لقد فاجأ قرار المحكمة العليا الإسرائيلية الساسة داخل المستعمرة، اعتبار تعيين زعيم حركة شاس اريه درعي مخالفا للنظام ويجب إسقاطه فورا، قرار المحكمة العليا بمثابة خطوة استباقية لمخطط حكومة نتنياهو بتغيير النظام القضائي وإلغاء سلطته الاعلى من سلطة الكنيست الاسرائيلي، وذلك عبر مشروع تقدم به وزير العدل الصهيوني ياريف ليفين يجعل تعيين القضاة من صلاحيات السلطة التنفيذية (الساسة)، والذي أحدث ردات فعل كبيرة في الشارع الاسرائيلي واعتبار هذا المشروع انقلاب على سلطة القضاء وانهاء دورها كأعلى سلطة داخل دولة الاحتلال .
حاولت حكومة نتنياهو اصدار عدة قرارات قبل تنصيب الحكومة وخاصة قرار تعيين اريه درعي والذي اطلق عليه قانون درعي يسمح بتعيين من اتهم بقضايا جنائية وفساد بحقائب وزارية ، و بعد قرار المحكمة العليا يتضح أن خطوة تعيين أو تمرير قانون درعي لم يكن محصنا بالشكل الكامل حيث أن قانون تعديل القضاء كان يجب أن يسبقه، وهذا يفتح تساؤل مهم هل كان تأجيل قرار تعديل القضاء خطوة مقصودة من نتنياهو أم سقط الأمر سهوا من نتنياهو .
المهم ان قرار المحكمة العليا الاسىرائيلية امس كان محكما و كمن اغلق الباب ورمى المفتاح في بئر عميق لن يستطيع أن يصل إليه أحد .
بالتأكيد هذا القرار له ارتدادات كثيرة على حكومة نتنياهو التي ستحاول حل هذه الفجوة بتعيين وزير جديد من حركة شاس الحليف الاستراتيجي لنتنياهو ، باقي الوزراء قد يكون محصنين من ناحية قضائية ولكن يمكن الطعن في الصلاحيات التي منحت لوزير الأمن القومي اتيمار بن غفير و الوزير الثاني في وازرة الحرب سمرتريتش لكن دون الطعن في تعيينهم ، ورغم ذلك لا اتوقع أن تتفكك حكومة نتنياهو نتيجة قرارات المحكمة العليا ولكن اهم تأثير عليها هو حركة الشارع الاسرائيلي ضد الحكومة و تحكم رجال الدين في الدولة .
هذا الحراك دفع الكاتب السياسي الأمريكي الصهيوني المعروف توماس فريدمان لمناشدة الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن بضرورة تدخل البيت الأبيض لمنع انهيار الوضع القائم و منع تفكك دولة الاحتلال نتيجة سلطة اليمين و رجال الدين الذي ينذر بحدوث صراع اهلي داخلي داخل دولة الاحتلال ويدفع لتفككها ، نتيجة الصراع بين الاحزاب الدينية والأحزاب العلمانية .
وأتوقع أن يتحرك البيت الأبيض ليس فقط تلبية لمناشدة فريدمان ولكن من باب الحفاظ على هذا الكيان الذي يعتبر أكبر حليف للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، مع ضرورة بقاء حالة اللاحرب واللاسلم بين الجانب الفلسطيني والاسرائيلي كفلسفة لبقاء دولة الاحتلال نتيجة استمرار التهديد الخارجي ، كما أن بقاء السلطة الفلسطينية هو مصلحة أمريكية وبالتالي سيتحرك الامريكان لمنع انهيار السلطة نتيجة سلوك حكومة نتنياهو تجاهها و ستشهد الايام القادمة جولات مكوكية أمريكية من أجل ذلك .