الأسبوع الماضي شهدت المنطقة كثافة اتصالات أمريكية مع أطراف متعددة في المنطقة ولحقها العديد من اللقاءات الامريكية الفلسطينية من خلال زيارة (انتوني بلينكن )وزير الخارجية الأمريكي ومدير المخابرات الامريكية (وليم بيرنز) اللذين عقدا أيضا مباحثات مهمة مع رئيس الحكومة الإسرائيلية ووزير جيشة ورئيس الشاباك في محاولة لأقناعهم بتخفيض التصعيد ضد الفلسطينيين ,واعلن (انتوني بلينكن) عبر توتير بانه "اختتم رحلة مثمرة الي دولة الاحتلال والضفة الغربية وأضاف انه أي الإدارة الأمريكية "ستواصل دعم الأطراف وكل الجهود المبذولة لتهدئة التوترات " وكان بلينكن قد طالب الرئيس أبو مازن خلال اجتماعه برام الله ان تكون هناك خطوات سريعة للتخفيف التصعيد والعنف وخلق مساحة تسمح للإدارة الامريكية بإعادة الشعور بأمن الجانبيين مع انه يعتقد ان هذه الخطوات ليست كافية, واعلن "انه يتوجب الاستمرار بالعمل ليتمتع الفلسطينيون والإسرائيليون بنفس الحقوق والفرص" وعبر عن شعورة بان الفلسطينيين محبطون ولا يرون أي امل في المستقبل وهذا ما يهدد الفرص مع مرور الوقت , لكنه في ذات الوقت شدد على التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل والإسرائيليين وان هذا الالتزام لن يتغير ابدا " ..! واكد ان إدارة بايدن تعمل على تعميق اتفاقات ابرهام بهدف تعزيز امن إسرائيل في المنطقة متجاهلاً بذلك ان السلام العادل والشامل مع الفلسطينيين اولاً هو الذي يعزز امن واستقرار جميع دولة المنطقة بما فيها دولة الاحتلال.
لم تكن زيارة بلينكن هي التحرك الوحيد بالمنطقة لان هناك تحرك مصري اردني مهم بالمقابل تداركاً لانفجار المشهد بشكل دراماتيكي ما يُصعب أي دور عربي او دولي للحديث عن الامن و الاستقرار , الحقيقة ان لقاء رؤساء المخابرات المصرية والاردنية مع القيادة الفلسطينية حمل رسائل مهمة ,أولها ان مصر والأردن معنيتان بالا تتفجر الأوضاع وتصل الى حد لا يمكن السيطرة علية لان دولة الاحتلال باعتقادي تريد ان توصل الأمور الى هذا الحد ولا ترغب بالمطلق بالتهدئة من طرفها ولا يخفي على احد ان الرجلين طالبا من الرئيس أبو مازن بذل جهد مضاعف لوقف العمليات الفدائية التي تنطلق من المدن الفلسطينية ,في ذات الوقت ان جهود المخابرات الأردنية والمصرية تأتي بالتنسيق مع المخابرات الأمريكية باعتبار ان مصر والأردن دولتان معنيتان باستقرار المنطقة ووقف التوترات بين الفلسطينيين والإسرائيليين الى مستوى يسمح بالبناء عليه لفتح مسار السلام من جديد . لعل هذه التقاطعات في الجهود تؤكد ان هناك جهودا مشتركة لنزع فتيل التفجير في المنطقة والذي بات معروفا انه بيد الاحتلال لان أي تصعيد من قبل الاحتلال تجاه الفلسطينيين يقابل بمقاومة شرسة من الفدائيين الفلسطينيين ولا يمكن ان تهدأ المناطق الفلسطينية الا بكف يد المحتل القاتلة عن رقاب أبناء الشعب الفلسطيني ووقف الاعدامات الميدانية والاعتقالات الليلية والاستيطان وكل مخططات حكومة نتنياهو الفاشية.
الضغط الأمريكي على القيادة الفلسطينية أكثر من الطرف الاخر لاسيما انهم قدموا للفلسطينيين وحدهم خطة امنية يكون الامريكان فيها شركاء لمساعدة الأجهزة الأمنية الفلسطينية على أداء دور اكثر فاعلية للسيطرة على المناطق بالضفة الغربية دون ان يحققوا نجاحا على الجانب الاخر من المعادلة أي أجهزة الامن الإسرائيلية والجيش بوقف كافة عملياتهم تجاه المدن الفلسطينية ورجال المقاومة. للأسف فشل الامريكان حتى الان في اقناع الطرف المعتدي أي دولة الاحتلال وقف كافة الإجراءات العقابية بحق الفلسطينيين وبالتالي يشعر الفلسطينيون ان الامريكان غير جادين في مساعيهم لدى الإسرائيليين ولم يمارسوا ضغطا كافيا بالمقابل لإجبار قادة الاحتلال وقف مخططاتهم التصفوية باتجاه السلطة الفلسطينية وكبح جماح الحرب المسعورة التي تشنها وزارتي الجيش والامن على الفلسطينيين بالضفة الغربية والقدس بالإضافة الى وقف كافة الإجراءات التنكيلية والعقابية من قبل وزير الأمن المتطرف (ايتمار بن غفير) تجاه الاسرى الفلسطينيين ,ووقف مشاريع قوانين اعدام الاسرى الفلسطينيين بالرصاص او على الكرسي الكهربائي. ان رفض الفلسطينيين العمل بالخطة الأمنية الامريكية كان من اهم الخطوات التي توحد الجهد الفلسطيني نحو صد الاحتلال المجرم ومواجهة كافة اجراءاته العقابية وسياسة التفتيت التي تتبعها حكومة نتنياهو والمتشددين للكينونة السياسية الفلسطينية والتي ما باتت تخفى على احد , ورفض الخطة يعتبر من اهم الخطوات لمواجهة مخطط خبيث للإيقاع بين رجال المقاومة والأجهزة الأمنية الفلسطينية من جديد بحيث لا يخرج الفلسطينيون من هذا الصدام الا بانهيار السلطة ما يمهد الطريق امام دولة الاحتلال للبدء بالخطة التالية وهي تنصيب حكام عملاء تجهزهم لهذه المرحلة يعملون تحت السيادة الأمنية الاسرائيلية.
فشل الأمريكان في مسعاهم بسبب غياب العدالة في التدخل، وفشل وزير الخارجية الأمريكي لأنه لم يحمل أية إفكار سياسية تهيئ لإعادة الطرفيين لمسار الحل النهائي، وفشل لأنه لم يستطع اقناع قادة الاحتلال بوقف كافة الاجراءات الاحتلالية. فقد اغتالت دولة الاحتلال خمسة فلسطينيين في مخيم عقبة جبر بأريحا بعد حصارها لعدة أيام في تحديث جديد لدائرة الدم والمواجه مع الفلسطينيين ما يعني ان دولة الاحتلال مصرة على تنفيذ مخطط اعدام كل رجال المقاومة بالمدن الفلسطينية والتخلص منهم ,وبهذا تغلق أي مساحة تركت للوسطاء ان جاز لنا ان نسمي الامريكان وغيرهم وسطاء لبذل مزيد من الجهد لأقناع المحتل بقبول نزع فتيل التوتر لان( بن غفير) ماض في فرض العقوبات المجرمة على الاسرى الفلسطينيين ,بل انه يتباهى بفرض المزيد لأنه يعتبر الاسرى الفلسطينيين مجرمين ويجب ان يتعاملوا كمجرمين دون ان يحصلوا على أي حياة ادمية بالمعتقل الى حين إقرار قانون الإعدام وهذا من شانه ان يسرع من تفجر المشهد بشكل لا يمكن السيطرة علية بين الإسرائيليين والفلسطينيين لان قضية الاسرى لدي الشعب الفلسطيني قضية خط احمر كالقدس واللاجئين والحدود. ان هذه العملية تؤكد استمرار الحرب المفتوحة ضد الفلسطينيين ,وتؤكد ان كافة مساعي رجل البيت الأبيض فشلت ومساعي مساعديه الذين تركهم في المنطقة للعمل مع الطرفين باتت لا شيء امام استمرار هذه الحرب، وما نتوقعه اشتداد وتيرتها في الفترة المقبلة ان تركت دولة الاحتلال على حل شعرها تستهدف الفلسطينيين بمزيد من الإجراءات العقابية .