من فرح وابتهج في إسرائيل عندما منح ترامب في صفقته القدس للاحتلال الإسرائيلي دون حق وكنت أقول من فرح منهم هو مخطئ ومضلل رغم الإحساس بالنصر الفالسو حين صنع ترامب لهم جميلا مضللا وخادعا في صفقته باعتبار القدس الموحدة عاصمة لإسرائيل ولا أدري إن كانت شعبوية ترامب فقط هي الخادعة لهم وهي من قربت نهاية دولة إسرائيل أم هي القشة التي قسمت ظهر البعير، حيث أصبح من غير الممكن التعايش مع هكذا صلف واجحاف غير محدود وخروج عن طبيعة المنطق ومسيرة الأمم والشعوب وكأن ما يزيد عن اثنى عشر مليون فلسطيني هو سراب غير مرئي عن البصر والبصيرة الإسرائيلية، او على أقل تقدير أصبح مصير هؤلاء الفلسطينيون العرب على المحك بعد أن كان بمقدور إسرائيل التعايش مع المنطقة العربية ومع الفلسطينيين على قاعدة حل الدولتين بانسحاب إسرائيل من الأرض الفلسطينية التي احتلتها في حرب حزيران 1967م وفي مقدمتها القدس الشرقية والمسجد الأقصى عاصمة دولة فلسطين.
بعد تنفيذ إسرائيل بنود صفقة ترامب من جانب واحد ودون أي موافقة من الفلسطينيين والعرب ودول العالم أجمع بدا أن اليمين المتطرف واليمين الديني ينخبل ويجن ويخرج عن إدراك الواقع وفهم التاريخ والجغرافية وتجارب الشعوب وتوهموا وأوهموا شعبهم أيضا أن قرارات ترامب الشعبوية هي نهاية التاريخ، وان فلسطين باتت لهم وان الفلسطينيين والعرب والعالم غير موجود في وعيهم، وعاشت تلك الدولة خمس سنوات في اليوتوبيا تتقلب في ثلاث انتخابات لم تعرف كيف تشكل حكومة وكأن زلزال خدعة ترامب قد ضرب نظامها السياسي وتلاه المجتمع، ليحط ركام هذا الزلزال الأيفوري ركامه في حضن غلاة المتطرفين أمثال نتنياهو وبن غفير وسيموتيرتش وغيرهم حتى وصلت بهم السكرة المتطرفة باتهام زملائهم الآخرين من اليسار ويسار الوسط والوسط ويمين الوسط بالخيانة لمجرد تحذيرهم من سياسييها المجانين الجدد الذين قادهم بن غفير الذي أزال حجر الأساس لدولة إسرائيل الذي قام على تنوع الفكر والعلمانية التي رفضها زعمائهم الأوائل الذين بنوا دولة إسرائيل، وبدأ الإرهاب الديني يلف المجتمع الإسرائيلي ليتنصل ممن بنوا له الدولة ومن أفكارهم لدرجة أنه لم يمنح حزب العمل الإسرائيلي ولو مقعدا واحدا في الكنيسيت وهذا مؤشر كبير على غلو المجتمع الإسرائيلي الحالي في تحوله نحو أقصى درجات التطرف.
هذا التطرف اليميني وقادته تصوروها فرصة لتنفيذ برامجهم دون إدراك محنة اليهود الدائمة مع من عاشوا ببنهم سابقا وخاصة الغرب الذي قتلهم وطردهم وأنشأ لهم دولة على حساب شعب آخر، ولم يدركوا بان من صنعوهم هم الآن الذين ينهونهم بخداعهم وأن طمع اليمين المتطرف لم يألوا جهدا في انتهاز كل فرصة لطرد الفلسطينيين، وتلك قمة عدم إدراك أن الأيام دول وأن أصحاب الأرض لا ينسون أرضهم مهما طال الوقت، وكان حري بهم ان تبحثوا هم عن حل يرضي الشعب الفلسطيني ليبقوا في المنطقة بسلام لم يعيشونه في الغرب بل هم يواصلون كل ما هو محفز لرفضهم من العرب ويزرع عوامل الانهيار حتى في مجتمعهم لتغدوا دولتهم ومصيرهم على المحك وأن ترامب قد خدعهم بشعبويته وها هم في طريقهم لتعنيف الصراع مع العرب والفلسطينيين من جديد وانهيار مجتمعهم داخليا وها هم ينفذون سياسة الارض المحروقة على الفلسطينيين ومن حول دولتهم جغرافيا دون شعور بالدنيا من حولهم ودون تذكر كيف كانوا في محن الماضي وكوارثه ..
الواقع يفرض منطقيا أن نخاطب ونلفت نظر الشعب الإسرائيلي بأنهم يدخلون أنفسهم ويدخلون المنطقة بمجملها في نفق مظلم بجنونهم وبعنجهيتهم التي أصبحت تشكل أكبر الأخطار عليهم وعلى مستقبلهم في المنطقة وليس بهذه العنجهية وغطرسة القوة تبنى وتستمر الدول والأمم حتى لو مر عليها قرون وان حالة التعايش بسلام لشعبهم ودولتهم ستهتز طويلا وقد كان لهم فرصة من التعايش بسلام مع الفلسطينيين والعرب في المنطقة بحلول عادلة لا تجحف بحقوق ومستقبل الشعب الفلسطيني، وليس كما يفعلون الآن فعلى ما يبدو أنهم أي الشعب الإسرائيلي لم يفهموا ماهية الصراع ولم يحسنوا إدارته وليس لديهم حكماء يحفظون مستقبلهم بغير القوة الغاشمة التي تتغير موازينها على الدوام.
عودوا عن هذا الطريق فهو سيطيح بدولتكم في زمن ما، يقرب أو يبتعد، لكنه سيأتي بسبب صلفكم وعدم فهم طبيعة الأشياء وحركة الشعوب، واحذروا هذا الطريق لو أردتم استمرار العيش في وطننا العربي وراجعوا ما تفعلون فهذا لن يحقق سلام بالمطلق واقرأوا تاريخكم بشكل خاص وتاريخ الدول بشكل عام فتاريخكم وتاريخ الدول مليء بالعبر فالظلم والظلام لا يبنيان دولا ولا يُحلان سلاما.