قبيل لقاء جمعهما على هامش قمة مجموعة السبع. وإن كان قد قالها مازحا كما فسر البعض، لكنها تحققت هذه العبارة على ارض الواقع، وقد عبر عن هذا سفير الولايات المتحدة لدى الاحتلال الصهيوني توم نايدس الذي قال "، إن بلاده لا تقاطع الوزير إيتمار بن غفير بل تعمل مع الحكومة التي انتُخبت بصورة ديمقراطية، وعبر عنها الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي كان يحذر ويتوعد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وفي النهاية ذهب إليه في الرياض وجلس معه وتحاور وتشاور وتشارك معه في ملفات كثيرة، ما يحكم الدكتاتور الأمريكي الأكبر هو المصالح الأمريكية على حساب الشعوب المستضعفة والتي يحكمها زعماء ديكتاتوريين، وامريكا التي تدعي انها واحة للديمقراطية تدعم الدكتاتوريين وتغذي هذه الظاهرة وتنميها لأنها تخدم مصالح أمريكا، وتعمل على زيادة نفوذها وسيطرتها على السياسات والثروات، والمقدرات، الأكاديمي توماس هومر-ديكسون الباحث في معهد كاسكيد بجامعة رويال رودز، حذر فيه من انهيار الديمقراطية الأمريكية وتحولها بحلول 2030 إلى ديكتاتورية يمينية متطرفة. وتنبأ الكاتب بانهيار الديمقراطية الأمريكية بحلول عام 2025 بشكل سيؤدي إلى العنف المدني، وبحلول عام 2030، إن لم يكن قبل ذلك، ستحكم البلاد ديكتاتورية يمينية متطرفة. وأضاف أنه يجب علينا عدم تجاهل هذه الاحتمالات لكونها سخيفة أو من الصعب تخيلها، فأمريكا تمضي في نفس الطريق الذي تمضي به "إسرائيل" الان، الطريق الذي اوصلها إلى ان تقود الصهيونية الدينية الحكومة الجديدة بدكتاتورية عالية وبمنطق الفاشية التي تحمل بذورها امريكا.
السياسة الديكتاتورية الأمريكية "المحمودة" هي التي تسمح لايتمار بن غفير ان يخرج ليتحدث صراحة عن نواياه في المسجد الأقصى، وعن نواياه تجاه الاسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال ويتحدث عن منع "الفوره والكانتينا" عنهم، وعن سياسة التهويد التي يمنع من خلالها رفع العلم الفلسطيني في القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48م، والديكتاتورية الأمريكية المحمودة هي التي تمنح سموتريتش الحق في الحديث عن طرد السلطة من الضفة المحتلة، وإخلاء الخان الأحمر والأغوار الشمالية من الفلسطينيين لتهويدها بالكامل، وعن تطبيق الوعود التوراتية المزعومة خلال الفترة المقبلة لتحقيق الوعود التي قطعها على نفسه تجاه الناخب الإسرائيلي، والديكتاتورية الأمريكية المحمودة هي التي جعلت بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الصهيونية المتطرفة يتوعد السلطة بإجراءات غير مسبوقة ضدها لأنها توجهت لمحكمة العدل الدولية في لاهاي التي ستبت في القضية القانونية للاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية" وقرر نتنياهو أنه من بين الإجراءات، اقتطاع حوالي 139 مليون شيكل من أموال السلطة لصالح عائلات المستوطنين، والبدء الفوري بسحب ما يوازي مدفوعات السلطة للأسرى الفلسطينيين وعائلاتهم، وتجميد خطط البناء الفلسطينية في المنطقة C، وغيرها من الإجراءات التي تقابلها الإدارة الأمريكية ببرود شديد يصل إلى حد التواطؤ مع السياسة الإسرائيلية وممارسة المزيد من الضغط على السلطة من خلال تجفيف منابع التمويل المالي لها، والتخلي عن الالتزامات السياسة العربية المتخذة خلال قمة الجزائر مؤخرا لنصرة القضية الفلسطينية بضغوط واضحة من الإدارة الأمريكية على الدول العربية، والتشجيع الأمريكي للزعماء العرب على التطبيع مع "إسرائيل" والتحالف معها استراتيجيا.
الديكتاتورية الأمريكية المحمودة تلك التي رأيناها في التعامل مع المهاجرين الأوكرانيين أصحاب العيون الزرقاء والذين يعاملون معاملة الأسياد، والمهاجرين العرب والأفارقة الذين يعاملون معاملة العبيد، ويكون مصيرهم الموت فوق أمواج البحار، وقبورهم في أحشاء أسماك القرش، ويتم إغراق المراكب التي تقلهم بشكل متعمد في عرض البحر، فانت كعربي ليس من حقك ان تعيش، وان بلاد الغرب لا تتسع لمثالكم، وانتم اقل من ان تنعمون بالعيش بسلام فوق الاراضي الغربية، الديكتاتورية الأمريكية المحمودة هي التي تعطي لإسرائيل الحق في قتل الفلسطيني وتركه ينزف لساعات دون ان يتلقى العلاج حتى يلفظ أنفاسه الأخيرة، وهى التي تجيز بموجبها مصلحة السجون الصهيونية لنفسها حق احتجاز جثمان اسير فلسطيني امضى عشرات السنين في سجون الاحتلال الصهيوني إلى ان استشهد داخل السجن، وترفض إدارة مصلحة السجون تسليم جثمانه إلى اهله وذويه لاستكمال عقابه حتى وهو ميت، والديكتاتورية الأمريكية المحمودة هي التي تمنح الاحتلال الضوء الأخضر لكي يقتل الفلسطينيين بلا هوادة، ويقصف بيوت المدنيين الأمنين، ويستبيح الدماء والاعراض وينتهك حرمة المقدسات، ويفرض حصارا على قطاع غزة منذ خمسة عشر عاما، ويحرم أكثر من 2 مليون فلسطيني في القطاع من حقهم في العلاج والتعليم والعمل، وحقهم في الكهرباء والمياه الصالحة للاستعمال الآدمي، وحقهم في التواصل مع العالم الخارجي، إنها الديكتاتورية الأمريكية المحمودة، والتي تختصرها امريكا فقط بأنها يجب ألا تتعارض مع مصالح أمريكا، وحفظ سيادتها وسطوتها وتحكمها في البلاد بالطريقة التي رسمتها لنفسها، والتي تعطيها المساحة الكافية للتحكم في تفاصيل حياتنا اليومية وفي ثقافتنا وتاريخنا وثرواتنا حتى لا نوصم "بالإرهاب".