- وزارة الصحة اللبنانية: استشهاد طفلتين ووالدهما وإصابة شخص في غارة إسرائيلية على الماري بقضاء حاصبيا
- شهداء ومصابون في قصف إسرائيلي على منطقة قيزان النجار جنوبي مدينة خان يونس
- شهيدان في قصف الاحتلال لعدد من الأهالي في محيط منطقة الصناعة غرب مدينة غزة
ربما كان أكثر قيمة سياسية لو أن الحديث الإعلامي اتجه للتركيز على زيارة رئيسي المخابرات في الشقيقة مصر وكذا الشقيقة الأردن الى رام الله، ولقاء الرئيس محمود عباس عن زيارة وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن، التي كانت مركز "الجذب" والاهتمام.
للمرة الأولى يذهب رئيس المخابرات المصرية والأردنية إلى رام الله، في توقيت استباقي لوصول مسؤول أمريكي وبعد مغادرة مدير المخابرات الأمريكية، ما يمنح حضور اللوائين عباس وحسني أهمية ربما تفوق كثيرا ما كان للوزير بلينكن، حيث ردد كلاما محفوظا جدا، ولكن بطريقة مملة، لم تعد تترك بصمة يمكن اعتبارها إضافة لما سبق الكلام عنه، فيما الزيارة "الأمنية" تستحق لارتباطها بحساسية المشهد العام، في ظل تنامي الفعل الكفاحي الفلسطيني ردا على جرائم حرب الكيان العنصري، وقرارات "القيادة الرسمية" ومنها وقف التنسيق الأمني.
وتدقيقا في زيارة بلينكن الخاطفة الى رام الله، لن يقف المتابع أمام أي موقف يمكن اعتباره "خدمة سياسية مسبقة" للطرف الفلسطيني، من أجل الاستجابة لقائمة مطالب حكومة نتنياهو الفاشية، عبر الإدارة الأمريكية، وكل ما يريده أن تواصل "الرسمية الفلسطينية" ثقتها بأمريكا وإن أثبتت الحياة السياسية أنها ليست جديرة بالمطلق بأي مظهر من مظاهر الثقة، بل العكس تستحق كل أشكال الرجم السياسي لما فعلت جدارا واقيا للفاشية القائمة في دولة الكيان، وعرقلة للتطور الكياني الفلسطيني.
مشهد بلينكن، بعد اللقاء وتصريحاته الصحفية تلخص الهدف الأمريكي العملي، بأن تستمر "الرسمية الفلسطينية" في الانتظار زمنا مضافا عما كان، دون أن تقاوم مشروع تهويدي متسارع في الضفة والقدس، وأن تواصل عدم القيام بخطوات "استفزازية" لإدارة بايدن، وتتوقف عن الذهاب الى المؤسسات الدولية، باعتبارها "خطوات أحادية" لا تخدم "حل الدولتين"، وأن تعود للتنسيق الأمني مع الطرف الذي يعتبرها "عدوا"، وليس طرفا أو "شريكا"، الى جانب جرائم حربه اليومية ضد الشعب الفلسطيني.
بلينكن، حاول "التذاكي السياسي" عندما أشار الى أن القيام بتلك الخطوات "الفلسطينية" سيكون له تأثير على "حل الدولتين"، في رسالة مبطنة لتحميل الطرف الفلسطيني مسؤولية مجهولة، ما لم يرضخ أو بالأدق يستسلم لرغبة إدارته، بالصمت والخنوع، وغير ذلك فهو المتهم الأول.
بلينكن، والذي وصل الى رام الله دون أن يتمكن من الحصول على "تعهد" من حكومة الفاشية الجديدة في تل أبيب، حول هدم المنازل وعمليات التطهير العرقي ووقف أي نشاط استيطاني، أراد أن يأخذ من "الرسمية الفلسطينية" مما لديها بعضا من "أوراق فعل" ليجردها من سلاح البقاء الإيجابي في علاقتها بالشعب الفلسطيني، بعدما خسرت كثيرا لاختيارها "السمع لأمريكا" طويلا، واغلاق أذنها عن مطالب أهل فلسطين، تجريد دون مقابل سوى "ثقوا بأمريكا".
بلينكن، تحدث عن الضرر الذي سيطال تنفيذ "حل الدولتين" لو واصل الطرف الفلسطيني سلوكه، موقف يستغبي البشرية عامة، وليس طرفا، للتذكير بأن شعار "حل الدولتين" تم عرضه من قبل رئيس أمريكا بوش الابن يونيو 2002، أي قبل 21 عاما، ومن وقف رافضا له ومنع تنفيذه هي دولة الاحتلال، وقدمت منظمة التحرير والسلطة كل ما طلب منها في سياق البحث عن آلية تنفيذ ذلك الشعار، بل أن حكومات الكيان العنصري المتلاحقة عملت بكل ما يمكنها لتدمير الكيانية الفلسطينية الناشئة، وليس فقط عرقلت تنفيذ حل قيام دولة بجانب دولة وفقا لتعبير "حل الدولتين".
استمرار محاولة تزوير المسار السياسي، بتعابير أن "الطرفين" يتحملان مسؤولية التعطيل، فتلك جريمة سياسية كاملة الأركان، لا يجب استمرارها ابدا، فهناك طرف واحد لا غير من دمر كل إمكانية لحل سياسي منظور، ليس وفق ما أراد الشعب الفلسطيني بل وفق ما قدمته الإدارة الأمريكية في معادلتها بـ "حل الدولتين".
انتهت زيارة "بلينكن"، وترك وفدا لممارسة الخداع وامتصاص "فورة غضب" القيادة الرسمية، ما سيعيد دوامة تكررت منذ 1996، مع الدخول الأمريكي الأول في التفاوض مع حكومة العدو، التي كانت أيضا برئاسة نتنياهو، وبعدما تأكدت أن اغتيال رابين اغتال اتفاق أوسلو الذي أصاب "التهويدية" بمقتل، ولعل الرئيس عباس أكثر من غيره يعلم حقيقة كل "وعد" أمريكي مقابل ثمن فلسطيني مسبق..ولا نظن أنه نسي كل ما كان منذ يونيو 2002 وحتى تاريخه.
كل تنازل رسمي فلسطيني مما كان قرارات رغم ضبابتيها، مقابل وعد أمريكي سيكون خطوة تحريض عدائية مضافة على صاحب القرار..فحاذروا سقوطا وطنيا قد لا يكون منه مخرجا!