مع تشكيل بنيامين نتنياهو حكومته الجديدة، لم يعد هناك خلاف على أن سياسة الحكومة الإسرائيلية قد جنحت إلى أقصى يمين أي حكومة إسرائيلية سابقة.
جديد الدولة الصهيونية، التي تسير في طريق “الداعشية”، هو حالة الاستقطاب الحاد بين الحكومة والمعارضة، التي وصلت حد تحذير وزير الدفاع السابق بيني غانتس من اندلاع "حرب أهلية"، مع كشف وزير العدل ياريف ليفين عن خطة مثيرة للجدل لإدخال "إصلاحات" جذرية على منظومة القضاء، اعتبرتها المعارضة بقيادة رئيس الوزراء السابق يائير لابيد "انقلابا قضائيا" و"نهاية للديمقراطية".
ماذا يعني هذا، في ظل هكذا حكومة؟!! الأخطر فيما يسمى "الإصلاحات" هو "تسييس الجهاز القضائي وسلبه الأدوات الرقابية على السلطتين التشريعية والتنفيذية، وتقييد المحاكم، ونزع الأدوات القانونية التي تمكن القضاة من الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان"، وهذا بحسب تصريحات رئيسة المحكمة العليا، القاضية إستر حيوت، حيث تهدف "الإصلاحات" إلى تقويض المحكمة العليا والالتفاف على قراراتها والحد من صلاحيات السلطة القضائية، مقابل تعزيز مكانة وصلاحيات الحكومة والكنيست، أي الحد من سلطة وصلاحيات المحكمة العليا، وتمكين الحكومة والأحزاب السياسية من التحكم في لجنة اختيار القضاة في المحاكم عبر تعيين أعضاء في اللجنة من الأحزاب والسياسيين، ومنع إشراك القضاة في عضويتها، والحد من صلاحيات المستشار القضائي للحكومة، وكذلك المستشارين القضائيين لمختلف الوزارات، حيث تمنح الصلاحية للوزير تعيين أو إقالة أي مستشار قضائي في مكتبه.
هناك من اعتبر هذه “الإصلاحات” بمثابة انقلاب سياسي يمهد إلى تغير جوهر نظام الحكم في إسرائيل، وقد كان تصريح رئيس المحكمة العليا السابق القاضي المتقاعد أهارون باراك الأكثر حدة في رده، حيث قال "الإصلاحات التي يطرحها ليفين هي قلادة مصنوعة من حبات من السم"، و"إن تم تطبيقها كاملة فستكون بدايةً خراب الهيكل الثالث"… وهو التعبير التوراتي لوصف زوال إسرائيل. من جهته، حذر المدعي العام السابق لإسرائيل مايكل بن يائير من أن “إسرائيل ستصبح "دكتاتورية" تتحكم بها "أغلبية برلمانية عادية"، على غرار بعض ديمقراطيات ما بعد الاتحاد السوفياتي في أوروبا الشرقية”.
من جهته، كتب الوزير الأسبق عوزي برعام يقول: "يدّعي ليفين أن الإصلاحات تعكس إرادة الشعب. أيُّ شعب هذا؟ الحريديم، الذين كان سيُفرحهم إلغاء المحاكم الكافرة كلها؟ المتدينون القوميون الذين يريدون توجيه القضاء بحسب الشريعة؟ هؤلاء هم أعداء سلطة القانون وداعمو حكم الحاخامين. الحديث يدور عن 50% من ائتلاف نتنياهو. واستناداً إليهم، يريد كلٌّ من نتنياهو وليفين تحقيق طموحه بالانقلاب على الحكم؟ فهما يستندان إلى فئات هامشية في المشروع الصهيوني، ويريدان قيادة دولة "متنورة" على الصعيد السياسي والاقتصادي لتتحول إلى مسخ عقلي واجتماعي واقتصادي؟". أما إستر حايوت رئيسة المحكمة العليا الإسرائيلية فقالت: "الإصلاحات المقترحة ستسحق منظومة العدالة وتقوض الديمقراطية. ذلك سيوجه ضربة قاضية لاستقلال القضاة".
بعد أن شهدت الدولة الصهيونية احتجاجات نظمتها المعارضة، بمشاركة نحو 100 ألف إسرائيلي رفضا "للإصلاحات القضائية"، اعتبر الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ أن إسرائيل في خضم "نزاع عميق" يمزقها. فتغيير تركيبة القضاء وصلاحياته مفيدة لنتنياهو الذي يحاكم بتهم الفساد ومفيدة أيضا لائتلافه القومي الديني الذي يسعى لتمهيد الطريق لقوانين تتعدى على الليبراليين العلمانيين والأقليات!!!. فهل تصيب حبوب السم المتجسدة في هذه الاصلاحات بنيه الدولة الصهيونية وتكون مقدمه لبداية الانهيار الموعود والمأمول؟… وما اضيق العيش لولا فسحه الأمل !