في سلوك يكشف جوهر العنصرية اليهودية السائدة في دولة الكيان، أقدمت حكومة نتنياهو باعتقال الناشطة الإيطالية ستيفانيا كونستانتيني من بيت لحم وقامت بعملية ابعادها، دون أي تقدير واحترام للبعد الإنساني، وبهمجية واضحة، فقط لكونها تضامنت مع أهل فلسطين.
الابعاد، شكلا ومضمونا كشف حقيقة العنصرية التي باتت تسيطر بشكل صريح في النظام القائم بدولة الكيان، ليس ضد الفلسطيني، فتلك سمة من سمات الحركة الصهيونية منذ تأسيسها، واغتصابها لاحقا أرض فلسطين وارتكابها جرائم حرب وعدد من المجازر كانت تكفي لاعتبارها "دولة خارج القانون"، لكن الرعاية الأمريكية – الاستعمارية، وضعف خاص للواقع العربي، دولا وحكومات وقوى، أحال دون ذلك.
ما حدث، مع المتضامنة الإيطالية ستيفانيا من شكل الاعتقال وطريقة الابعاد، يوم الاثنين 16 يناير 2023، وبمصادفة غريبة، ان يكون السلوك المنهجي في توقيت اتصال تهنئة وزير خارجية إيطاليا لوزير خارجية دولة العنصرية كوهين، ما يكشف مدى الاستهتار السائد في حكومة نتنياهو، نتاج معرفتها المسبقة بغياب العقاب، أي كان سلوكها بعدما غاب عنها جراء ارتكابها جرائم حرب لا تتوقف منذ العام 1948، حتى صباح 17 يناير 2023.
ما قالته المتضامنة الإيطالية حول طريقة ابعادها، يجب أن يكون مادة إعلامية وترويجية، تظهر أن البعد العنصري لدولة الاحتلال، ومظاهرها الفاشية لا تقتصر فقط على الفلسطيني، في أرض فلسطين التاريخية، بل مع كل من تراه جزءا من الحركة الفاعلة ضد احتلالها لشعب وأرض، تحديا فاجرا لكل ما له علاقة بالشرعية الدولية.
عند وصولها الى مدينتها "بيزا" وصفت ستيفانيا، ما حدث معها، لوكالة فرانس برس يوم الثلاثاء، أنها تعرضت "للضرب" و"ألقيت على الأرض" خلال اعتقالها على أيدي 20 جنديا تقريبا في المنزل الذي كانت تقيم فيه، وأنها "حاولت المقاومة وضربوني كثيرا، عصبوا عينَي وكبلوا يدَي (...) وصرخوا بوجهي قائلين إنني +إرهابية+".
لوحة تختصر مشاهد كافية لتصبح مادة إعلامية ترويجية لفضح دولة الفاشية اليهودية وحكومتها بقيادة نتنياهو بن غفير سموتريتش، والذين أعادوا تعريف "الإرهاب" ليصبح "التضامن" بذاته فعل من أفعال الإرهاب، وتلك بذاتها جريمة فكرية وسلوكية معاصرة.
حقيقة تراجعت حركة المتضامين الدوليين القادمين لمشاركة الشعب الفلسطيني مواجهته للعدو الاحتلالي داخل فلسطين وخارجها، بعدما كانت ظاهرة شمولية من مختلف بلدان العالم، وسمة ميزت النضال العام، وبالتأكيد معها أصيبت حركة النشاط داخل إسرائيل، من قوى يهودية بضربة كبيرة، لأسباب مختلفة، بينها مظاهر داخلية فلسطينية أنهكت الحركة التضامنية العالمية، الى جانب السلوك الفاشي في الكيان.
ورغم التراجع الكبير في الحركة التضامنية، لكن نموذج "ستيفانيا" لم يختف، وما حدث معها ليس سوى هوس وهستيريا وهلع من عودة "التدفق التضامني" الذي شهدته فلسطين في زمن سابق، وجب تعميم ما كان سلوكا إجراميا مع الإيطالية التي اختارت فلسطين لتكون بوابتها في التعبير عن موقفها الإنساني ضد الظلم والكراهية والاحتلال.
تستحق "ستيفانيا" تكريما وطنيا فلسطينيا كرسالة سياسية بأن قيادة الشعب الفلسطيني وفصائله، لا تغمض عينيها مع كل من دفع ثمنا ليكون الى جانب الحق والحقيقة، وفي مواجهة الفاشية والعنصرية المعاصرة في دولة الكيان.