عندما أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 19/67 رقم 194 في 29/11/2012 لصالح منح فلسطين صفة دولة مراقب (أيد القرار 138 دولة، وعارضه 9 دول، وامتنعت 41 دولة عن التصويت)، كان يعتقد أن "الرسمية الفلسطينية" (منظمة تحرير وسلطة) ستنتقل خطوة جديدة في سياق الصراع مع دولة العدو القومي، بتعزيز قيمة القرار 194 سياسيا وعمليا.
كان قرار الأمم المتحدة والمؤيد بعدد كبير من دول العالم، نقلة نوعية وتاريخية في إطار الاعتراف بدولة فلسطين فوق أرضها المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة، قرار جاء تعويضا نسبيا عن قرار تقسيم فلسطين عام 1947، والذي لم يتم تطبيقه، بزعم رفض قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية في حينه للقرار، رغم ان دولة الكيان لم تقبل 99% من قرارات الأمم المتحدة، منذ قيامها باغتصاب 78% من أرض فلسطين التاريخية.
جاء قرار 19/ 67 لعام 2012، نقلة نوعية سياسية في سياق الصراع المركزي، عندما أعادت الأمم المتحدة تصويب ضبابية قراري مجلس الأمن 242، و338، اللذين تحدثا عن "أراضي محتلة"، في غياب الإشارة لأرض فلسطين، وهو ما اعتبر تغيير في كل قرارات الشرعية الدولية اللاحقة، وتأثيرها على المحكمة الجنائية الدولية، وكذا محكمة العدل الدولية، التي ستصوب موقفها عام 2004 حول "الجدار العازل"، المنسوب لطرف ثالث وليس فلسطين.
ولعل القيادة الرسمية الفلسطينية، أساءت كثيرا لقيمة القرار الأممي، بتجاهلها النضال من أجل تكريسه واقعيا، والانتقال الى مرحلة جديدة، من خلال إرساء دول فلسطين تحت الاحتلال، والخلاص كليا من "مفهوم" المرحلة الانتقالية، بكل ما لها وعليها، وبما يشمل ترتيب مفهوم العلاقة مع دولة الكيان العنصري، ضمن رؤية شاملة لـ "فك الارتباط".
منذ عام 2915، والمؤسسات الشرعية تطالب بوضع حد واضح لـ "فك الارتباط"، بكل جوانبها، من تعليق الاعتراف المتبادل الى استبدال مكونات السلطة القائمة منذ عام 1994، وطال زمنها الانتقالي بـ "خطيئة سياسية" كرستها الانتخابات عام 2006، وكسر سياسة العدو بتحويل الانتقالي الى وضع نهائي، خاصة بعدما كشفت حكومات الكيان عن رؤيتها الحقيقية لرفض أي تسوية سياسية أو سلام ضمن إطار قرار الشرعية الدولية الخاص بدولة فلسطين، بعد رفض لاتفاقيات أوسلو والتي شملت (إعلان المبادئ 1993، والاتفاق الانتقالي 1995).
الإشكالية السياسية الجوهرية، التي غرقت بها "قيادة الرسمية الفلسطينية" استمرارها التعامل مع المناورة الأمريكية التي قدمها جورج بوش الابن يونيو 2002، تحت مسمى "حل الدولتين"، وكان هدفها الحقيقي ليس الذهاب لدولة مقابل دولة، بل تصفية الرئيس المؤسس الخالد ياسر عرفات مقابل "وهم دولة"، وأكدت مسار الأحداث جميعها، صوابية ذلك، كون أمريكا لم تقدم خطوة واحدة، يعزز قيام دولة فلسطين، بل انها كانت دائما تعارض أي قرار أممي لصالحها.
ولذا، من المنطق السياسي والوطني، ان تعمل القيادة الرسمية للشعب الفلسطيني على وقف الحديث كليا عن خديعة "حل الدولتين"، والذهاب نحو تكريس مفهوم الاعتراف بدولة فلسطين، وتنتقل الى قرار المعترفين به يتجاوز عدد المعترفين بدولة الكيان العنصري، والحديث عن بحث طرق لتنفيذ القرار الأممي وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 377 أيه، والمسمى أيضًا قرار "الاتحاد من أجل السلام" نوفمبر 1950، ليصبح هو آلية التنفيذ المقبول، بديلا للحديث عن كلام وهمي تحت مسمى "حل الدولتين".
إعادة الاعتبار لقرار الأمم المتحدة، "الاتحاد من أجل السلام" يجب ان يبدأ من الاهتمام الرسمي الفلسطيني به، ووضعه كجزء من جدول الأعمال، وتكرار تجربة مبادرة وزراء الخارجية العرب عام 2015. ليصبح أحد ثوابت المواقف الرسمية فلسطينيا وعربيا.
الاستمرار في الحديث عن "حل الدولتين" هو استمرار في ترويج "الضلال السياسي" على حساب دولة فلسطين، وغيره يكون خدمة لمشروع مضاد للوطنية الفلسطينية.