ما يعرف بوزير الأمن القومي لدولة الكيان، المتطرف ايتمار بن غفير، في إطار حربه وعقوباته الشاملة التي يشنها على شعبنا الفلسطيني وقواه ومؤسساته وقياداته، بدأ حملة مطاردة لرفع العلم الفلسطيني، من خلال سن قوانين وتشريعات تمنع رفعه، في الأماكن العامة والأنشطة والفعاليات والمسيرات والمظاهرات الاحتجاجية، وفي وداع الشهداء واستقبال الأسرى المحررين.
هذا المتطرف لم يدر في خلده ،والذي يبدو بأنه تغيب عنه حقائق التاريخ والجغرافيا، بأن الثورة و المقاومة الفلسطينية، على مدار انطلاقتها شكلت أنموذج وقوة مثل للكثير من حركات التحرر العالمية، والتي كانت ترى في تلك الثورة و المقاومة، النموذج الذي يحتذى في التحرر من نير الاحتلال والاستعمار، وبالتالي كانت دوماً في كل أنشطتها وفعالياتها ترفع العلم الفلسطيني، فهو رمز للكفاح والنضال والمواجهة ونصرة المظلومين....وقضية علم فلسطين، هي قضية عابرة للجغرافيا والحدود ...وقيام جنود وجيش الكيان المدججين بالسلاح بملاحقة ومطاردة اطفال وشبان فلسطينيين على خلفية رفعهم للعلم الفلسطيني، وإن نجحوا في انتزاعه ومصادرته، ولكن لا يمكن نزعه من القلوب، فهو يعبر عن هوية ونضال وانتماء، ولذلك قضية رفعه ،أبعد من كونه شعار دولة، بل عملية الرفع تكتسب قيمة ومعنى سياسي.
بن غفير وغيره من المتطرفين، يرون في علم فلسطين واستمرار رفعه والتمسك به، نقيض لوجودهم وبقاءهم، وهم في هذه المرحلة، رغم كل فائض من يملكونه من قوة عسكرية، يستخدمونها في القمع والتنكيل والبطش بالشعب الفلسطيني، والسعي لتغيبه وشطب حقوقه وهويته وقضيته، ولكن رغم كل ذلك يشعرون بأن هناك خطر وجودي يتهدد بقاء دولتهم، حيث التحديات الخارجية المتمثلة بالتهديدات وتغير طبيعة " الأعداء"، وكذلك التهديدات الداخلية، ما تعيشه دولة الكيان من انقسامات سياسية ومجتمعية، والأخطر من ذلك ما يتهدد مؤسسة الجيش من تفكك وتصدع، فهو لم يعد "جيش الشعب"، كما سماه مؤسس دولة الكيان وأول رئيس وزراء فيها بن غوريون، بل هو الآن في طريقه لكي يصبح جيش نصف الشعب.
رداً على حملة بن غفير على رفع العلم الفلسطيني، انطلقت حملة ميدانية لرفع العلم الفلسطيني، في أزقة وشوارع القدس وعلى أعمدة الكهرباء ومأذون المساجد والمؤسسات التعليمية، وامتدت الحملة الى كافة إرجاء فلسطين التاريخية، وبالتوازي مع ذلك حصلت انتفاضة افتراضية شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، تضامناً مع فلسطين ورفضاً لقرار بن غفير، بحيث أطلق ناشطون حملةً للتغريد في مواقع التواصل الاجتماعي، تحت وسم "ارفَعْ_علمك".
وكما هي العادة في دعمها ونصرتها لفلسطين، أطلقت فضائية " الميادين" حملة "علمي هويتي".
العلم الفلسطيني، دفع الكثير من الشبان والفتيان أرواحهم ثمناً لرفعه، أو هناك من سجنوا لعدة سنوات لرفعهم هذا العلم، وخاصة في انتفاضة الحجر الفلسطيني، كانون أول /1987.
في كل المحافل والمهرجانات الدولية ترى العلم الفلسطيني حاضراً، حتى في أمريكا نفسها، تشاهد المسيرات والمظاهرات المناؤة للعنصرية والتطرف، وضد الظلم والاضطهاد والتمييز العنصري، تجد العلم الفلسطيني مرفوعاً، ومن شاهد مونديال كرة القدم " كأس العالم" في قطر تشرين ثاني وكانون أول/ 2022،شاهد هزيمة دولة الكيان، التي قنوانها ومحطاتها الفضائية والإخبارية، تواجدت هناك ،لكي يكون الى جانب الاحتفال بكأس العالم، احتقال بالتطبيع ،معتقدة دولة الكيان، بأن الجماهير العربية، التي وقعت حكوماتها على اتفاقيات العلاقات التطبيعية مع دولة الكيان رغم إرادة شعوبها، ستكون في استقبال وفود وأعلام دولة الكيان، ولكن وجدوا عدا عن الدعم والتأييد العارم لفلسطين ولشعبها ولقضيتها، بأن العلم الفلسطيني يرفع في الشوارع وفي الطرقات وفي محطات الحافلات والقطارات وفي داخل الملاعب وعلى صدور العديد من الفرق الرياضية، بينما هم ترفض الجماهير العربية من مختلف أقطارها الحديث معهم، وما أن يعرفوا أنه ينتمون لدولة الكيان يقطعون اللقاء والمقابلة معهم ويهتفون لفلسطين ولشعبها وقدسها ومقدساتها، حتى سائقي السيارات العمومية، عندما علموا بهويتهم انزلوهم من سياراتهم، وكذلك فعل أصحاب المطاعم بطردهم من مطاعمهم، ولتعلن دولة الكيان، بأن سقف تطبيعها زجاجي مع دول النظام الرسمي العربي المنهار، وكذلك في محاولة الانقلاب الفاشلة التي جرت على الرئيس البرازيلي لولا دي سلفيا ،أقدم على إقالة سفير بلاده في دولة الكيان، حتى لا يظهر علم دولة الكيان في اعمال الشغب.
ولا ننسى الحضور الطاغي للعلم الفلسطيني، في دول أمريكا اللاتينية، حيث الاحتفالات والمهرجانات بالانتصارات لقوى اليسار، تجد العلم الفلسطيني حاضراُ بقوة فيها، وكذلك العديد من قادة تلك الدول كانت الكوفية الفلسطينية، حاضرة على صدورهم وأكتافهم متوشحين فيها، الزعيم الفنزويلي السابق الراحل الكبير تشافيز وخلفه ما دورو ولولا دي سلفيا وغيرهم.
أما في اليابان، انطلقت الناشطة اليسارية والزعيمة السابقة والمؤسِّسة للجماعة، التي حُلَّت لاحقاً، والمعروفة بالجيش الأحمر الياباني، فوساكو شيغينوبو، ثم أمضت 20 عاماً في السجن بسبب شنّها هجمات حول العالم مناصِرةً للقضية الفلسطينية، ورفعت العلم الفلسطيني في أكثر من محطة، كما أبت أن تغادر السجن من دون ارتداء الكوفية الفلسطينية.
ولا ننسى المباريات التي كانت تجري ما بين العديد من الفرق وفريق دولة الكيان لكرة القدم، كنا نجد العلم الفلسطيني حاضر على جنبات الملاعب، على سبيل المثال لا الحصر، قامت جماهير منتخب سيلتيك الإسكتلندي، المعروفة بدعمها فلسطين، برفع الأعلام الفلسطينية في عدد من المباريات، جنباً إلى جنب لافتات أخرى تَدِين الاحتــلال الإسرائيلي. والعلم الفلسطيني كان يرفرف في الكثير من الفعاليات الفنية والثقافية العالمية والدولية.
بن غفير وبقية جوقة المتطرفين من أركان حكومة نتنياهو، لن ينتصروا في معركة منع رفع العلم الفلسطيني، فهذا الشعب عصي على الكسر والاستسلام، مهما تعاظمت المؤامرات عليه واشتد القمع والبطش، وسيبقى العلم الفلسطيني خفاقاً في سماء فلسطين وفي كل الفعاليات والأنشطة والاحتفالات والمهرجانات والمناسبات الوطنية والدينية وفي وداع الشهداء واستقبال الأسرة المحررين، فهو رمز عزة وكرامة هذا الشعب، ورمز نضاله وتضحياته ومقاومته المستمرة منذ أكثر من مئة عام.